المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌((خطبة صاحب هذه المجلة)) - آثار ابن باديس - جـ ٣

[ابن باديس، عبد الحميد]

فهرس الكتاب

- ‌قسم الإصلاح والثورة ضد البدع

- ‌يتكلمون بما لا يعلمون

- ‌الجهة الأولى:

- ‌الجهة الثانية:

- ‌الجهة الثالثة:

- ‌ما هكذا عهدنا أدب صروف

- ‌جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌تمهيد:

- ‌ماذا كان يدبر للاستيلاء على الجمعية:

- ‌نكتة المسألة:

- ‌كيف كنا وكيف كانوا:

- ‌صبيحة يوم الإثنين وما صبيحة الإثنين:

- ‌لوازم واستاجابات:

- ‌مساء الإثنين:

- ‌يوم الثلاثاء:

- ‌كيف كان الترشيح للإنتخاب:

- ‌عناصر مجلس الإدارة:

- ‌رئاسة الجمعية:

- ‌بواعثنا - عملنا- خطتنا- غايتنا

- ‌((عبداويون))! ثم ((وهابيون))

- ‌الدعاء منه عادة ومنه عبادة

- ‌لا يجوز دعاء غير الله ولا أحد مع لله

- ‌من دعا غير الله فقد عبده

- ‌التوسل بالنبي- صلى الله عليه وآله وسلم غير دعائه

- ‌نصيحة بنصيحة

- ‌كلمة كفر لو دري قائلها

- ‌جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌إنكار العلماء المتقدمين على المدعين المبتدعين

- ‌إنكار الإمام القشيري، صاحب الرسالة القشيربة، من أهل القرن الخامس:

- ‌إنكار الإمام أبي بكر الطرطوشي المالكي، من أهل القرن الخامس والسادس:

- ‌إنكار الإمام أبي حيان الأندلسي، من أهل القرن السابع والثامن:

- ‌إنكار الإمام أبي إسحاق الشاطبي المالكي، من أهل القرن الثامن:

- ‌إنكار الإمام القلصادي المالكي، من أهل القرن التاسع:

- ‌إنكار الشيخ عبد الرحمن الأخضري الجزائري، من أهل القرن العاشر:

- ‌إنكار الشيخ عبد الكريم الفكون القسنطيني، من أهل القرن الحادي عشر:

- ‌إنكار الشيخ مصطفى لعروسي، من أهل القرن الثالث عشر:

- ‌الصوفي السنيبين الحكومة السنية والحكومة الطرقية

- ‌الإسلام دين علم خالد

- ‌طلب الآخرة وحدها مذموم فى الإسلام

- ‌بيان عن هلال شوال

- ‌المجتنيات من الجرائد والمجلات

- ‌التقرير الأدبي

- ‌العناية بهلال رمضان وثبوته

- ‌العناية بهلال رمضان

- ‌إدارة البريد:

- ‌(الهيئة الشرعية بالعاصمة):

- ‌(رجاء من أصحاب الفضيلة القضاة والمفاتي):

- ‌(رجاء من الأمة):

- ‌(إلى رؤساء شعب الجمعية):

- ‌الإصلاح أمس واليوم

- ‌إحتفال جمعية التربية والتعليم الإسلامية بالحجاج

- ‌شيخ الإسلام بتونس

- ‌حول فتوى القراءة على الأموات

- ‌خبز وزيتون ومغفرة من الله:

- ‌جمعية أصوات وأنواع قراءات:

- ‌ حديث قراءة يس

- ‌إلى علماء جامع الزيتونة:

- ‌معاذ الله:

- ‌من آثار جمعية العلماء في تهدئة الأفكار

- ‌المجلة الزيتونية

- ‌المجلة التونسية

- ‌دعوة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وأصولها

- ‌لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة

- ‌نص الخطبة

- ‌جواب صريح

- ‌تمهيد:

- ‌تلخيص السؤال:

