الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلما رأى المختار أن ابن الزبير قد فطن لما أراد، كتب إليه.
من المختار بن أبى عبيد الثّقفى خليفة الوصىّ محمد بن على أمير المؤمنين، إلى عبد الله بن أسماء.
ثم ملأ الكتاب بسبه وسب أبيه. (الكامل للمبرد 2: 167)
132 - كتاب المختار إلى ابن الزبير
وأخبر المختار أن أهل الشأم قد أقبلوا نحو العراق، فخشى أن يأتيه أهل الشأم من قبل المغرب، ويأتيه مصعب بن الزبير من قبل البصرة، فوادع ابن الزبير، وداراه وكايده.
وكان عبد الملك بن مروان- وقد بويع بالخلافة فى غرّة رمضان سنة 65 هـ- بعث عبد الملك بن الحارث بن الحكم بن أبى العاص إلى وادى القرى، والمختار لابن الزبير مكايد موادع، فكتب المختار إلى ابن الزبير:
«أما بعد: فقد بلغنى أن عبد الملك بن مروان قد بعث إليك جيشا، فإن أحببت أن أمدّك بمدد أمددتك» .
133 - رد ابن الزبير على المختار
فكتب إليه ابن الزبير:
«أما بعد: فإن كنت على طاعتى فلست أكره أن تبعث الجيش إلى بلادى، وتبايع لى الناس قبلك، فإذا أتتنى بيعتك صدّقت مقالتك، وكففت جنودى عن
- أن تغرم فخذها وانصرف، فإن فعل، وإلا فأره الخيل، وقل له: إن وراء هؤلاء مثلهم مائة كتيبة، فأخذ زائدة المال، وأخرج معه الخيل وتلقاه بالمفاوز، وعرض عليه المال وأمره بالانصراف، فقال له:
إن أمير المؤمنين قد ولانى الكوفة، ولا بد من إنفاذ أمره، فدعا زائدة الخيل، وقد أكمنها فى جانب، فلما رآها قد أقبلت. قال: هذا الآن أعذر لى، وأجمل بى، هات المال، فقال له زائدة، أما إنه لم يبعث به إليك إلا لما بينك وبينه، فدفعه إليه فأخذه، ثم مضى راجعا نحو البصرة- تاريخ الطبرى 7:133.
بلادك، وعجّل علىّ بتسريح الجيش الذى أنت باعثه، ومرهم فليسيروا إلى من بوادى القرى من جند ابن مروان، فليقاتلوهم، والسلام».
فسرّح المختار شرحبيل بن ورس فى جيش، وقال له: سر حتى تدخل المدينة، فإذا دخلتها فاكتب إلىّ بذلك حتى يأتيك أمرى- وهو يريد إذا دخلوا المدينة أن يبعث عليهم أميرا من قبله، ويأمر ابن ورس أن يمضى إلى مكة حتى يحاصر ابن الزبير ويقاتله- وخشى ابن الزبير أن يكون المختار إنما يكيده، فبعث من مكة إلى المدينة عباس بن سهل بن سعد فى جيش، وقال له: إن رأيت القوم فى طاعتى فاقبل منهم، وإلّا فكايدهم حتى تهلكهم، فأقبل ابن سهل حتى لقى ابن ورس بالرّقم (1)، فدعاه أن يسير معه لقتال جند ابن مروان بوادى القرى، فأبى وقال: إنما أمرت أن أسير حتى آتى المدينة، فإذا نزلتها رأيت رأيى، فكايده ابن سهل حتى أخذه على غرّة وقتله، وأثخن أصحابه وأوسعهم قتلا (2). (تاريخ الطبرى 7: 134)
(1) موضع بالمدينة.
(2)
وذلك أن عباس بن سهل لما وافى الرقم، وجد ابن ورس على الماء قد عبى أصحابه تعبية القتال، فدنا منهم فسلم عليهم، ثم قال: اخل معى هاهنا فخلابه، فقال له: رحمك الله، ألست فى طاعة ابن الزبير؟
فقال له ابن ورس: بلى، قال: فسر بنا إلى عدوه هذا الذى بوادى القرى، فإن ابن الزبير حدثنى أنه إنما أشخصكم صاحبكم إليهم، قال ابن ورس: ما أمرت بطاعتك، إنما أمرت أن أسير إلى المدينة، فإذا نزلتها رأيت رأيى، قال له ابن سهل: فإن كنت فى طاعة ابن الزبير فقد أمرنى أن أسير بك وبأصحابك إلى عدونا الذين بوادى القرى، فقال له ابن ورس: ما أمرت بطاعتك وما أنا بمتبعك دون أن أدخل المدينة، ثم أكتب إلى صاحبى فيأمرنى بأمره، فلما رأى عباس بن سهل لجاجته عرف خلافه، فكره أن يعلمه أنه قد فطن له، فقال: فرأيك أفضل، اعمل بما بدالك، فأما أنا فسائر إلى وادى القرى، ثم جاء ابن سهل فنزل بالماء، وبعث إلى ابن ورس بجزائر كانت معه (جمع جزور) فأهداها له، وبعث إليه بدقيق وغنم مسلخة، وكان ابن ورس وأصحابه قد هلكوا جوعا، فبعث عباس بن سهل إلى كل عشرة منهم شاة.
فذبحوها واشتغلوا بها واختلطوا على الماء، وترك القوم تعبيتهم، وأمن بعضهم بعضا، فلما رأى ابن سهل ما هم فيه من الشغل جمع من أصحابه نحوا من ألف رجل من ذوى البأس والنجدة، ثم أقبل نحو فسطاط ابن ورس، فلما رآهم ابن ورس مقبلين إليه نادى فى أصحابه. فلم يتواف إليه مائة رجل، فما اقتتلوا إلا شيئا ليس بشىء حتى قتل ابن ورس وكثير من أصحابه.