الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إنكلترا مع أستراليا وكندا واتحاد جنوب إفريقيا، وتصبح البلاد الجزائرية مستقلة إستقلالا واسعا، تعتمد عليها فرنسا إعتماد الحر على الحر.
هذا هو الاستقلال الذي نتصوره- لا الاستقلال الذي يتصوره خصومنا المجرمون، إستقلال النار والدماء- وهذا هو الاستقلال الذي نستطيع أن نحرز عليه مع الوقت، وبإعانة فرنسا وبإرادتها. وإننا لا نخشاه ولا نخشى البحث فيه.
إنتهاء الأزمة التونسية:
تمت الحوادث ببلاد الخضراء على النمط الذي توقعناه في العدد السالف، فإن مسيو فيون المقيم العام الجديد قد افتتح سياسته، كما افتتحها من قبل لوسيان سان ومانصرون وبيروطون، بالركون إلى جانب الاعتدال، والوعد بسلوك طريق المشاركة الصادقة وإجابة رغائب التونسيين المعقولة.
فأول عمل تم إجراؤه هو إرضاء طلبة الجامع الأعظم المعمور، بأن أجيبت طلباتهم المتعلقة بمسألة تعلم اللغة الفرنسية، فوقع العفو على الذين نالهم العقاب الصارم منهم سواء بالسجن أو بالتغريب ثم جمع المقيم العام لجنة قررت من جهة تأخير العمل بذلك الأمر إلى شهر مارس من سنة 1943، ثم قررت من جهة أخرى استثناء الكثير من الأعمال الإدارية والقضائية من ذلك الأمر القاضي بوجوب تعلم مبادئ اللغة الفرنسية لإجراء محادثات بسيطة عادية بها.
وهذه الوظائف المستثناة هي: الحكام الشرعيون ورؤساء كتبة المحاكم الشرعية وكتبة المحاكم الشرعية ومستكتبو المحاكم الشرعية والكتبة والنساخون باللغة العربية بالمجالس المذكورة والمنشئون والكتبة والمستكتبون والنساخون باللغة العربية بالقسم الأول من
الوزارة الكبرى وبالإدارة المركزية للعدلية التونسية والمدرسون التونسيون بالمدرسة الصادقية ومدرسو القسم الإسلامي من مدرسة ترشيح المعلمين ومؤدبو المكاتب الابتدائية. كما يخرج من هذا القيد أيضا رغم كونهم لا ينسحب عليهم هذا القانون العمال والكواهي والخلفاء والمشائخ وكتبة الأعمال والمدرسون وسائر متوظفي الجامع الأعظم دام عمرانه وأرباب الشعائر ومتوظفو جمعية الأوقاف والعدل والمنشؤون بالشرع العزيز. وبعد ذلك وقع الالتفات إلى الناحية السياسية، فأمر مسيو فيون بحذف "جهنم الدنيا" برج لوبوف من قائمة الأماكن التي يمكن إبعاد التونسيين إليها ثم أمر بإرجاع 62 من المبعدين السياسيين إلى أهلهم وذويهم، بعد أن ذاقوا من العذاب الأليم وتجرعوا من كؤوس البأساء والضراء ما لم نسمع بمثله إلا في تاريخ محاكم التفتيش.
ولقد بقى الزعماء الثمانية أحرارا بمراقبتي قابس وجربة، إلى أن يتفاوض معهم المقيم العام مفاوضة رجل لرجل: وهم السادة: الدكتور محمود الماطري، والأساتذة محيي الدين القليبي، والطاهر صفر، والبحري قيقة، وصالح بن يوسف، والحبيب بورقيبة، ومحمد بوزويته.
وأثناء رحلة القيم إلى الجنوب، تقابل مع الثمانية الزعماء، ووقمت ينه وبينهم مفاوضة طويلة، نشر بعدها القيم بلاغا رسميا جاء فيه:
أن المقيم أكد لهم بأنه لا يريد أن يرى في المستقبل سياسة هيجان، إذ هو عازم على تنفيذ سياسة الحماية بحذافيرها، باحترام حقوق الدولة الحامية وحقوق سمو الباي، وأنه يريد التعاون الصادق من الجميع حول هذه السياسة، وأجابوه بلسان الدكتور الماطري أنهم لن يسلكوا أبدا سياسة الهيجان، وأنهم لم يهاجموا مبدأ الحماية بل
قصارى مطلبهم الإحراز على الحقوق التي يطلبها التونسيون داخل منطقة النظام الحاضر. ثم أكدُوا للمقيم أنه يستطيع أن يثق بكلامهم وأنه لن يندم على ثقته بهم.
هذه خلاصة بلاغ السفير، ونحن نعتقد وإن لم تأتنا الأنباء بعد، بأن المبعدين الثمانية قد رجعوا إلى بلادهم، واسترجعوا حريتهم بعد طول البعاد، وأن تونس ستفتح عصراً جديداً من العمل الهاديء المثمر، خاصة وأن اها في الواجهة الشعبية الفرنسية أصدقاء سيبرهنون على صداقتهم لها، فلعل الدستور والمجلس التشريعي وتحديد العلائق بين الإدارتين تكون من نتائج هذا الدور الذي نرجو أن يكون موفقاً سعيداً.
(1) ش: ج 3، م 12، ص 141 - 147 غرة ربيع الأول 1355هـ- جوان 1936.