- ‌الجواب:

- ‌((كلمة إلى العلماء))

- ‌رسالة جواب‌‌ سؤالعن سوء مقال

- ‌ سؤال

- ‌الجواب:

- ‌الفصل الأول: في بيان خروج كلامه عن دائرة الأدب المرعية وتهجمه على الحضرة النبوية

- ‌الفصل الثاني: في بيان حرمة مخاطبة النبي- صلى الله عليه وسلم بمثل هذا الخطاب

- ‌الفصل الثالث: في أن هذا المقال لا يصدر من العارفين

- ‌الفصل الرابع: في بطلان عذره بعجمة ألسن المحبين

- ‌الخاتمة: في نصيحة نافعة ووصية جامعة

- ‌التقاريظ

- ‌تقريظ محمد النخلي:

- ‌تقريظ بلحسن النجار:

- ‌تقريظ محمد الطاهر بن عاشور:

- ‌تقريظ محمد الصادق النيفر:

- ‌تقريظ معاوية التميمي:

- ‌تقريظ شعيب بن علي بن عبد الله:

- ‌تقريظ محمد المولود بن الموهوب:

- ‌تقريظ العابد بن أحمد بن سودة:

- ‌تقريظ محمد بن العربي:

- ‌تقريظ عبد القادر بن محمد بن عبد القادر:

- ‌المقرظون، أسماؤهم ووظائفهم وبلدانهم:

- ‌تبيان:

- ‌قسم التربية والتعليم

- ‌أيها المسلم الجزائري

- ‌إصلاح التعليم بجامع الزيتونة، عمره الله

- ‌جمعية التربية والتعليم الإسلامية

- ‌منع التعليم الديني بالمساجد

- ‌إبطال الجمعية الدينية بالجزائر:

- ‌بعد عشرين سنة في التعليم

- ‌الدروس العلمية الإسلامية بقسنطينة

- ‌مقررات المجلس الإداري

- ‌المطلب الأول:

- ‌المطلب الثاني:

- ‌الدروس العلمية بالجامع الأخضر بقسنطينة

- ‌رجاء

- ‌صلاح التعليم أساس الإصلاح

- ‌ختم الدروس العلمية بالجامع الأخضر

- ‌تحية وشكر: إلى أبنائي الطلبة:

- ‌تقرير في التعليم المسجدي

- ‌نوع التعليم المسجدي:

- ‌الحاجة إليه:

- ‌وجوب القيام به:

- ‌الحالة التي هو عليها:

- ‌كيف ينبغي أن يكون:

- ‌بيان عن الحركة العلمية بالجامع الأخضر ونفقاتها

- ‌الطبقات: أربعة

- ‌النفقة:

- ‌نداء وبيان إلى الأمة المسلمة الجزائرية

- ‌لمن أعيش

- ‌مؤتمر المعلمين الأحرار

- ‌الإسلام الذاتي والإسلام الوراثي

- ‌يا لله! للإسلام والعربية في الجزائر

- ‌للدفاع عن الإسلام والقرآن ولغتهما:

- ‌بمناسبة قانون 8 مارس 1938م

- ‌الغرض من الجمعية:

- ‌في سبيل التعلم والتقدم

- ‌بماذا نعود:

- ‌حول قانون 8 مادس المشؤوم

- ‌النص التقريبي لكامل التقرير الأدبي

- ‌الحركة التعليمية

- ‌أصل الجمعية:

- ‌القانون الأساسي للجمعية:

- ‌تأسيس قسم الشبان:

- ‌أعمال الشبان:

- ‌لجنة الطلبة:

- ‌تعميم فكرة الجمعية:

- ‌قسم السياسة

- ‌خطتنا

- ‌مبدؤنا السياسي:

- ‌مبدؤنا التهذيبي:

- ‌مبدؤنا الانتقادي:

- ‌تعطيل (السنة) وإصدار (الشريعة)

- ‌رد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌حول تصريحات الوالي العام

