الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خلافة مروان بن محمد (سنة 127 - 132 ه
ـ)
504 - كتابه إلى بعض الخوارج
وكتب مروان بن محمد رسالة إلى بعض الخوارج يتهدّد ويتوعد فيها:
«أما بعد، فإنك كتبت إلىّ كتاب امرئ جائر عن الحق، متورّط العقل، متعرّض للحين والرّدى (1)، متسكّع فى الجهالة، متكمّه (2) فى الضلالة، مارق من الدين، مفارق جماعة المسلمين، قد بطر العافية والإحسان، واستحكمت عليه ربق (3) الشيطان، تمنّى ما تمنّى أشياعه من الطّغيان، فقبل من الشيطان أمنيّته، وأمكنه من رمّته، وأسلم إليه مقاليده، فحمله على مركب صعب، فركّب عليه الرّباق، وشدّ منه الخناق (4)، فهو يسوقه أشدّ السّياق، وعلاه ظهرا، وملأه غدرا، وأسلمه [إلى الخوف من بعد](5) أمنه، وكذلك يفعل الله بالظالمين، ويستدرجهم من حيث لا يعلمون.
فانظر- لا نظر الله لك (6) - إلى موقع تلك الصفة منك، فإنك لا طاقة لك بحدّنا
(1) الحين: الهلاك، وكذا الردى.
(2)
تسكع: تمادى فى الباطل، ومشى متعسفا، وتسكع فى أمره: لم يهتد لوجهته، وفى الأصل «متسع» وأراه محرفا. والمتكمه والكامه: من يركب رأسه لا يدرى أين يتوجه.
(3)
الربق بالكسر: حبل فيه عدة عرا تشد به البهم، كل عروة ربقة والجمع ربق كعنب ررباق كجبال وأرباق، والرمة بالضم ويكسر: قطعة من حبل، والمعنى: وأمكنه من قياده: والمقاليد جمع مقلاد وهو المفتاح كالمقلد.
(4)
الخناق بالكسر والضم: الحلق، وبالكسر: الحبل يخنق به.
(5)
ما بين القوسين بياض بالأصل وقد تممته كما ترى.
(6)
فى الأصل «ولا نظر بك» وأراه محرفا.
حين يحمل عليك الفرسان (1)، وتتعاورك القنا والطّعّان، فتنفذك الأسنّة، وتجلب عليك الأعنّة، وتحيط بك الكتائب، ويأتيك الموت من كل جانب.
وأمّا قولك إلىّ فى كتابك: «سيرد عليك الجرد، عليها المرد (2)» فسيرد عليك من أولياء الله المقرّبين، وحزبه الغالبين، الكهول، على الخيل الفحول، كأنها الوعول، طوال السّبال (3)، كأنهم أشربت وجوههم الجربال، رجالهم هم الرجال، ليس منهم إلا سايق ناشب (4)، وكالب محارب، قد أحكمته التجارب، وقام على ساق، وشرب كلّ مرّة المذاق، لا يولّون الأدبار، ولا يكرّون على الفرار، قد ضروا (5) بضرب الهام، وغادوا الكرّ والإقدام، ليسوا بذوى فرّ ولا إحجام، ينفذون فى الزّحوف، ويجترون على الحتوف، ويباشرون السيوف، ويضربون ضرب الأسود، ويثبون وثب الفهود، وليس منهم إلا بازل (6) يتخطّل، قد برك على كلكله، كأنما أشربت وجوههم نقيع الحنظل، قد راموا الحروب وعاودوها، ومضغتهم ومضغوها، فليس منهم إلا إليها طرب، وعلى لقائها حرب (7)، لا يروعهم ما يروع الفتيان، ولا يصدّهم الموت عن لقاء الأقران، ولا يروعهم ما يروع الغمر (8) الجبان، حين يكشف الكماة (9)، ويكره النزال، فعند ذلك يسلمك الجرد،
(1) فى الأصل «فإنك لا طاقة لك بأحد أن من يحتمل عليك الفرسان» وهو تحريف وقد أصلحته كما ترى، والحد: البأس، وتتعاورك: تتداولك، والقنا: الرماح.
(2)
فرس أجرد: قصير الشعر رقيقه، وجمعه جرد، وشاب أمرد: طر شاربه ولم تنبت لحيته، وجمعه مرد، وفى الأصل «سيرد عليك الحرة عليها المراة» وهو تحريف.
(3)
السبال جمع سبلة بالتحريك: وهى ماغلى الشفة العليا من الشعر يجمع الشاربين وما بينهما، والجربال: صبغ أحمر، والخمر.
(4)
ناشب، من نشب فيه كفرح: إذا علق به، وكالب، من كلب كفرح أيضا إذا اشتد.
(5)
ضرى به كرضى: تعوده ولهج به، والهام: الرءوس، والزحوف جمع زحف بالفتح: وهو الجيش يزحفون إلى العدو، وغاداه: باكره.
(6)
البازل: الجمل فى تاسع سنيه، والرجل الكامل فى تجربته، وتخطل فى مشيته: تبختر، والكلكل: الصدر.
(7)
حرب كفرح: كلب واشتد غضبه.
(8)
الغمر بالفتح والضم والتحريك وككتف: من لم يجرب الأمور.
(9)
كشف الرجل كفرح: انهزم، والأكشف: الذى ينهزم فى الحرب ولا يثبت، والكماة جمع كمى كغنى: وهو الشجاع المتغطى بسلاحه.