الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلما رأى المهلب كثرة الناس عليه قال: اليوم قوتل هذا العدو.
(الكامل للمبرد 2: 214، وشرح ابن أبى الحديد م 1: ص 397)
169 - كتاب الحجاج إلى المهلب
وخرج المهلب فى آثار الخوارج، ونشب بينه وبينهم القتال، فانكشفوا، وقد كثر فيهم القتل والجراح، وكتب الحجاج إلى المهلب من قبل الوقعة:
فشاور بنيه فقالوا: إنه أمير، فلا تغلظ عليه فى الجواب:
170 - رد المهلب على الحجاج
فكتب إليه المهلب:
«ورد علىّ كتابك تزعم أنى أقبلت على جباية الخراج، وتركت قتال العدوّ، ومن عجز عن جباية الخراج فهو عن قتال العدو أعجز، وزعمت أنك ولّيتنى وأنت ترى مكان عبد الله بن حكيم المجاشعىّ، وعبّاد بن حصّين الحبطىّ، ولو ولّيتهما لكانا مستحقّين لذلك، فى فضلهما وغنائهما (2) وبطشهما، واخترتنى وأنا رجل من الأزذ، ولعمرى إن شرا من الأزد لقبيلة تنازعها ثلاث قبائل لم تستقرّ فى واحدة منهن (3)،
(1) أى سددت.
(2)
كفايتهما.
(3)
يعنى قبيلة ثقيف قبيلة الحجاج فهى متنازعة بين هوازن وإياد وثمود، وهاك كلمة عن نسبها:
اختلف النسابون فى نسب ثقيف على ثلاثة أقوال:
فقال قوم إنهم من هوازن، وهو القول الذى يزعمه الثقفيون، قالوا إن جدهم ثقيفا هو ثقيف (واسمه قسى) بن منبة بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن غيلان بن مضر بن نزار-
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
- ابن معد بن عدنان، وعلى هذا القول جمهور الناس. ويزعم آخرون أن ثقيفا من إياد بن نزار بن معد ابن عدنان، ويقولون هو قسى بن منبه بن النبيت بن منصور بن يقدم بن أفصى بن دعمى بن إياد، وإن النخع أخوه لأبيه وأمه، ثم افترقا، فصار أحدهما فى عداد هوازن، والآخر فى عداد مذحج بن مالك بن زيد بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، قالت أخت الأشتر وهو مالك بن لحرث النخعى تبكيه:
ابعد الأشتر النخعى نرجو
…
مكاثرة ونقطع بطن وادى
ونصحب مذحجا بإخاء صدق
…
وإن ننسب فنحن ذرا إياد
ثقيف عمنا وأبو أبينا
…
وإخوتنا نزار أولو السداد
وروى أن المغيرة بن شعبة وهو والى الكوفة صار إلى دير هند بنت النعمان بن المنذر فى الحيرة، وهى فيه عمياء مترهبة، فاستأذن عليها، فقيل لها أمير هذه المدرة بالباب (والمدرة بالتحريك: المدينة) فقالت: قولوا له: أمن ولد جبلة بن الأيهم أنت؟ قال: لا، قالت أفمن ولد المنذر بن ماء السماء؟ قال لا، قالت: فمن أنت؟ قال: المغيرة بن شعبة الثقفى، قالت، فما حاجتك؟ قال: جئتك خاطبا، قالت:
لو كنت جئتنى لجمال أو لمال لأطلبتك، (أى أعطيتك ما طلبت) ولكنك أردت أن تتشرف بى فى المحافل فتقول: نكحت ابنة النعمان بن المنذر، وإلا فأى خير فى اجتماع أعور وعمياء؟ (وكانت عينه قد ذهبت فى وقعة اليرموك- انظر ترجمته فى أسد الغابة) فبعث إليها: كيف كان أمركم؟ فقالت: سأختصر لك الجواب: أمسينا وليس فى الأرض عربى إلا وهو يرغب إلينا ويرهبنا، ثم أصبحنا وليس فى الأرض عربى إلا ونحن نرغب إليه ونرهبه، قال: فما كان أبوك يقول فى ثقيف؟ قالت: اختصم إليه رجلان منهم أحدهما ينميها إلى إياد والآخر إلى بكر بن هوازن فقضى بها للإيادى، وقال:
إن ثقيفا لم يكن هوازنا
…
ولم يناسب عامرا ومازنا
(يريد عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور ومازن بن منصور) فقال المغيرة:
أما نحن فمن بكر بن هوازن. فليقل أبوك ما شاء ثم انصرف.
وقال قوم آخرون إن ثقيفا من بقايا ثمود من العرب القديمة التى بادت وانقرضت قيل: كان عبدا لأبى رغال (ككتاب) وكان أصله من قوم نجوا من ثمود فانتمى بعد ذلك إلى قيس بن عيلان، روى عن على بن أبى طالب كرم الله وجهه أنه مر بثقيف فتغامزوا به فرجع إليهم فقال لهم: يا عبيد أبى رغال إنما كان أبوكم عبدا له فهرب منه فثقفه (كسمع: أى ظفر به) بعد ذلك، ثم انتمى إلى قيس، وروى أيضا أن عليا قال على المنبر بالكوفة- وذكر ثقيفا- «لقد هممت أن أضع على ثقيف الجزية، لأن ثقيفا كان عبد لصالح نبى الله عليه السلام، وأنه سرحه إلى عامل له على الصدقة فبعث العامل معه بها، فهرب واستوطن الحرم، وإن أولى الناس بصالح محمد صلى الله عليهما وسلم» وسيرد عليك قريبا أن عبد الملك ابن مروان كتب فى إحدى رسائله إلى الحجاج يقول: «لقد جالت البصيرة فى ثقيف صالح النبى صلى الله عليه وسلم، إذ ائتمنته على الصدقات، وكان عبده، فهرب بها عنه» وقال شبيب بن يزيد الشيبانى الخارجى حين دخل الكوفة فى عهد الحجاج سنة 76 هـ:
عبد دعى من ثمود أصله
…
لا بل يقال أبو أبيهم يقدم
-