- ‌في الشمال الأفريقي:

- ‌كلمات حكيمة

- ‌في الشمال الإفريقي:

- ‌اللجنة الوزارية:

- ‌الإضراب التونسي:

- ‌حول كلمتنا الصريحة

- ‌إنتهاء الأزمة التونسية:

- ‌حقوق الأمة الجزائرية

- ‌مقدمة:

- ‌الأوضاع والمعاملات الخاصة:

- ‌النيابات:

- ‌اللغة العربية:

- ‌الدين:

- ‌1 - المساجد:

- ‌2 - التعليم الديني:

- ‌3 - القضاء:

- ‌نص المطالب التي قدمها لمكتب المؤتمر

- ‌المؤتمر الجزائري الإسلامي العام

- ‌كلمة قالها ابن باديس

- ‌مع الوفد الإسلامي الجزائري:

- ‌تمهيد:

- ‌على ظهر الباخرة:

- ‌الأستاذ العقبي:

- ‌الأستاذ الإبراهيمي:

- ‌الأستاذ عبد الحميد:

- ‌المقابلات الرسمية:

- ‌عند م. فيوليط:

- ‌عند وزير الداخلية:

- ‌عند وزير الحربية:

- ‌عند رئيس الوزراء:

- ‌كلمة لكبير الوزراء:

- ‌مقابلات الأحزاب الشعبية:

- ‌مقابلة الصحافة:

- ‌النتيجة المحققة:

- ‌العودة إلى الوطن:

- ‌واليوم

- ‌نحن مسلمون وكفى

- ‌النمسا- الدعاية الهتلرية في إفريقيا الشمالية وفلسطين:

- ‌الدعاية الألمانية في إفريقيا الشمالية:

- ‌ليست الزردة وحدها

- ‌تمهيد:

- ‌كيف كنا معا:

- ‌كيف افترقنا:

- ‌طعنة من الخلف في أخطر الأوقات:

- ‌آلة في يد الظلم:

- ‌وافق شن طبقة:

- ‌الأمة حكمت وأبرمت:

- ‌الجنسية القومية والجنسية السياسية

- ‌جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌فصل الجزائر عن فرانسا:

- ‌نظرنا في إصلاح الحالة:

- ‌بروجي فيوليط والحالة الشخصية:

- ‌رأينا في إلزام الحكومة المسلمين برفض الأحكام الشرعية:

- ‌‌‌تجزئة الأحكام الشرعية:

- ‌تجزئة الأحكام الشرعية:

- ‌جبر البكر:

- ‌مجلة (الشهاب) ومقاومة الاندماج:

- ‌تقييد في محله:

- ‌وعود نرجو أن تتحقق:

- ‌دعوة وبيان

- ‌نداء

- ‌هل آن أوان اليأس من فرنسا

- ‌الوطن والوطنية

- ‌في الشمال الإفريقي:

- ‌نداء إلى الأمة الجزائرية ونوابها

- ‌صدى منشورنا على الأمة والنواب

- ‌إجرام الاستعمار

- ‌الاستعمار يحاول قطع الصلة بين الإخوان

- ‌كلمات صريحة:

- ‌نحن الجزائر:

- ‌كلمة مرة

- ‌نحن والواجهة الشعبية

- ‌على هامش (السانطونير)

- ‌مسألة عظيمة

- ‌قال سعادة الباشا:

- ‌الوحدة العربية

- ‌أصول الولاية في الإسلام

- ‌الأصل الأول:

- ‌الأصل الثاني:

- ‌الأصل الثالث:

- ‌الأصل الرابع:

- ‌الأصل الخامس:

- ‌الأصل السادس:

- ‌الأصل السابع:

- ‌الأصل الثامن:

- ‌الأصل التاسع:

- ‌الأصل العاشر:

- ‌الأصل الحادي عشر:

- ‌الأصل الثاني عشر:

- ‌الأصل الثالث عشر:

