الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المؤتمر الجزائري الإسلامي العام
يحقق مبادئ (الشهاب)
ــ
يجد القراء على وجه كل جزء من أجزاء (الشهاب) مبدأه في الإصلاح السياسي هكذا: (الحق والعدل والمؤاخاة، في إعطاء جميع الحقوق للذين قاموا بجميع الواجبات) ونحن نعني بذلك أن الأمة الجزائرية قد قامت لفرنسا بكل ما طلبته منها من نفس ونفيس، فمن الحق الواجب على فرنسا ومن العدل الذي لا يقوم أمة إلا به، ومن مقتضى المؤاخاة الحقيقية التي لا تكون إلا عند ما يشعر الإنسان بأنه غير مغموط الحق ولا مهضوم الجانب من صاحبه- أن تعطي فرنسا للجزائريين جميع حقوقهم دون أي تنقيص لهم عن غيرهم، ولا أدنى تمييز له عنهم، وليس لها أن تطالبهم بالانخلاع عن أقل شيء من مميزاتهم في قوميتهم ودينهم ولغتهم فقد قاموا بما فرضته عليهم من الواجبات وهم على قوميتهم ودينهم ولفتهم فلتعطهم جميع الحقوق وهم على قوميتهم ودينهم ولغتهم. وعلى هذا المبدأ كنا نقاوم بروجي الرجل العظيم الذي لا ننسى فضله م فيوليت لما فيه من عدم التسوية في الحقوق لا بين الجزائريين والفرنسيبن ولا بين طبقات الجزائريين أنفسهم وما فيه من تهئة الطبقة المثقفة للاندماج مع السكوت التام عن الدين واللغة، قاومناه أيام كان الناس كلهم متمسكين به إلا من عارضوه لأغراض معلومة وبإيعازات خاصة، ولم نبال في معارضته- لما كان مخالفا لمبدئنا من المساواة في الحقوق والمحافظة على المقومات الذاتية بكل الذين كانوا يعترضون علينا وقد يجاوزون الإعتراض إلى حد آخر، نعم ثبتنا على تلك المقاومة لأننا نعرف أننا بمبدئنا نعبر عن عقيدة
جمهور الأمة ونعرب عن إحساسها، وجاء المؤتمر وطلبت مني لجنة قسنطينة أن أضع لها ما أراه من المطالب، فوضعت المطالب المنشورة في المقال المتقدم ومن تلك المطالب "السماواة في الحقوق السياسية مع المحافظة التامة على جميع الذاتية" وهذا هو الذي أقره المؤتمر بالاجماع ووجهته رئاسة المؤتمر إلى الحكومة ونشرته الصحف في صدر قرارات المؤتمر، وسقطت به جميع البروجيات، فحققت الأمة بهذا من مؤتمرها العام المبدأ الذي دعا إليه الشهاب لأنه يدرك حقا نفسيتها وينطق صدقا بلسانها، فنحمد الله الذي وفق الأمة إلى ما فيه خيرها وشرفها ونسأله تعالى أن يحيينا ويميتنا في خدمتها، محافظين على قوميتها ودينها ولغتها، ساعين بها ومعها في ترقية العمران وسعادة الإنسان (1).
عبد الحميد بن باديس
(1) ش: ج 4، م 12، ص 214 - 215 غرة ربيع الثاني 1355هـ- جويلية 1936م.