الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الأولى: حكم المداومة على المسح على الخفين
.
المقصود بالمسألة: أيهما أفضل أن يداوم على المسح على الخفين أو يداوم على غسل الرجلين؟
اختيار القاضي:
اختار رحمه الله -أن عدم المداومة على المسح على الخفين أفضل، خلافاً للمشهور من مذهب الحنابلة كما سيأتي.
قال المرداوي رحمه الله: (المسح أفضل من الغسل على الصحيح من المذهب، نص عليه
…
وقيل: إن لم يداوم المسح فهو أفضل، اختاره القاضي)
(1)
.
الأقوال في المسألة:
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن الغسل أفضل من المسح على الخفين.
وهو مذهب الحنفية
(2)
، والمالكية
(3)
، والشافعية
(4)
، ورواية عن الإمام أحمد
(5)
، اختارها القاضي أبو يعلى كما تقدم.
القول الثاني: المسح أفضل من الغسل.
وهذا القول رواية عن الإمام أحمد، وهي المذهب، وهي من مفردات مذهب الحنابلة
(6)
.
القول الثالث: أن غسل الرجلين، أو المسح على الخفين سواء.
وهو رواية عن الإمام أحمد
(7)
.
(1)
انظر: الإنصاف (1/ 169).
(2)
انظر: شرح فتح القدير (1/ 144)،تبيين الحقائق (1/ 46).
(3)
انظر: منح الجليل (1/ 134)،حاشية الدسوقي (1/ 141)،شرح الخرشي (1/ 176).
(4)
انظر: المجموع (1/ 502)،حاشيتي قليوبي وعميرة (1/ 64)،نهاية المحتاج (1/ 199).
(5)
انظر: المغني (1/ 174)، الإنصاف (1/ 169).
(6)
انظر: الإنصاف (1/ 169)،كشاف القناع (1/ 110).
(7)
انظر: الإنصاف (1/ 169)، شرح الزركشي (1/ 380،379).
الأدلة:
أدلة أصحاب القول الأول:
الدليل الأول: قوله تعالى: {
…
فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} الآية
(1)
وجه الدلالة:
أن الغسل هو المفترض في كتاب الله عز وجل.
الدليل الثاني: أن الغسل هو الذي واظب عليه النبي صلى الله عليه وسلم في معظم الأوقات، لذا كان أفضل
(2)
.
الدليل الثالث: من حيث النظر قالوا: أن الغسل فيه مشقة أكثر من المسح، وما كان كذلك فأجره أعظم.
أدلة أصحاب القول الثاني:
الدليل الأول: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يكره أن تؤتى معصيته)
(3)
.
وجه الدلالة:
أن المسح رخصة فهو أحب إلى الله من الغسل.
(1)
المائدة:6.
(2)
انظر: المجموع (1/ 478).
(3)
رواه الإمام أحمد في مسنده برقم 5866 (10/ 107)،وابن حبان في صحيحه، كتاب المواقيت، باب صلاة المسافر ح/545 (1/ 145) وأورده الهيثمي في"مجمع الزوائد"3/ 162، وقال:(رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح)، وحسنه المنذري في الترغيب والترهيب (2/ 88،87).
الدليل الثاني: عن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما)
(1)
.
وجه الدلالة:
أن المسح على الخفين أيسر من غسلهما، وما كان أيسر فهو أولى.
الدليل الثالث: أن المسح على الخفين فيه إحياء للسنة ومخالفة لأهل البدع فكان أولى
(2)
.
أدلة أصحاب القول الثالث: (القائلين أن غسل الرجلين، أو المسح على الخفين سواء).
استدل أصحاب هذا القول بمجموع الأدلة الواردة في غسل الرجلين وكذلك المسح على الخفين، وأن الأدلة جاءت بهذا وهذا، ولم يرد نص في الشرع يفضل أحدهما على الآخر، فيبقى الحكم واحداً
(3)
.
الترجيح:
بعد سياق كلام أهل العلم في المسألة، يتبين لي والله أعلم، أن ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله -هو الصواب، وهو أن الأفضل في حق كل أحد بحسبه، فمن كان عليه خف فالأفضل في حقه المسح، ومن كان لا خف عليه فالأفضل في حقه الغسل، لأن فيه جمعاً بين الأدلة وإعمالاً لجميع النصوص والله أعلم
(4)
.
(1)
أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المناقب، باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم، ح/3560 (4/ 189)، ومسلم في كتاب الفضائل، باب مباعدته صلى الله عليه وسلم للآثام واختياره من المباح، أسهله وانتقامه لله عند انتهاك حرماته، ح/2327 (4/ 1813).
(2)
انظر: شرح الزركشي (1/ 379).
(3)
انظر: الأوسط (1/ 440).
(4)
انظر: الفتاوى الكبرى (5/ 304).