- ‌توضيح

- ‌الجزائر المسلمة

- ‌الخلافة أم جماعة المسلمين

- ‌فلسطين الشهيدة

- ‌حول مساجين العلماء

- ‌أولو الأمر

- ‌قسم البرقيات والاحتجاجات

- ‌شكر عام للإحساس العام

- ‌احتجاج جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌إحتجاجنا لدى الأمة:

- ‌إحتججنا لدى الحكومة:

- ‌إحتجاجنا إلى ممثل الحكومة في ذلك المجلس:

- ‌تلغراف الاحتجاج

- ‌رفع قضية ضد التعطيل

- ‌جمعية العلماء المسلمين الجزائربينوصولاتها الجدد

- ‌وداع وشكر:

- ‌براءة:

- ‌إحتجاج ديني إنساني:

- ‌برقية تألم:

- ‌تلغراف مرسل إلى السيد الوالى العام

- ‌حول مقال نشرته جريدة الطان

- ‌(ترجمة ما يتعلق بالجزائر من مقال لطان)

- ‌إحتجاج جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌رسلة جمعية العلماء إلى الطان

- ‌عريضة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌الاحتجاجات

- ‌شكر ووداع

- ‌الشقيقة الجزائرية

- ‌سير الجمعية وأعمالها:

- ‌وزير الخارجية بباريس والمقيم العام بتونس

- ‌وزير الخارجية بباريس والقيم العام بالرباط

- ‌إحتجاج جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌إحتجاج جمعية العلماء

- ‌إحتجاج رئيس جمعية العلماء

- ‌برقية تهنئة ورجاء

- ‌برقية شكر وتهنئة

- ‌عيد الفطر المبارك

- ‌شكر على تعزية

- ‌برقية جمعية العلماء

- ‌قسم الإجتماعيات

- ‌سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ

- ‌رسائل ومقلات:

- ‌الرجل المسلم الجزائري

- ‌سبب اختياري للموضوع:

- ‌ الرجل

- ‌المراد من الموضوع:

- ‌المسلم:

- ‌الجزائري:

- ‌طريق العلم بهذا والعمل به:

- ‌شقيقة رجل وشريكه:

- ‌هو الأول، وهي الثانية:

- ‌المرأة المسلمة الجزائرية:

- ‌المرأة:

- ‌المسلمة:

- ‌الجزائرية:

- ‌الطريق الموصل إلى هذا:

- ‌لا فضل بالمال

- ‌ذكرى المولد النبوي الشريف

- ‌كتاب: "امرأتنا

- ‌جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌على ذكرى المولد النبوي الشريف

- ‌عيد الحرية

- ‌ما جمعته يد الله لا تفرقه يد الشيطان

- ‌نصيحة وإرشاد

- ‌التسامح الإسلامي:

- ‌عن الصدى الكنسي لقسنطينة وبونة

- ‌الصلاة اليومية:

- ‌التسامح الإسلامي- 2

- ‌سيرة الإصلاح الإسلامي:

- ‌جواب عن كتاب

- ‌نص الكتاب بعد الافتتاح:

- ‌إحياء ليلة المعراج النبوي الشريف

- ‌جمعية العلماء المسلمين الجزائريين تقوم بواجبها الديني وشعورها الإنساني:

- ‌بيان ما أرسل للمنكوبين:

- ‌تنبيه

- ‌غرداية

- ‌بين المسلمين في غرداية

- ‌للحق والنصفة

- ‌قسم الخطب

- ‌ذكرى المولد النبوي الكريم

- ‌بقية الخطاب الذي ألقاه صاحب المجلة في النادي

- ‌مبدأ رحمته:

- ‌مبدأ قوته:

- ‌مظاهر رحمته:

- ‌مظاهر قوته:

- ‌آثار القوة والرحمة في أخلاقه:

- ‌الأمانة:

- ‌الصدق:

- ‌العدل:

- ‌إهتمامه بالخلق:

