الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيك (1)، واعلم أن ما بعد كتاب أمير المؤمنين هذا أشدّ عليك وأفسد لك، وقبل أمير المؤمنين خلف منك كثير فى أحسابهم وبيوتاتهم وأديانهم، وفيهم عوض منك، والله من وراء ذلك».
وكتب عبد الله بن سالم سنة تسع عشرة ومائة.
(الكامل للمبرد 2: 297)
453 - كتاب هشام إلى خالد القسرى
وروى الطبرى قال:
وقيل إنما أغضب هشاما على خالد أن رجلا من قريش (2) دخل على خالد فاستخفّ به وعضه بلسانه، فكتب إلى هشام يشكوه.
فكتب هشام إلى خالد:
أما بعد، فإن أمير المؤمنين- وإن كان أطلق لك يدك ورأيك فيمن استرعاه أمرة، واستحفظك عليه، للّذى رجا من كفايتك، ووثق به من حسن تدبيرك- لم يفرشك (3) غرّة أهل بيته، لتطأه بقدمك، ولا تحدّ إليه بصرك، فكيف بك وقد بسطت على غرّتهم بالعراق لسانك بالتوبيخ؟ تريد بذلك تصغير خطره (4) واحتقار قدره، زعمت بالنّصفة (5) منه حتى أخرجك ذلك إلى الإغلاط فى اللفظ عليه
(1) عن خالد بن صفوان قال: «لم تزل أفعال خالد به حتى عزله هشام وعذبه، وقتل ابنه يزيد بن خالد، فرأيت فى رجله شريطا قد شد به والصبيان يجرونه، فدخلت إلى هشام يوما فحدثته وأطلت فتنفس ثم قال: يا خالد: رب خالد كان أحب إلى قربا وألذ عندى حديثا منك، يعنى خالدا القسرى، قال فانتهزتها ورجوت أن أشفع فتكون لى عند خالد يد، فقلت: يا أمير المؤمنين، فما يمنعك من استئناف الصنيعة؟ فقد أدبته مما فرط منه، فقال: هيهات! إن خالدا أوجف فأعجف، وأدل فأمل، وأفرط فى الإساءة فأفرطنا فى المكافأة فحلم الأديم، ونغل الجرح، وبلغ السيل الزبى، والحزام الطبيين فلم يبق فيه مستصلح، ولا للصنيعة عنده موضع. عد إلى حديثك- الأغانى 9: 63 - .
(2)
المفهوم مما سيرد بعد أنه ابن عمرو بن سعيد بن العاص.
(3)
يقال فرش فلانا بساطا وأفرشه وفرشه: إذا بسطه له، والمعنى: لم يسلطك وييسط نفوذك عليه وفى الأصل «لم يفترشك» وهو تحريف، (وافترش البساط: وطئه)، وفلان غرة قومه: أى سيدهم.
(4)
الخطر: القدر.
(5)
النصفة: اسم من الإنصاف.
فى مجلس العامّة، غير متحلحل (1) له حين رأيته مقبلا- عن صدر مهادك، الذى مهد له الله، وفى قومك من يعلوك بحسبه، ويغمرك بأوّليّته، فنلت مهادك بما رفع به آل عمرو من ضعتك خاصّة، مساوين بك فروع غرر القبائل وقرومها (2) قبل أمير المؤمنين، حتى حللت هضبة أصبحت تنحو (3) بها عليهم مفتخرا، هذا إن لم يدهده (4) بك قلّة شكرك متحطّما وقيذا، فهلّا- يا بن مجرّشة (5) قومك- أعظمت رجلهم عليك داخلا، ووسّعت مجلسه إذ رأيته إليك مقبلا، وتجافيت له عن صدر فراشك مكرّما، ثم فاوضته مقبلا عليه ببشرك إكراما لأمير المؤمنين، فإذا اطمأن به مجلسه نازعته بحيىّ السّرار (6)، معظما لقرابته، عارفا لحقه! فهو سنّ البيتين ونابهم (7)، وابن شيخ آل أبى العاص وحرب وغرّتهم، وبالله يقسم أمير المؤمنين لك لولا ما تقدّم من حرمتك، وما يكره من شماتة عدوك بك، لوضع منك ما رفع، حتى يردّك إلى حال تفقد بها أهل الحوائج بعراقك، وتزاحم المواكب ببابك، وما أقربنى من أن أجعلك تابعا لمن كان لك تبعا، فانهض على أىّ حال ألفاك رسول أمير المؤمنين وكتابه، من ليل أو نهار، ماشيا على قدميك بمن معك
(1) أى غير متزحزح، يقال: حلحله: إذا أزاله عن موضعه وحركه فتحلحل، والمهاد: الفراش.
(2)
القروم: جمع قرم بالفتح: وهو السيد، والفروع: جمع فرع، وفرع كل شىء: أعلاه، ومن القوم: شريفهم.
(3)
معناه تطل وتشرف، يقال نحا بصره إليه: أى صرفه، ونحا: مال على أحد شقيه.
(4)
دهده الحجر فتدهده، ودهداه فتدهدى: دحرجه فتدجرج، والوقيذ: الصريع، وقذه:
صرعه وسكنه وغلبه وتركه عليلا.
(5)
المجرشة: الماشطة، يقال جرش رأسه بالمشط وجرشه إذا حكه حتى تستبين هبريته، وجرش الجلد: إذا دلكه ليملاس.
(6)
السرار: المسارة، مصدر سار، وحيى: ذو حياء، وحيى السرار من إضافة الصفة إلى الموصوف أى السرار الحيى، والمعنى: جادلته وناقشته فى سرار مقرون بالحياء والاحتشام.
(7)
يقال: فلان ناب قومه، أى سيدهم، قال الشاعر:
كنت لهم فى الحدثان نابا
…
أنفى العدا وضيغما وثابا
انظر أساس البلاغة.