الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فكتب إليه عبد الملك كتابا، وجعل فى طيّه جوابا لابن الأشعث:
ما بال من أسعى لأجبر عظمه
…
حفاظا وينوى من سفاهته كسرى (1)
أظنّ خطوب الدهر بينى وبينهم
…
ستحملهم منى على مركب وعر
وإنى وإياهم كمن نبّه القطا
…
ولو لم تنبّه باتت الطّير لا تسرى
أناة وحلما وانتظارا بهم غدا
…
فما أنا بالوانى ولا الضّرع الغمر (2)
ثم بات يقلّب كف الجارية، ويقول: ما أفدت فائدة أحبّ إلىّ منك، فتقول:
فما لك يا أمير المؤمنين، وما يمنعك؟ فقال: يمنعنى ما قاله الأخطل، لأنى إن خرجت منه كنت ألأم العرب:
قوم إذا حاربوا شدّوا مآزرهم
…
دون النساء ولو باتت بأطهار
فما إليك سبيل، أو يحكم الله بينى وبين عدوّى عبد الرحمن بن الأشعث، فلم يقربها حتى قتل عبد الرحمن».
(تاريخ الطبرى 8: 10، والكامل للمبرد 1: 130)
231 - كتاب من ابن الأشعث إلى الحجاج (كتبه ابن القرّية)
وروى ابن قتيبة فى الإمامة والسياسة قال:
فلما أجمع عبد الرحمن على إظهار خلع الحجاج، كتب إلى أيوب ابن القرّيّة التميمى، وهو مع الحجاج فى عسكره خاصّ المنزلة منه، يسأله أن يصدر إليه رسالة إلى الحجاج، يخلع فيها طاعة الحجاج، فكتب له ابن القرّية رسالة فيها:
(1) دخل الخرم هذا البيت- على رواية صاحب الكامل- وسيرد عليك فى باب التوقيعات فما بال
…
».
(2)
ضرع إليه ويثلث: خضع وذل واستكان فهو ضارع، وضرع ككتف وضروع كصبور وضرعة محركة، وككرم: ضعف فهو ضرع محركة، والغمر: كشمس وقفل وسبب وكتف ومعظم:
من لم يجرب الأمور.
«بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث إلى الحجاج بن يوسف، سلام على أهل طاعة الله وأوليائه الذين يحكمون بعدله، ويوفون بعهده، ويجاهدون فى سبيله، ويتورّعون لذكره، ولا يسفكون دما حراما، ولا يعطّلون للرّبّ أحكاما، ولا يدرسون (1) له أعلاما ولا يتنكّبون النّهج (2)، ولا يبرمون السّيئ، ولا يسارعون فى الغىّ، ولا يدلّلون الفجرة، ولا يتراضون الجورة، بل يتمكّنون عند الاشتباه، ويتراجعون عند الإساءة.
أما بعد، فإنى أحمد الله حمدا بالغا فى رضاه، منتهيا إلى الحق فى الأمور الحقيقة لله علينا، وبعد فإن الله أنهضنى لمصاولتك، وبعثنى لمناضلتك، حين تحيّرت أمورك، وتهتّكت ستورك، فأصبحت عريان حيران مهينا لا توافق وفقا، ولا ترافق رفقا، ولا تلازم صدقا، أؤمّل من الله الذى ألهمنى ذلك أن يصيّرك فى حبالك، وأن يجىء بك فى القرن (3)، ويسحبك للذّقن، وينصف منك من لم تنصفه من نفسك، ويكون هلاكك بيدى من اتهمته وعاديته، فلعمرى لقد طالما تطاولت وتمكّنت وأخطأت، وخلت أن لن تبور (4)، وأنت فى فلك الملك تدور، وأظن مصداق ما أقول ستخبره عن قريب، فسر لأمرك، ولاق عصابة خلعتك من حبالها (5) خلعها نعالها، وتدرّعت حلالها، تدرّعها مطالها (6)، لا يحذرون منك جهدا، ولا يرهبون منك وعيدا، يتأملون خزايتك، ويتجرّعون إمارتك، عطاشا إلى دمك، يستطعمون الله لحمك (7)
(1) درس الرسم كدخل: عفا، ودرسته الريح، لازم ومتعد.
(2)
النهج: الطريق الواضح، وتنكبه: عدل عنه وتجنبه.
(3)
القرن: الحبل يقرن به البعيران.
(4)
تهلك.
(5)
الحبال، جمع حبل: وهو العهد والذمة والتواصل، والمعنى: خلعتك من الحكم الذى عهد به إليك وهذه العبارة فى الأصل «ولاق عصابة خلقك من حيالها خلفها نعالها» وأراها محرفة.
(6)
المطل: مد الحديد وسبكه وطبعه وصوغه بيضة، والمطيلة اسم الحديدة التى تمطل من البيضة ومن الزندة وجمعها مطال.
(7)
أى يسألونه أن يطعمهم لحمك.