- ‌إنقباضه عنهم:

- ‌نبوءته:

- ‌الرحمة والقوة في شريعته:

- ‌خطبتان لصاحب المجلة

- ‌خطاب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌خطبة منبرية

- ‌ذكرى الشاعرين:

- ‌((خطبة صاحب هذه المجلة))

- ‌خطاب رئيس الجمعية

- ‌خطاب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌ غاية الجمعية

- ‌ثمرة هذه الغاية:

- ‌دعوة الجمعية:

- ‌ثمرة هذه الدعوة:

- ‌ما حصلنا من الثمرتين:

- ‌الجمعية وأنواع من يتصل بها:

- ‌الجمعية والأمة:

- ‌الجمعية وأهل الطرق:

- ‌الجمعية والحكومة:

- ‌الجمعية والأحزاب:

- ‌الجمعية والمؤتمر الإسلامي الجزائري العام:

- ‌الجمعية وخصومها:

- ‌خطبة رئيس الجمعية

- ‌خطاب الرئيس الجليل

- ‌خطاب الرئيس في الاجتماع العام

- ‌قسم الشعر

- ‌السياسة في نظر العلماء

- ‌تحية المولد الكريم

- ‌القومية والإنسانية

الفصل: ‌((خطبة صاحب هذه المجلة))

‌ذكرى الشاعرين:

شوقي وحافظ

ــ

في شوال من السنة الماضية شاركت الأمة الجزائرية الأمم العربيهّ في الاحتفال بذكرى شاعري العربية العظيمين وتألفت لذلك لجنة من الأدباء بالعاصمة وأقامت حفلة حافلة بنادي الترقي ألقيت فيها الخطب وأنشدت القصائد وتواردت فيها برقيات المشاركة من جميع نواحي القطر، وقد نشرت الصحافة خبر هذه الحفلة في وقتها واليوم رأينا أن ننشر في "الشهاب" ما اتصلنا به مما قيل في تلك الليلة، فيكون كإحياء الذكرى مرة أخرى.

((خطبة صاحب هذه المجلة))

(1)

الحمد لله، وسلام على عباده الذين اصطفى

أيها الإاخوان:

إذا كانت الأمم اللاتينية- على ما بينها من تزاحم وتخاصم وتقاتل وتناحر- ترتبط برابطة اللاتينية وتتفاخر بثقافتها، وتعقد المجتمعات العظيمة لتقوية روحها وتمتين حبل التمسك بها، فنحن- أبناء العربية- وليس بيننا شيء من تلك المفرقات بل ما بيننا إلا ما يقرب بعضنا من بعض من المؤلفات والمحزنات، أحق بأن نفعل مثلهم وأكثر منهم في لغتنا العربية.

وفوق هذا فإن اللغة اللاتينية ليست لغة العلم والأدب المشتركة

(1) ابن باديس والمجلة هي الشهاب.

ص: 532

ما بينهم مثل العربية التي هي (1) العلم والأدب ما بين سبعين مليونا من أبناء الضاد. وليست اللاتينية قريبة من عامياتهم مثل قرب العربية الفصحى من عاميتنا. حتى أنه لو قام خطيب يخطب باللاتينية لما وجد من يفهمه إلا قليلا من أهل القلم منهم، ونحن نلقي دروسنا ومحاضراتنا وأكثر خطبنا بالعربية الفصحى فلا يبقى على بعض السامعين إلا قليل من القول.

فإذا كانت العناية باللاتينية من واجب خاصتهم، فإن العناية بالعربية من واجبنا عامة وخاصة إذ هي لغتنا أجمعين وإذا كان تمسكهم برابطتهم اللاتينية لم يخرج أي واحد منهم عن وضعيته الاجتماعية الخاصة، فإن تمسكنا بهذه الرابطة العربية لا يخرجنا عن وضعيتنا الخاصة وما لنا من ارتباطات أخرى يرتبط بها المجتمع الجزائري!

