الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الخامسة: الاستجمار في الصفحتين
(1)
والحشفة
(2)
.
المقصود بالمسألة:
إذا جاوز البول موضع العادة فسال على الحشفة أو تجاوز الغائط مخرجه إلى الأليتين ونحوهما فهل يجزئ الاستجمار بالحجارة أو لابد حينئذٍ من الاستنجاء بالماء؟
اختيار القاضي:
اختار رحمه الله، عدم إجزاء الاستجمار إذا جاوز الخارج من السبيلين موضع العادة، موافقاً في اختياره المشهور من مذهب الحنابلة، كما سيأتي في ذكر الأقوال.
فقال رحمه الله: (والاستنجاء واجب بالماء أو بالأحجار إذا لم يتعد المخرج)
(3)
.
تحرير محل النزاع:
اتفق العلماء على جواز الاستجمار بالحجارة إذا لم يتجاوز الخارج نفس المخرج، واختلفوا في جواز ذلك إذا جاوز موضع العادة
(4)
.
(1)
الصفحتان: وهو ماكان بجانب فتحتي الدبر من لحم الوركين والبيضتين ومابين السبيلين. انظر: النهاية (3/ 34).
(2)
الحشفة: هي رأس الذكر ومافوق الختان. انظر: النهاية (1/ 391).
(3)
انظر: الجامع الصغير (ص 31).
(4)
انظر: المجموع (2/ 125).
الأقوال في المسألة:
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: لا يجزئ الاستجمار إذا تجاوز الخارج من السبيلين موضع العادة، فلا بد حينئذٍ من الاستنجاء بالماء.
وبه قال: الحنفية
(1)
، المالكية
(2)
، والحنابلة
(3)
.
القول الثاني: يجزئ الاستجمار ولو تعدى الخارج موضع العادة فوصل إلى الصفحتين والحشفة.
وبه قال: الشافعية
(4)
، وهو وجه عند الحنابلة
(5)
، اختاره ابن تيمية
(6)
.
(1)
انظر: مختصر الطحاوي (ص 18)،بدائع الصنائع (1/ 19)،الاختيار (1/ 45).
(2)
انظر: الإشراف (1/ 141)، التلقين (1/ 61)،الكافي (1/ 160).
(3)
انظر: المغني (1/ 217)،الفروع (1/ 119)،الإنصاف (1/ 105).
(4)
انظر: الأم (1/ 37)،الحاوي الكبير (1/ 170)،المجموع (1/ 126،125).
(5)
انظر: شرح الزركشي (1/ 231)،الإنصاف (1/ 106).
(6)
انظر: الفروع (1/ 119).
الأدلة:
أدلة أصحاب القول الأول:
الدليل الأول: قول علي رضي الله عنه: (إن من كان قبلكم كانوا يبعرون بعراً وإنكم تثلطون ثلطاً
(1)
فأتبعوا الحجارة بالماء)
(2)
.
وجه الدلالة:
أنه قول صحابي نص على المنع من استعمال الحجارة وحدها فيما إذا خرج الخارج سائلاً لأنه حينئذٍ ينتشر عن السبيلين
(3)
.
ونوقش:
بأنه أثر ضعيف لا يثبت، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم أثبت الاقتصار على الأحجار رخصةً في حق عامّة الخلق، على عموم الأحوال، مع العلم باختلاف الخلق والأحوال، والظاهر الانتشار في غالب الأمر
(4)
.
الدليل الثاني: أن الأصل إزالة النجاسة بالماء وإنما الاستجمار في المحل المعتاد رخصة لأجل المشقة في غسله لتكرر النجاسة فيه فما لا تتكرر النجاسة فيه لا يجزئ فيه إلا الغسل كساقه وفخذه
(5)
.
ونوقش:
أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالإزالة بالماء في قضايا معينة، ولم يأمر أمراً عاماً بأن تزال كل نجاسة بالماء
(6)
.
(1)
الثلط: بسكون اللام وهو إخراج الغائط رقيقا، أي كانوا يتغوطون يابسا كالبعر؛ لأنهم كانوا قليلي الأكل والمآكل، وأنتم تثلطون رقيقا، وهو إشارة إلى كثرة المآكل وتنوعها. انظر: النهاية (1/ 220).
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة في كتاب الطهارات، باب من كان يقول إذا خرج من الغائط فليستنج بالماء، برقم 1634 (1/ 142)، وضعفه الألباني فقال:(فإنه معلول بالانقطاع بين علي وعبد الملك)،انظر: السلسلة الضعيفة (3/ 118).
(3)
الحاوي الكبير (1/ 161)، الشرح الكبير على المقنع (1/ 92).
(4)
انظر: نهاية المطلب (1/ 116).
(5)
انظر: المعونة (1/ 172،171)، شرح العمدة (1/ 157).
(6)
انظر: مجموع الفتاوى (22/ 121).
أدلة أصحاب القول الثاني:
الدليل الأول: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه قذراً أو أذى فليمسحه وليصل فيهما)
(1)
.
وجه الدلالة:
أن أسفل النعل محل تكرر ملاقاة النجاسة له، فهو بمنزلة السبيلين فلما كان إزالته عنها بالحجارة ثابتا بالسنة المتواترة، فكذلك ما جاوز المخرج إلى الصفحتين والحشفة
(2)
.
الدليل الثاني: أن النجاسة متى زالت بأي وجه كان، زال حكمها، فإن الحكم إذا ثبت بعلة زال بزوالها
(3)
.
الترجيح:
الراجح والله أعلم هو القول الثاني القائل أن الاستجمار يجزئ ولو تجاوز الخارج موضع العادة، لقوة ما استدلوا به ولمناقشة أدلة القول الأول.
(1)
أخرجه أبو داود كتاب الصلاة، باب الصلاة في النعل ح/650 (1/ 175)، وحسنه النووي في المجموع (1/ 92).
(2)
انظر: الفتاوى الكبرى (1/ 428).
(3)
انظر: مجموع الفتاوى (22/ 121).