الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما حيينا، كان أهون علينا من هلاكنا، فخالفه شريح، ونادى: يا أهل الإسلام من أراد منكم الشهادة فإنىّ، فاتبعه فرسان الناس، وأهل الحفاظ، فقاتلوا حتى أصيبوا إلا قليلا، وقاتل حتى قتل فى ناس من أصحابه، ونجا من نجا، فخرجوا من بلاد رتبيل، وبلغ ذلك الحجاج فكتب إلى عبد الملك:
226 - رد عبد الملك على الحجاج
فكتب إليه عبد الملك:
فجهّز الحجاج عشرين ألف رجل من أهل الكوفة، ومثلهم من أهل البصرة، وجدّ فى ذلك وشمر، وبعث عليهم عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، فخرج بهم حتى قدم سجستان سنة 80 هـ. فجمع أهلها وخطبهم، فقال: إن الأمير الحجاج ولّانى ثغركم،
(1) الفرج: الثغر وموضع المخافة.
وأمرنى بجهاد عدوكم الذى استباح بلادكم، وأباد خياركم، فإياكم أن يتخلف منكم رجل فيحلّ بنفسه العقوبة، اخرجوا إلى معسكركم فعسكروا به مع الناس».
فعسكر الناس كلهم فى معسكرهم.
فبلغ ذلك رتبيل، فكتب إلى عبد الرحمن: يعتذر إليه من مصاب المسلمين، ويخبره أنه كان لذلك كارها، وأنهم ألجئوه إلى قتالهم، ويسأله الصلح، ويعرض عليه أن يقبل منه الخراج، فلم يجبه، ولم يقبل منه.
ولم ينشب عبد الرحمن أن سار فى الجنود إليه حتى دخل أول بلاده، وأخذ رتبيل يضم إليه جنده، ويدع له الأرض رستاقا رستاقا (1)، وحصا حصنا، وطفق ابن الأشعث كلما حوى بلدا بعث إليه عاملا، وبعث معه أعوانا، ووضع البرد (2) فيما بين كل بلد وبلد، وجعل الأرصاد على العقاب والشّعاب، ووضع المسالح (3) بكل مكان مخوف، حتى إذا حاز من أرضه أرضا عظيمة، وملأ يديه من البقر والغنم والغنائم العظيمة، حبس الناس عن الوغول فى أرض رتبيل، وقال: نكتفى بما أصبناه العام من بلادهم حتى نجبيها ونعرفها، ويجترئ المسلمون على طرقها، ثم نتعاطى فى العام المقبل ما وراءها، ثم لم نزل ننتقصهم فى كل عام طائفة من أرضهم حتى نقاتلهم آخر ذلك على كنوزهم وذراريّهم، وفى أقصى بلادهم وممتنع حصونهم، ثم لا نزايل بلادهم حتى يهلكهم الله، ثم كتب إلى الحجاج بما فتح الله عليه من بلاد العدو، وبما صنع الله للمسلمين، وبهذا الرأى الذى رآه لهم.
(تاريخ الطبرى 8: 3)
(1) الرستاق: الناحية التى هى طرف الإقليم، معرب.
(2)
جمع بريد.
(3)
جمع مسلحة، وهى القوم ذوو سلاح.