أيها السادة:

إن من حقنا ومن الواجب علينا- نحن معاشر المسلمين الجزائريين- الذين تشربت عروقنا هذه اللغة الكريمة من معين قوميتنا الشريفة وتغذت أرواحنا من بيانها العذب بالشربي (3) المصفى، من ديننا العظيم، واستنارت عقولنا من شمسها المضيئة بالأنوار الساطعة من تاريخنا الجليل، من حقنا الواجب علينا أن نكرم العربية. ومن يكرم العربية وخصوصا من خدم العربية بعقله وروحه وحياته مثل شاعرينا الكريمين؟ ومن حقنا- أيضا- أن نرتبط بأبناء العربية ارتباط القلب واللسان، ارتباط العقل والتفكير، ارتباط الشعور والتقدير خصوصا عندما يتحرر الشعور العام لأمر هام وتتوجه القلوبه العربية لتكريم عظيم، أو إحياء ذكرى عزيز مثل احتفالنا هذا مع العالم العربي لتكريم الشاعرين العظيمين وإحياء ذكراهما العزيزة الخالدة.

(1) كذا في الأصل ولعل الصواب: التي هي لغة العلم.

(2)

هذه كلمة غير واضحة.

ص: 533

أيها السادة:

إننا باحتمالنا هذا بذكرى شاعرَي العربية العظيمين شوقي وحافظ، نكرم سبعين مليوناً من أبناء العربية الذين يعدون العربية لغتهم القومية. ونكرم خمسمائة مليون من أبناء الإسلام الذين يعدونها لغتهم الدينية ونكرم الأمم المتمدنة جمعاء التي يعترف أكابر علمائها المنصفين بمزية اللغة العربية التاريخية على العلم والمدنية.

أيها الإخوان:

ليس الشاعران الخالدان بالمحتاجين للتعريف بهما. ولست بالباحث الأديب الذي يستطيع أن يعرض عليكم في بلاغة وإيجاز صوراً (1) فتانة من أدبهما. غير أنني ربما أستطيع أن أقول شيئا من وجوه العبرة والقدوة في حياتهما، ووجوه من النعمة العظيمة من الله تعالى على العربية بهما:

قد اتحد الشاعران في الموطن وتقاربا في المولد والوفاة ولكنهما تباينا في البيئة والنشأة والمعيشة، فنشأ شوقي في بيت الأمارة، وفي بيئنه الخاصة، وعاش عيشة الترف والنعمة، ونشأ حافط في بيت أبيه، وفي بيئة عامة، وعاش عيشة البؤس والشدة. فكان من نعمة الله أن قسمت الحياة بينهما هذا التقسيم ليؤدي كل منهما للعربية رسالته من ناحيته ومؤثراتها الخاصة به.

فلقد أخرجت بيت الأمارة المرتبطة بالخلافة من شوقي، شاعر الإسلام والعرب والأحداث الإسلامية الكبرى والتاريخ الإسلامي العام وتاريخ العرب. وأخرجت البيئة العامة الرازحة تحت نير الظلم والمتجرعة لألوان الشقاء، والمتقلبة في دركات الانحطاط من حافظ

(1) في الأصل: صور.

ص: 534

شاعر الأخلاق والاجتماع والوطنية ولا غناء لواحد من العرب عما جاء به كل واحد من الشاعرين في ناحيته. ولو لم يخلق الله إلا أحدهما لما تمت النعمة من الناحيتين.

كانت العربية القرآنية قد تنوسيت أساليبها وانقطع سند الأمة العربية عنها فجدد الشاعران من شبابها، وأعادا من بيانها، ما حسب الناس أنه مات مع الأيام الزاهرة للعرب بالمشرق والمغرب.

حسب قوم أن العربية لا تتسع لما جدَّ من المعاني إلا إذا خلعت عنها ثوب القرآن، ولبست- مثلهم- منسوجات "لانكشير" وأخوات "لانكشير"، فجاء الشاعران- خصوصا شوقي في العقد الأخير من عمره، من قصائدهما العصرية المعاني القرآنية اللغة والأسلوب والتراكيب- بأوضح الرد وأبلغ التكذيب.

