الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كلمة مرة
لأنها صريح الحق ولباب الواقع
ــ
إن تربيتنا العلمية الدراسية المبنية على بيان الحقيقة واجلائها على ما هي عليه صيرتنا لا نستطيع شيئا من المواربة والتلبيس.
نعرف كثيرا من أبنائنا الذين تعلموا في غير أحضاننا ينكرون- وربما عن غير سوء قصد- تاريخنا ومقوماتنا ويودون لو خلعنا ذلك كله واندمجنا في غيرنا. وكنا نرد عليهم بالقول في كل مناسبة تبدو منهم فيه مثل هذة البوادر السامة الخاطئة. ووقع مرة أن كتب بعضهم- وهو ممن له قيمة معتبرة عندنا- ما هو صريح أو كالصريح في ذلك الضلال المهلك، فرأينا من الواجب علينا أن نرد عليه بكلمة صريحة نعرب بها في يقيننا عن الحقيقة التي يعتقدها الشعب الجزائري- إلا الشاذ- في صميم نفسه فقلنا في كلمتنا تلك: الأمة الجزائرية أمة متكونة موجودة كما تكونت ووجدت كل أمم الدنيا. ولهذه الأمة تاريخها الحافل بجلائل الأعمال، ولها وحدتها الدينية واللغوية ولها ثقافتها الخاصة وعوائدها وأخلاقها بما فيها من حسن وقبيح، شأن كل أمم الدنيا.
ثم اإن هذه الأمة الجزائرية الإسلامية ليست هي فرانسا، ولا يمكن أن تكون فرانسا، ولا تستطيع أن تصير فرانسا ولو أرادت. بل هي أمة بعيدة عن فرانسا كل البعد في لغتها وفي أخلاقها وفي عنصرها وفي دينها، لا تريد أن تندمج. ولها وطن محدود معين هو الوطن الجزائري بحدوده الحالية المعروفة والذي يشرف على إدارته العليا السيد الوالي العام المعين من قبل الدولة الفرنسوية".
فجلينا بكلمتنا هذه الحقيقة مكشوفة في وضح النهار، وقطعنا الطريق على كل متقول بالباطل وأرحنا كل باحث ومتردد من بحثه وتردده.
وإلى ذلك فإننا لم نكن خياليين ننكر الواقع ونكابر في المحسوس فقد ختمنا كلمتنا بإشراف الوالي العام وتعيينه من الدولة الفرنسوية.
حقا لقد أثرت كلمتنا الصريحة أثرها وبلغت حيث أردنا أن تبلغ، فمن يوم قلناها إلى اليوم ما زال يتردد صداها في الصحافة الفرنسبة وفي المجالس وفي المؤتمرات، ومن أظهر مظاهر ذلك قيام م. فرسينانق بها في مجلس الشيوخ في السنة الماضية، وإعادتها في المؤتمر الراديكالي المنعقد أخيرا. كل ذلك يحاولون به الاحتجاج بها- وهم يعلمون أنها عبرت حقاً عن حقيقة الأمة الجزائرية وعقليتها- على منع الأمة الجزائرية من نيل حقوقها.
لقد أخطأتم خطأً بعيداً أيها السادة!
إن الأمة الجزائرية تطالب فرنسا بحقوقها لما دفعته من ثمن من دم أبنائها ولمواقفها الصادقة مع فرانسا في أيام شدتها ولما هي قائمة به لفرانسا من كل ما حمل عليها. وهذا حق لا يستطيع أن ينكره أحد يحترم نفسه ويقدر عواقب التاريخ قدرها.
فأما أن تبذل الأمة الجزائرية في نيل تلك الحقوق شيئا من كيانها فهذا ما لا يخطر ببالها ولا يستطيع أحد ممن يتولى شيئا من أمورها من أبنائها أن يعرضه عليها ولو حاول أحد ذلك لنبذته نبذ النواة والحذاء المرقع كما نبذت من نبذت.
ونحن بهذا نتحدى كل من يكون على خلاف رأينا.
فهل من أحد يستطيع أن يكذبنا؟