الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وانهزم أهل الشأم وقتل منهم عشرة آلاف، وبعث قحطبة إلى أبى مسلم برأس نباتة وابنه حيّة.
وسار نصر بن سيار حتى أتى الرّىّ، وخرج عنها، فنزل «ساوة» بين همذان والرّىّ، فمات بها كمدا فى ربيع الأول سنة 131 هـ.
(تاريخ الطبرى 9: 98، 112)
527 - كتاب نصر إلى مروان
ولما خرج نصر بن سيّار عن خراسان، وصار بين خراسان والرّىّ، كتب كتابا إلى مروان يذكر فيه خروجه عن خراسان، وأن هذا الأمر الذى أزعجه سينمو حتى يملأ البلاد، وضمّن ذلك أبياتا من الشعر وهى:
إنّا وما نكتم من أمرنا
…
كالثّور إذ قرّب للنّاخع (1)
أو كالتى يحسبها أهلها
…
عذراء بكرا وهى فى التاسع
كنا نرفّيها، فقد مزّقت
…
واتّسع الخرق على الراقع (2)
كالثّوب إذ أنهج فيه البلى
…
أعيا على ذى الحيلة الصانع (3)
فلم يستتمّ مروان قراءة هذا الكتاب حتى مثل أصحابه بين يديه ممن كان قد وكّل بالطريق، وقد جاءوه برسول من خراسان معه كتاب من أبى مسلم إلى إبراهيم بن محمد الإمام يخبره فيه خبره وما آل إليه أمره، فلما تأمّل مروان كتاب أبى مسلم، قال للرسول: لا ترع، كم دفع لك صاحبك؟ قال: كذا وكذا، قال: فهذه عشرة آلاف درهم لك، وإنما دفع إليك شيئا يسيرا، وامض بهذا الكتاب إلى إبراهيم، ولا تعلمه بشىء مما جرى، وخذ جوابه فأتنى به، ففعل الرسول ذلك، فتأمل مروان
(1) نخع الذبيحة: جاوز منتهى الذبح فأساب نخاعها.
(2)
وفى مضعف رفا. ورفا الثوب ورفأه: لأم خرقه وضم بعضه إلى بعض.
(3)
أنهج: وضح (وأنهج الثوب ونهجه كمنعه: أخلقه، ونهج الثوب مثلثة الهاء وأنهج: بلى).
جواب إبراهيم إلى أبى مسلم بخطّه: يأمره فيه بالجد والاجتهاد، والحيلة على عدوه، وغير ذلك من أمره ونهيه، وكان فيه أبيات من الرّجز منها:
دونك أمرا قد بدت أشراطه
…
إن السبيل واضح صراطه
* لم يبق إلا السيف واختراطه (1) *
فاحتبس مروان الرسول، وكتب إلى الوليد بن معاوية بن عبد الملك، وهو على دمشق: يأمره أن يكتب إلى عامل البلقاء (2) فيسير إلى الحميمة، ليأخذ إبراهيم ابن محمد، فيشدّه وثاقا، ويبعث به إليه فى خيل كثيفة، وحمل إبراهيم بن محمد إلى الوليد، فحمله إلى مروان، فقرّره بما كان من أمره مع أبى مسلم، فأنكر، فقال له مروان: يا منافق: أليس هذا كتابك إلى أبى مسلم جوابا عن كتابه إليك؟ وأخرج إليه الرسول، وقال: أتعرف هذا؟ فلما رأى ذلك إبراهيم أمسك وعلم أنه أتى من مأمنه، وأمر به مروان فحبس شهرين فى حرّان (3).
ثم دخل عليه السجن جماعة من موالى مروان من العجم وغيرهم فقتلوه سنة 132 هـ (4). (مروج الذهب 2: 204)
(1) الأشراط: جمع شرط بالتحريك وهو العلامة، واخترط السيف: استله.
(2)
البلقاء: كورة من أعمال دمشق بين الشأم ووادى القرى، وكانت قصبتها عمان. والحميمة: قرية من أعمال عمان فى أطراف الشأم، انظر ص 475.
(3)
حران: مدينة عظيمة بالجزيرة على طريق الموصل والشأم والروم، بينها وبين الرهام يوم، وبين الرقة يومان.
(4)
وقيل إنه لم يقتل ولكنه مات فى سجن مروان بالطاعون- انظر تاريخ الطبرى 9: 132 ومعجم البلدان 3: 242 - وقيل إن مروان سمه فى الحبس فمات- انظر الفخرى ص 129.
ولما حبس إبراهيم الإمام بحران خاف أخواه السفاح والمنصور وجماعة من أقاربهم وقصدوا إلى الكوفة، وكان لهم بها شيعة منهم أبو سلمة الخلال، وكان من كبار الشيعة بالكوفة- وقد استوزره السفاح حينما ولى الخلافة- فأخلى لهم أبو سلمة دار بالكوفة، وتولى خدمتهم بنفسه، وكتم أمرهم، واجتمعت الشيمة إليه، وقويت شوكتهم، ثم وصل أبو مسلم بالجنود من خراسان إلى الكوفة وسلم على السفاح بالخلافة، وأظهر الدعوة، وبويع السفاح بالخلافة سنة 132 هـ.