عاش الشاعران كل على ما قسم له من الحياة حتى جاءت العرب العالمية الكبرى ووضعت أوزارها فإذا بشوقي يخرج إلى العالم من قفص دار الامارة، وإذا بحافط يدخله بؤسه إلى قفص الوظيف في دار الكتب المصرية.

فماذا كان من الشاعرين العظيمين بعد؟

كان منهما ما يجب أن تكون فيه أبلغ العبرة، فإن شوقي اتسعت شاعريته العالمية، وقويت نزعته الوطنية، وأما حافط فقد سكت، سكت إلا عن قليل كان أكثره رثاء! ولعمر الحق ما اسكته إلا الوظيف الذي ينسى به الشرقي- حتى مثل حافظ ويا للأسف- نفسه، وأمته، وملته، إلا ما شاء الله.

أيها الإخوان:

إن مما نفع شوقي اطلاعه على آداب أمم أخرى في لغة أوروبية

ص: 535

هي الفرنسية وأن مما نفع حافظا ما مسه من الألم مع قومه. وقد كان يطالع "الاغاني" و"العقد الفريد" ويعيد مطالعتهما المرة بعد المرة، فعلى أدباء الجزائر وشعرائها أن يدرسوا آدابهم العربية، وأن يطالعوا الآداب الغربية في اللغة الفرنسية وأن يمازجوا قومهم ليألموا وينعموا - إن كان نعيم- معهم، لتكون لهم منزلة أدبية عالمية، وآثار بارزة في الحياة الجزائرية.

أيها الإخوان:

إن حياة الشاعرين العظيمين قد اخمدت نوابغ وأماتت قرائح وإن موتهما بما نشاهد من تكريم العالم العربي لهما ستحيي ملكات، وتبعث همما، فكونوا- وأنتم أنتم- في أول الرعيل.

أيها الإخوان:

ليس للجزائر من حافظ إلا ما للأوطان العربية الأخرى من شعره وأدبه وفنون قوله، أما شوقي فقد قدر له أن يزور هذه الجزائر في شبابه وينزل بعاصمتها أربعين يوما للاستشفاء، ويقول عنها، "ولا عيب فيها سوى أنها قد مسخت مسخا، فقد عهدت مساح الأحذية فيها يستنكف النطق بالعربية، وإذا خاطبته بها لا يجيبك إلا بالفرنسوية". فاعجبوا للاستدلال على حالة أمة بمساح الأحذية منها! ولا يجمل بي أن أزيد في موقفي هنا على هذا، إلا أن فقيدنا العزيز لو رأى من عالم الغيب حفلنا هذا لكان له في الجزائر رأي آخر، ولعلم أن الأمة التي صبغها الإسلام، وهو صبغة الله، وأنجبتها العرب، وهي أمة التاريخ، وأنبتتها (1) الجزائر، وهي العاتية على الرومان والفاندال، لا تستطيع ولن تستطيع أن تمسخها الأيام، ونوائب الأيام.

(1) في الأصل: وأثبتتها.

ص: 536

أيها الإخوان:

باسمي الضئيل، وباسم الجزائر الكبير، وباسم جمعكم الكريم، أرفع التحيات الزكية للفقيدين الخالدين في مرقدههما ولجميع العاملين لإحياء العربية وأدبها من بعدهما.

فليعش العرب، ولتعش العربية، وليعش المحبون لهما من الناس أجمعين (1) و (2).

عبد الحميد بن باديس

(1) حررت وألقيت ليلة 27 من شوال 1351ه بنادي الترقي بالعاصمة (المؤلف).

(2)

ش: ج 4، م 10، ص 142 - 146 غرة ذي الحجة 1352ه - مارس 1934م.

ص: 537