الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثالثة عشرة: حكم تيمم من نوى وصمد للريح فعمه التراب
.
المقصود بالمسألة: لو تعرض المرء للريح ناوياً التيمم فعم التراب وجهه ويديه هل يصح تيممه؟
اختيار القاضي:
اختار القاضي رحمه الله -أن من نوى وصمد للريح فعمه التراب صح تيممه ولو لم يمسح التراب بيديه، مخالفاً في اختياره مذهب الحنابلة كما سيأتي في ذكر الأقوال.
قال المرداوي رحمه الله: (لو نوى وصمد وجهه للريح فعم التراب جميع وجهه: لم يصح على الصحيح من المذهب،
…
وقيل: يصح، اختاره القاضي)
(1)
تحرير محل النزاع:
اتفق الفقهاء على أنه إذا لم ينوِ في تعرضه للتراب التيمم ولم يقصده أنه لا يجزئه
(2)
، واختلفوا فيما إذا نوى بتعرضه للتراب التيمم هل يصح تيممه؟ على ثلاثة أقوال.
الأقوال في المسألة:
اختلف الفقهاء في هذه المسألة إلى ثلاثة أقوال:
القول الأول: إن هبت الريح فأصاب الغبار وجهه وذراعيه فمسحه بنية التيمم جاز.
وهذا هو مذهب الحنفية
(3)
، ومذهب الحنابلة
(4)
.
القول الثاني: أن من صمد للريح حتى عمه التراب، أنه لا يصح تيممه ولو مسح ما علق به من تراب، ناوياً بذلك التيمم.
وهو مذهب المالكية
(5)
، والصحيح من مذهب الشافعية
(6)
، وراية عن الإمام أحمد
(7)
.
(1)
انظر: الإنصاف (1/ 288)، الفروع وتصحيحه (1/ 300)، المبدع (1/ 199).
(2)
انظر: المجموع (2/ 271).
(3)
انظر: المحيط البراهاني (1/ 134)، الجوهرة (1/ 7)، البحر الرائق (1/ 152)، مجمع الأنهر (1/ 39).
(4)
انظر: الكافي (1/ 120)، الإنصاف (1/ 288)، كشاف القناع (1/ 174)، دقائق أولي النهى (1/ 98)، مطالب أولي النهى (1/ 211).
(5)
انظر: الذخيرة (1/ 356)، حاشية الصاوي (1/ 195).
(6)
انظر: الأم (1/ 49)،الحاوي (1/ 241)،الوسيط (1/ 377)، المجموع (2/ 271).
(7)
انظر: شرح الزكشي (1/ 344).
القول الثالث: أن من صمد للريح حتى عمه التراب ناوياً التيمم، صح تيممه، ولو لم يمسح ما علق به من تراب.
وبه قال: بعض الشافعية
(1)
، ورواية عن الإمام أحمد
(2)
، اختارها القاضي كما تقدم.
الأدلة:
أدلة أصحاب القول الأول: (الذين اشترطوا المسح)
الدليل الأول: قوله تعالى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ}
(3)
الآية.
وجه الدلالة:
أن الله تعالى أمر بالمسح فإذا لم يمسح لم يمتثل الأمر
(4)
.
الدليل الثاني: أن المقصود لا يحصل إلا بمسحه التراب بنية التيمم
(5)
.
أدلة أصحاب القول الثاني: (الذين قالوا لا يصح تيممه ولو مسح).
الدليل الأول: قالوا: لأنه لم يأخذه لوجهه ويديه
(6)
.
ونوقش:
بأنهم نصوا على أن الجنب إذا وقف تحت ميزاب حتى عم الماء جميع شعره وبشره أجزأه
(7)
.
وأجيب:
أن الماء يجري بطبعه فيصل إلى البدن كله، وليس كذلك التراب
(8)
.
الدليل الثاني: قالوا: لأنه مذرور لا يصل إلى جميع العضو إلا بالإمرار
(9)
.
ونوقش:
أن الأصل في المسح التخفيف بخلاف الغسل
(10)
، وأيضاً التعميم لكل العضو متعذر حتى باليد، ويكفي فيه غلبة ظن
(11)
.
(1)
انظر: المجموع (2/ 271)، فتح الوهاب (1/ 29).
(2)
انظر: الإنصاف (1/ 288)، الفروع وتصحيحه (1/ 300)، المبدع (1/ 199).
(3)
المائدة:6.
(4)
انظر: بدائع الصنائع (1/ 45)، المغني (1/ 181).
(5)
انظر: المحيط البرهاني (1/ 134).
(6)
انظر: الأم (1/ 49).
(7)
انظر: الحاوي الكبير (1/ 241).
(8)
انظر: الحاوي الكبير (1/ 241).
(9)
انظر: المصدر السابق.
(10)
انظر: المبسوط (1/ 63).
(11)
انظر: تحفة المحتاج (1/ 362).
أدلة أصحاب القول الثالث: (الذين قالوا يصح تيممه مطلقاً ولو لم يمسح).
دليلهم: القياس على صحة الغسل لو جلس تحت المطر أو الميزاب فعمه الماء بنية رفع الحدث أن حدثه يرتفع
(1)
.
الترجيح:
الراجح والله أعلم القول الأول القائل بوجوب المسح لصحة تيممه، لأن الله سبحانه نص على المسح في التيمم، وأما القياس على الغسل فلا يصح؛ لأن الله سبحانه أطلق في الغسل فقال سبحانه:{وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}
(2)
ولم يأمرنا بكيفية معينة سوى تعميم البدن بالماء، بخلاف التيمم.
(1)
انظر: الحاوي الكبير (1/ 241)، المغني (1/ 181).
(2)
المائدة:6.