الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثالثة: حكم وضوء من مس ذكره بظهر كفه
.
المقصود بذلك: لو كان الإنسان على طهارة، ومس ذكره بظهر كفه هل ينتقض وضوءه أو لا ينتقض؟
اختيار القاضي:
اختار رحمه الله، انتقاض الوضوء بمس الذكر بظهر الكف، موافقاً في اختياره المشهور من مذهب الحنابلة، كما سيأتي.
فقال رحمه الله: (مسألة: واختلفت إذا مس ذكره بظهر كفه، فنقل صالح أنه ينتقض الوضوء كما لو مسه ببطن كفه، وهو أصح)
(1)
.
تحرير محل النزاع:
اتفق الأئمة الأربعة على عدم انتقاض وضوء من مسّ فرجه بغير يده من أعضائه الأخرى
(2)
،واختلفوا في انتقاض الوضوء بمس ذكر الآدمي بدون حائل ببطن كفه أو ظاهرها.
سبب الخلاف:
هو اختلافهم في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أفضى بيده إلى ذكره ليس دونه ستر فقد وجب عليه الوضوء)
(3)
، فقوله صلى الله عليه وسلم:(أفضى بيده) هل الإفضاء والمس خاص بباطن الكف أم يشمل ظاهرها؟
وهل يقتصر على باطن الكف لأنه راجع إلى اعتبار سبب اللذة؟
(4)
.
(1)
انظر: المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين (1/ 84).
(2)
انظر: الإفصاح (1/ 139) ، المحلى (1/ 236).
(3)
رواه أحمد (2/ 333) واللفظ له، وابن حبان كما في الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان (2/ 222) برقم 1115، وصححه ابن حبان، والحاكم، وابن عبد البر، وابن السكن. انظر: الاستذكار (3/ 31، 32)، التلخيص الحبير (1/ 125، 126)، مجمع الزوائد (1/ 245).
(4)
انظر: بداية المجتهد (1/ 45).
الأقوال في المسألة:
اختلف العلماء فيها على قولين:
القول الأول: أن مس الذكر بظاهر الكف لا ينقض الوضوء.
وبه قال: الحنفية
(1)
، والمالكية
(2)
، والشافعية
(3)
، ورواية عن الإمام أحمد
(4)
.
القول الثاني: أن مس الذكر بظاهر الكف ينقض الوضوء.
وبه قال: الحنابلة، وهو من مفردات المذهب
(5)
، وهو اختيار القاضي كما تقدم.
(1)
انظر: بدائع الصنائع (1/ 30)، اللباب (1/ 120).
(2)
انظر: المدونة (1/ 118)، الكافي (1/ 149)،المقدمات الممهدات (1/ 101).
(3)
انظر: الحاوي الكبير (1/ 197)،حاشية عميرة (1/ 37).
(4)
انظر: الانتصار (1/ 326)، شرح العمدة (1/ 305)، الإنصاف (1/ 204).
(5)
انظر: مسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبدالله (1/ 16) المغني (1/ 132)، الإنصاف (1/ 204)،كشاف القناع (1/ 127) حاشية الروض المربع (1/ 249).
أدلة أصحاب القول الأول:
الدليل الأول: حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أفضى بيده إلى ذكره ليس دونه ستر فقد وجب عليه الوضوء)
(1)
والإفضاء يكون بباطن الكف لا بظاهر الكف، وأفضى الرجل بيده إلى الأرض: مسها بباطن راحته
(2)
.
ونوقش:
بأن الإفضاء اللمس من غير حائل، فيشمل باطن الكف وظاهرها
(3)
.
الدليل الثاني: أن اليد خصصت لأنها آلة اللمس وموضع اللمس فيها باطنها فينصرف إليه النهي بخلاف ظاهرها فإنه ليس آلة للمس
(4)
.
ونوقش:
أن كل شيء لاقى شيئا فقد مسه، فخصُ المس بباطن اليد ليس بصحيح
(5)
.
(1)
تقدم تخريجه.
(2)
انظر: الحاوى الكبير (1/ 349)، الموسوعة الفقهية الكويتية (5/ 296).
(3)
انظر: الفقه الإسلامي وأدلته (1/ 380).
(4)
انظر: الشرح الكبير (1/ 195)، المبدع (1/ 137)،مطالب أولي النهى (1/ 145).
(5)
انظر: المغني (1/ 168)،الشرح الكبير (1/ 195).
الدليل الثالث: أن في باطن الكف والأصابع من اللطف والحرارة المحركين للمذي ما ليس في غيرهما
(1)
.
ونوقش:
أن الحكمة من الوضوء تعبدية غير معقولة المعنى
(2)
.
وأجيب عنه:
أنه متى دار الحكم بين كونه تعبديا ومعقول المعنى كان جعله معقول المعنى هو الوجه لندرة التعبد وكثرة التعقل
(3)
.
الدليل الرابع: الاتفاق على أن من مس ذكره بذراعه أو بعضده أو بفخذه أو نحو ذلك فإنه لا ينتقض بذلك الوضوء، ولا فارق بين هذه المواضع وظاهر الكف
(4)
.
ونوقش:
أن ظاهر كفه من يده، ولأنه جزء من يده تتعلق به الأحكام المعلقة على مطلق اليد، فأشبه باطن الكف
(5)
.
(1)
انظر: الذخيرة للقرافي (1/ 221).
(2)
انظر: البحر الرائق مع حاشية ابن عابدين عليه (1/ 47).
(3)
انظر: البحر الرائق مع حاشية ابن عابدين عليه (1/ 134).
(4)
انظر: المغني (1/ 133).
(5)
انظر المغني (1/ 133).
أدلة أصحاب القول الثاني:
الدليل الأول: قوله صلى الله عليه وسلم: (من أفضى بيده إلى ذكره ليس دونه ستر فقد وجب عليه الوضوء)
(1)
.
وجه الدلالة:
أنه لا فرق بين بطن الكف وظهرها وحرفها، لأنه جزء منها أشبه بطنها
(2)
.
ونوقش:
أن العادة أن اللمس يكون بباطن الكف والأصابع، ولأن فيهما من اللطف والحرارة المحركين للمذي ما ليس في غيرهما
(3)
.
الدليل الثاني: أنه مس فرجه بيده فوجب أن ينقض وضوءه كما لو مسه براحته
(4)
.
ونوقش:
أن ظاهر الكف ليس بآلة للمس، فأشبه ما لو مسه بفخذه
(5)
.
الترجيح:
الراجح والله أعلم هو القول الأول القائل بعدم نقض وضوء من مس ذكره بكفه، لأن المعنى الذي اختصت به اليد في مسه بنقض الوضوء دون سائر الجسد، إما أن يكون لحصول اللذة المقتضي إلى نقض الطهر وإما لأن اليد آلة الطعام فخيف تنجسها بآثار الاستنجاء، وكلا المعنيين مختص بباطن الكف دون ظاهرها
(6)
، وإن كان الحكم تعبدياً فيقتصر على ما يتبادر للذهن أنه مظنة اللمس وهو باطن الكف.
(1)
تقدم تخريجه قريباً.
(2)
انظر: مطالب أولي النهى (1/ 145).
(3)
انظر: الذخيرة للقرافي (1/ 221).
(4)
انظر: الحاوي الكبير (1/ 197).
(5)
انظر: المغني (1/ 133).
(6)
انظر: الحاوي الكبير (1/ 197).