الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمحاماة عنه، وهم فى ذلك مستريبون، قد خافوا أن يكونوا قد أبقوا أنفسهم بما قاموا عليه إلى أن دعوتهم إلى تغييره فأسرعوا الإجابة.
فابتعث الله منهم بعثا يخبرهم من أولى الدين والرضا، وبعثت عليهم عبد العزيز ابن الحجاج بن عبد الملك، حتى لقى عدوّ الله إلى جانب قرية يقال لها البخراء، فدعوه إلى أن يكون الأمر شورى ينظر المسلمون لأنفسهم من يقلّدونه ممن اتفقوا عليه، فلم يجب عدوّ الله إلى ذلك، وأبى إلا تتابعا فى ضلالته، فبدرهم الحملة جهالة بالله، فوجد الله عزيزا حكيما، وأخذه أليما شديدا، فقتله الله على سوء عمله وعصبته ممن صاحبوه من بطانته الخبيثة، لا يبلغون عشرة، ودخل من كان معه سواهم فى الحق الذى دعوا إليه، فأطفأ الله جمرته، وأراح العباد منه، فبعدا له ولمن كان على طريقته.
أحببت أن أعلمكم ذلك وأعجل به إليكم، لتحمدوا الله وتشكروه، فإنكم قد أصبحتم اليوم على أمثل (1) حالكم، إذ ولاتكم خياركم، والعدل مبسوط لكم، لا يسار فيكم بخلافه، فأكثروا على ذلك حمد ربكم، وبايعوا منصور بن جمهور فقد ارتضيته لكم، على أن عليكم عهد الله وميثاقه، وأعظم ما عهد وعقد على أحد من خلقه لتسمعنّ وتطيعنّ لى ولمن استخلفته من بعدى، ممن اتفقت عليه الأمة، ولكم علىّ مثل ذلك: لأعملنّ فيكم بأمر الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأتبع سبيل من سلف من خياركم، نسأل الله ربّنا ووليّنا أحسن توفيقه وخير قضائه».
(تاريخ الطبرى 9: 31)
501 - كتاب مروان بن محمد إلى الغمر بن يزيد
وكتب مروان بن محمد إلى الغمر بن يزيد يأمره أن يطلب بدم أخيه الوليد ابن يزيد.
(1) أمثل: أفضل، والمثالة كنباهة: الفضل وفعله ككرم.
«أما بعد: فإن هذه الخلافة من الله على مناهج نبوّة رسله، وإقامة شرائع دينه، أكرمهم الله بما قلّدهم، يعزّهم ويعزّ من يعزهم، والحين (1) على من ناوأهم فابتغى غير سبيلهم، فلم يزالوا أهل رعاية لما استودعهم الله منها، يقوم بحقّها ناهض بعد ناهض، بأنصار لها من المسلمين، وكان أهل الشأم أحسن خلقه فيه طاعة، وأذبّه عن حرمه، وأوفاه بعهده، وأشدّه نكاية فى مارق مخالف ناكث ناكب (2) عن الحق، فاستدرّت نعمة الله عليهم، قد عمر بهم الإسلام، وكبت (3) بهم الشّرك وأهله، وقد نكثوا أمر الله، وحاولوا نكث العهود، وقام بذلك من أشعل ضرامها، وإن كانت القلوب عنه نافرة، والمطلوبون بدم الخليفة ولاية (4) من بنى أمية، فإنّ دمه غير ضائع، وإن سكنت بهم الفتنة، والتأمت الأمور، فأمر أراده الله لا مردّ له.
قد كتبت بحالك فيما أبرموا وما ترى، فإنى مطرق إلى أن أرى غيرا (5) فأسطو بانتقام، وأنتقم لدين الله المبتول (6)، وفرائضه المتروكة مجانة، ومعى قوم أسكن الله طاعتى قلوبهم، أهل إقدام إلى ما قدمت بهم عليه، ولهم نظراء، صدورهم مترعة (7) ممتلئة، لو يجدون منزعا (8)، وللنّقمة دولة تأتى من الله، ووقت موكّل،
(1) الحين: الهلاك والمحنة.
(2)
نكب عنه كنصر وفرح: عدل كنكب وتنكب.
(3)
كبته: صرعه وأخزاه وكسره وأذله ورده بغيظه.
(4)
الولاية: الإمارة والسلطان، والمعنى ذوو ولاية أى أمراء من بنى أمية، وقد تقدم أن البعث الذى وجهه يزيد لقتل الوليد كان عليه عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك.
(5)
غير الدهر: حوادثه المغيرة.
(6)
أى المقطوع غير الموصول، من بتله كنصر وضرب إذا قطعه.
(7)
أى ممتلئة.
(8)
المنزع: الموضع الذى يصعد فيه الدلو إذا نزع من البئر فذلك الهواء هو المنزع- انظر لسان العرب 16: 211 فى مادة بين- والمعنى: لو يجدون مجالا وفرصة للانتقام.