الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الرابعة: نفخ اليدين عن التراب في التيمم
.
اختيار القاضي:
اختار رحمه الله: عدم كراهية النفخ إذا كان التراب كثيراً، موافقاً في اختياره مذهب الحنابلة كما سيأتي.
فقال: (و اختلفت في التيمم إذا علق على يديه تراب كثير هل يكره له نفخ التراب ليخف ما عليها؟ فنقل الميموني كراهية ذلك، ونقل جعفر بن محمد نفي الكراهية، وهو أصح لأن النبي صلى الله عليه وسلم نفخ عن يديه التراب، ويمكن أن تحمل كراهيته لذلك إذا كان النفخ يذهب بجميع التراب، ولا يبقي له غبار يمسح به وجهه، فإنه لا يجوز ذلك)
(1)
.
الأقوال في المسألة:
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: يشرع النفخ مطلقاً سواء علق به تراب كثير أو قليل.
وبه قال: الحنفية
(2)
، والمالكية
(3)
.
القول الثاني: التفصيل في ذلك، فإن كان التراب كثيراً نفخ، وإن كان قليلاً لا ينفخ.
وبه قال: الشافعية
(4)
، والحنابلة ونصوا على كراهة نفخ القليل
(5)
.
(1)
انظر: المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين (1/ 89).
(2)
انظر: البحر الرائق (1/ 153)،أحكام القران للجصاص (4/ 27)، بدائع الصنائع (1/ 46)،تبيين الحقائق (1/ 38).
(3)
انظر: الذخيره (1/ 352)، مواهب الجليل (1/ 356)،الفواكه الدواني (1/ 157)،الشرح الكبير (1/ 158).
(4)
ونصوا على أن نفخ التراب الكثير سنة، انظر: الحاوي الكبير (1/ 247)، البيان (1/ 280)، المجموع (2/ 234).
(5)
وعند الحنابلة أنه مخير في نفخ الكثير بين الفعل والترك، وأما القليل فيكره نفخه. انظر: المغني (1/ 182)، المبدع (1/ 192)، شرح المنتهى للبهوتي (1/ 101)، كشاف القناع (1/ 178).
الأدلة:
أدلة أصحاب القول الأول:
الدليل الأول: عن عمار بن ياسر
(1)
رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (إنما كان يكفيك هكذا، فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بكفيه الأرض ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه)
(2)
.
وجه الدلالة:
أن النبي صلى الله عليه وسلم نفخ يديه في التيمم.
ونوقش:
بأنه علق بيده صلى الله عليه وسلم شيء كثير من التراب، فأراد تخفيفه لئلا يبقى له أثر في وجهه
(3)
.
ويجاب عنه:
بأن هذا مجرد احتمال، و لا يرد به الاستدلال.
الدليل الثاني:
قالوا: أن التيمم ورد بمسح كفٍ مسه التراب على العضوين، لا تلويثهما بالتراب، وأن في النفض صيانة له عن التلوث بالتغبير الذي يشبه المثله
(4)
.
أدلة أصحاب القول الثاني:
استدلوا: أن ابن عمر كان إذا تيمم ضرب بيديه ضربة على التراب، ثم مسح وجهه، ثم ضرب ضربة أخرى، ثم مسح بهما يديه إلى المرفقين ولا ينفض يديه من التراب
(5)
.
ويناقش:
بما سبق من فعله صلى الله عليه وسلم.
الترجيح:
الراجح والله أعلم، هو القول الأول القائل بمشروعية نفخ اليدين في التيمم مطلقاً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله و لمناقشة أدلة القول الثاني، والله أعلم.
(1)
عمار هو: أبو اليقظان عمار بن ياسر بن عامر بن مالك الكناني المذحجي العنسي القحطاني، هاجر إلى المدينة، وشهد بدراً وأحداً والخندق وبيعة الرضوان، وشهد الجمل وصفين مع علي، وقتل بصفين 37 هـ. انظر ترجمته: الاستيعاب (3/ 1135)،وطبقات ابن سعد (3/ 246) والأعلام (5/ 36).
(2)
أخرجه البخاري، كتاب التيمم، باب: المتيمم هل ينفخ فيهما؟ ح/338 (1/ 75)، ومسلم في كتاب الحيض، باب التيمم، ح/368 (1/ 280).
(3)
انظر: فتح الباري (1/ 44).
(4)
انظر: العناية شرح الهداية (1/ 125)،بدائع الصنائع (1/ 46).
(5)
أخرجه عبدالرزاق في مصنفه، كتاب الطهارة، باب كم التيمم من ضربة برقم 817، (1/ 211).