الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على الإقرار بصغار الجزية، على كل أهل بيت دينار واف، ولنا نصحكم ونصركم على عدو الله وعدونا، وقرى (1) المجتاز ليلة من حلال طعام أهل الكتاب، وحلال شرابهم، وهداية الطريق فى غير ما يضرّ فيه بأحد منكم، فإن أسلمتم، وأقمتم الصلاة، وآتيتم الزكاة، فإخواننا فى الدين وموالينا (2)، ومن تولّى عن الله ورسله وكتبه وحزبه فقد آذنّا كم بحرب على سواء، إن الله لا يحب الخائنين».
شهد عبد الرحمن بن خالد والحجاج وعياض، وكتب رباح، وأشهد الله وملائكته والذين آمنوا، وكفى بالله شهيدا (3)». (تاريخ الطبرى 4: 260)
48 - كتاب زياد إلى معاوية فى شأن حجر بن عدى
ولما مات المغيرة بن شعبة والى الكوفة سنة 50 هـ وكان زياد على البصرة، ضم معاوية الكوفة إلى زياد، وكان من كبراء الشيعة بها حجر بن عدىّ الكندى، فبلغ زيادا أن حجرا يجتمع إليه الشيعة ويظهرون لعن معاوية والبراءة منه، فكتب إلى معاوية فى أمره وكثر عليه. فكتب إليه معاوية أن شدّه فى الحديد ثم احمله إلىّ، فشده فى الحديد وحمله هو ورءوس أصحابه إلى معاوية، وكانوا أربعة عشر رجلا، وكتب إليه كتابا فيه:
«بسم الله الرحمن الرحيم: لعبد الله معاوية أمير المؤمنين من زياد بن أبى سفيان:
أما بعد: فإن الله قد أحسن عند أمير المؤمنين البلاء (4)، فكاد له عدوّه، وكفاه مؤنة من بغى عليه، إن طواغيت (5) من هذه التّرابية السّبئيّة، رأسهم حجر
(1) القرى: ما يقدم للضيف
(2)
أى أصحابنا وخلفاؤنا.
(3)
انظر ما قدمناه فى الجزء الأول من هامش ص 185.
(4)
البلاء: الإنعام (والبلاء يكون منحة ويكون محنة).
(5)
طواغيت: جمع طاغوت، وهو الشيطان، وكل رأس ضلال، والترابية: الشيعة، نسبة إلى أبى تراب كنية الإمام على كرم الله وجهه، كناه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم. حدث عمار بن ياسر قال:
كنت أنا وعلى رفيقين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة العشيرة (كجهينة، وهى من ناحية ينبع-
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
- بين مكة والمدينة وكانت الغزوة سنة 2 هـ) فنزلنا منزلا فرأينا رجالا من بنى مدلج يعملون فى نخل لهم، فانطلقنا فنظرنا إليهم ساعة، ثم غشينا النعاس، فعمدنا إلى صور من النخل (الصور بالفتح: النخل المجتمع) فنمنا تحته فى دقعاء من التراب، فما أيقظنا إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتانا وقد تتربنا فى ذلك التراب فجلس عند رأس على وأيقظه وجعل يمسح التراب عن ظهره ويقول: قم يا أبا تراب فكانت من أحب كناه إليه، وكان يفرح إذا دعى بها، ودعت بنو أمية خطباءها أن يسبوه بها على المنابر وجعلوها نقيصة له ووصمة عليه (انظر تاريخ الطبرى 2: 261 وسيرة ابن هشام 1: 365 وشرح ابن أبى الحديد م 1. ص 4) والسبئية: فرقة من غلاه الشيعة نسبة إلى عبد الله بن سبأ وهو يهودى من أهل صنعاء أمه سوداء، أسلم زمن عثمان- على دخل- ثم جعل يتنقل فى بلدان المسلمين يحاول ضلالتهم، وهو رأس الغلاة من الشيعة، ومنه انشعبت أصنافها وهو الذى وضع للمسلمين مبدأ الرجعة فكان يقول: لعجب ممن يزعم أن عيسى يرجع، ويكذب بأن محمدا يرجع، وقد قال الله عز وجل: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ فمحمد أحق بالرجوع من عيسى، ثم قال لهم بعد ذلك إنه كان ألف نبى، ولكل نبى وصى، وكان على وصى محمد، ثم قال محمد خاتم الأنبياء وعلى خاتم الأوصياء، ثم قال: من أظلم ممن لم يجز وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ووثب على وصى رسول الله وتناول أمر الأمة، ثم قال لهم:
إن عثمان أخذها بغير حق، وهذا وصى رسول الله فانهضوا فى هذا الأمر فحركوه .....
وقد غلا فى على فزعم أنه نبى، ثم غلافيه حتى زعم أنه إله، ودعا إلى ذلك قوما من غواة الكوفة، وقد أتى قوم منهم إلى على، فقالوا له مشافهة: أنت هو، فقال لهم ومن هو؟ قالوا: أنت الله أنت خالقنا ورازقنا، فاستتابهم وتوعدهم، فأقاموا على قولهم، فاستعظم الأمر وأمر بنار فأججت فى حفرتين ودخن عليهم فيهم طمعا فى رجوعهم فأبوا فحرقهم بالنار حتى قال بعض الشعراء فى ذلك:
لترم بى الحوادث حيث شاءت
…
إذا لم ترم بى فى الحفرتين
فجعلوا يقولون وهم يرمون فى النار: الآن صح عندنا أنه الله، لأنه لا يعذب بالنار إلا الله، وفى ذلك يقول رضى الله عنه:
لما رأيت الأمر أمرا منكرا
…
أججت نارا ودعوت قنبرا
«يريد قنبرا مولاه، وهو الذى تولى طرحهم فى النار» .
ثم إن عليا خاف من إحراق الباقين منهم شماتة أهل الشأم وخاف اختلاف أصحابه عليه، وشفع جماعة من أصحابه منهم عبد الله بن عباس فى عبد الله بن سبأ خاصة، وكان على قد هم بقتله، وقالوا: يا أمير المؤمنين إنه قد تاب فاعف عنه فأطلقه بعد أن اشترط عليه أن لا يقيم بالكوفة ونفاه إلى المدائن، فلما قتل على عليه السلام وبلغ ابن سبإ قتله، قال: لو أتيتمونا بدماغه سبعين مرة ما صدقنا موته، وزعم أن المقتول لم يكن عليا، وإنما كان شيطانا تصور للناس فى صورة على، وأن عليا صعد إلى السماء كما صعد إليها عيسى بن مريم، وزعموا أنه حى فى السحاب، فإذا أظلتهم سحابة قالوا: السلام عليك يا أبا الحسن وزعموا أن الرعد صوته والبرق سوطه، وأنه سينزل بعد ذلك إلى الأرض فيملؤها عدلا كما ملئت جورا.
(انظر تاريخ الطبرى 5: 98 والفرق بين الفرق ص 223 والملل والنحل للشهرستانى 2، 12 والفصل لابن حزم 4: 138 و 142 وشرح ابن أبى الحديد م 1: ص 425).
وقد أراد زياد من وصف الشيعة بالسبئية أن يتنقصهم ويزرى بهم، لما عرف عن السبئية من المعتقدات الفاسدة والمبادئ الباطلة.