الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على التوحيد منها. ولكنا نجد أمتين إسلاميتين هما: الفرس، ومصر (مدة الفاطميين) تسمامحتا بعض التسامح في الرسم والنحت حتى كانت ترى في قصور الفاطميين مناظر الرقص والصيد والغزلان، وكانت كتب الفرس وقصورهم تزين أيضا بصور الحيوان والنبات. ولكن هذا لا يطعن فيما نثبته من معأرضة الإسلام لهذين الفنين بل هو أجدر أن يؤيد ما قلناه، وذلك لأن فارس ليست سنية وكذلك مصر أيام الفاطميين كانت شيعية. والتشيع نوع من الانشقاق عن الإسلام وخروج على جمهور المسلمين".
لا شك أن حضرة الكاتب يجهل أن جمعا كبيرا من علماء الإسلام لا يمنعون من الصور ما كان مثل رقم في ثوب، وإنما يمنعون ما كان تمثالا تام التصوير، وليس جهله بهذا هو الذي يدعونا إلى الإنكار عليه. ولكن قوله:"والتشيع نوع من الانشقاق عن الإسلام" هو الجدير بكل إنكار. فقد حسب نفسه لما عرف شيئا من تاريخ الفنون أنه عارف بمذاهب الإسلام، فحكم على الشيعة بالانشقاق عنه. وهذا الكاتب لم يكفه أن ينفي- في أكثر ما يكتب- عن الإسلام كل ما يحسبه فضيلة حتى جاء يحأول أن ينفي عنه أمما كاملة من أبنائه ونعوذ بالله من سوء القصد وقبح الغرور.
الجهة الثالثة:
قوم من بني جلدتنا مرقوا من جنسنا- وهم أحرار فيما يفعلون، ورفضوا شريعتنا- وهم أحرار فيما يفعلون. ثم نصبوا دعاية لهذا الرفض وهذا المروق يزعمون أن ما فعلوه مما لا يأباه الإسلام، ويرمون كل من لم يوافقهم بالجمود والتعصب.
ليعلموا - أولا- أن كاتب هذه السطور وبني دينه وجلدته يحترمون جميع الأجناس البشرية، ويقدرون الحق والعدل في جميع
القوانين الأممية، ويدعون لهؤلاء السادة وما اختاروه لأنفسهم غير أنهم. ينكرون هذه الدعاية العريضة التي يتقول فيها على الإسلام بغير علم ويرمي فيها علماءه بالجهل والتعصب والجمود.
أيها السادة- مع احترامي لكم ولما اخترتموه لأنفسكم- أقول لكم بغاية الصراحة: إنكم تجهلون أصول الإسلام لأنكم لم تتعلموها، وإنكم- بضرورة ذلك- مخطئون فيما تنسبونه إليه، وأن الناس، لعلمهم بذلك منكم، لا يغترون بشيء مما تقولون.
خير لكم- أيها السادة- أن تسلكوا في دعايتكم مسلك البيان للمنافع الدنيوية التي تحصل للناس بموافقتكم- إذا كانت ثم منافع- وتضربوا الأمثال لذلك بما حصل لكم بالفعل من الميزان كان قد حصل، وتدعوا أمر الدين والفتوى لأهلهما، وأنتم لو سلكتم مسلك الدعاية بالدنيا لما عرضت لكم. ولكن لما أخذتم تدعون باسم الدين لم يسعني إلا تنبيهكم بهذه الكلمات، وعساكم- لما كنتم ترغبون من علماء الدين أن يجاوبوكم- أن تتلقوا مني هذه الآية القرآنية الكريمة، وهذا الحديث النبوي الشريف، كتحقيق لرغبتكم واعتبار لها. وثقوا مع ذلك باحترامي لأشخاصكم، وتقديري لما هنالك بيننا من روابط شخصية أو عمومية هي غير ما نحن بصدده:
قال الله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} وأين الرفض من هذا التسليم.
وقال سيدنا ومولانا محمد- صلى الله عليه وآله وسلم:
رواه مسلم والبخاري في صحيحهما من طريق علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.
ثبتنا الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة إنه الحليم الكريم (1).
(1) ش: ج1، م 6، ص 27 - 30 غرة رمضان 1348هـ - فيفري 1930م.