الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجاثما ورابضا (1)، تستغوى الجهّال، وتنازعنا حقّنا بالسفهاء، حتى أدركت ما طلبت، وإن أدرى لعلّه فتنة لكم ومتاع إلى حين». (شرح ابن أبى الحديد م 4: ص 58)
15 - كتاب معاوية إلى الحسين بن علىّ
قال صاحب زهر الآداب:
وكان لمعاوية بن أبى سفيان عين بالمدينة يكتب إليه بما يكون من أمور الناس وقريش، فكتب إليه أن الحسين بن علىّ رضى الله عنه أعتق جارية له وتزوجها، فكتب معاوية إلى الحسين:
«من أمير المؤمنين معاوية إلى الحسين بن على:
أما بعد، فإنه بلغنى أنك تزوجت جاريتك، وتركت أكفاءك من قريش، ممن تستحسنه للولد، وتمجد به فى الصّهر، فلا لنفسك نظرت، ولا لولدك انتقيت».
16 - رد الحسين على معاوية
فكتب إليه الحسين بن علىّ رضى الله عنه:
أما بعد، فقد بلغنى كتابك وتعييرك إياى بأنى تزوجت مولاتى، وتركت أكفائى من قريش، فليس فوق رسول الله صلى الله عليه وسلم منتهى فى شرف، ولا غاية فى نسب (2)، وإنما كانت ملك يمينى، خرجت عن يدى بأمر التمست فيه ثواب الله تعالى، ثم ارتجعتها على سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وقد رفع الله بالإسلام الخسيسة، ووضع عنّا به النقيصة فلا لوم على امرئ مسلم إلا فى أمر مأثم، وإنما اللوم لوم الجاهلية».
(1) جثم الطائر والإنسان كضرب ونصر جثما وجثوما: تلبد بالأرض، وربضت الشاة كضرب ربضا وربوضا، وهو مثل جثوم الطير وبروك الإبل.
(2)
وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا يهود خيبر (سنة 7 هـ) وهزمهم وسباهم، وكان فى السبى صفية بنت حي بن أخطب سيد بنى النضير، فتزوجها عليه الصلاة والسلام وأصدقها عتقها، وقد أسلمت.
فلما قرأ معاوية كتابه نبذه إلى يزيد فقرأه وقال: لشدّ ما فخر عليك الحسين! قال: لا، ولكنها ألسنة بنى هاشم الحداد، التى تفلق الصّخر، وتغرف من البحر.
(زهر الآداب 1: 72)
*** وروى صاحب العقد هذا الخبر قال:
تزوج علىّ (زين العابدين) بن الحسين جارية له وأعتقها، فبلغ ذلك عبد الملك ابن مروان، فكتب إليه يؤنّبه، فكتب إليه علىّ:
(1) هى صفية اليهودية كما قدمنا.
(2)
يشير إلى زواجه صلى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش- وأمها أميمة عمته- بعد أن طلقها مولاه زيد بن حارثة، وذلك أن رسول الله كان خطبها له، فتأفف أهلها من ذلك لشرفها ورفعة حسبها- وكان العرب يأبون أن يزوجوا بناتهم من الموالى- وزيد وإن كان قد تبناه الرسول- لا يلحقه ذلك بالأشراف، فلما نزل قوله تعالى:«وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِيناً» لم يروا بدا من القبول فلما دخل بها زيد أرته من كبريائها ودالتها ما لم يحتمله، فشكاها لرسول الله فأمره باحتمالها والصبر عليها، إلى أن ضاق بها ذرعا، فأخبره بعزمه على طلاقها وكرر ذلك، فأمر الله نبيه أن يتزوج زينب بعد طلاقها، حسما لهذا الشقاق من جهة، وحفظا لشرفها أن يضيع بعد زواجها بمولى من جهة أخرى، ولكن رسول الله خشى لوم اليهود والعرب عليه فى زواجه بزوج ابنه. فقال لزيد أمسك عليك زوجك واتق الله، وأخفى فى نفسه ما أبداه الله فبت الله حكمه بإبطال هذه القاعدة وهى تحريم زوج المتبنى بقوله تعالى:«وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا» .