الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثانية عشرة: التيمم لنجاسة على بدنه عجز عن إزالتها
.
اختيار القاضي:
اختار رحمه الله -مشروعية التيمم للنجاسة على البدن إن عجز عن غسلها بالماء كما يتيمم للحدث، موافقاً في اختياره المشهور من مذهب الحنابلة كما سيأتي في ذكر الأقوال.
فقال رحمه الله: (فإن عدم الماء الذي يتطهر به وكان على بدنه نجاسة تيمم لها كما يتيمم للحدث)
(1)
.
تحرير محل النزاع:
اتفق الفقهاء على أنه لا يجوز التيمم للنجاسة إذا كانت في الثوب أو في غير بدنه
(2)
، وذلك لأن التيمم طهارة في البدن، فلا ينوب عن غير البدن
(3)
، واختلفوا إذا كانت النجاسة على البدن ولا يستطيع إزالتها بالماء فهل يتيمم لها أو لا يتيمم؟
الأقوال في المسألة:
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: لا يتيمم للنجاسة مطلقاً سواء كانت على بدنه أو على غيره.
وبه قال: الحنفية
(4)
، والمالكية
(5)
، والشافعية
(6)
، وأحمد في رواية
(7)
، اختارها ابن تيمية
(8)
.
(1)
انظر: الجامع الصغير (ص 23).
(2)
انظر: حاشية الروض المربع (1/ 317).
(3)
انظر: كشاف القناع (1/ 403).
(4)
انظر: المبسوط (1/ 116)، البحر الرائق (1/ 242).
(5)
انظر: الذخيرة (1/ 344)،التاج والإكليل (1/ 223).
(6)
انظر: الأم (1/ 37)، المجموع (2/ 209)، مغني المحتاج (1/ 245).
(7)
انظر: الإنصاف (1/ 279).
(8)
انظر: الاختيارات الفقهية (ص 20)، الإنصاف (1/ 279).
القول الثاني: يتيمم لنجاسة على بدنه عجز عن إزالتها.
وبه قال: أحمد في أشهر الروايتين عنه، وهو المشهور من مذهب الحنابلة
(1)
، ومن مفردات المذهب
(2)
.
الأدلة:
أدلة أصحاب القول الأول:
الدليل الأول: أن التيمم ورد في الشرع للحدث، وغسل النجاسة والتيمم لها عند العجز ليس في معنى رفع الحدث
(3)
.
الدليل الثاني: أن الغسل إنما يكون في محل النجاسة دون غيره
(4)
.
الدليل الثالث: أن المقصود هو إزالة النجاسة، وهذا لا يتحقق بالتيمم
(5)
.
(1)
انظر: الكافي (1/ 96)، الإنصاف (1/ 279)،كشاف القناع (1/ 403).
(2)
انظر: الإنصاف (1/ 266)، المنح الشافيات (1/ 184).
(3)
انظر: المغني (1/ 352).
(4)
انظر: المجموع 02/ 209).
(5)
انظر: المبسوط (1/ 116).
أدلة أصحاب القول الثاني:
الدليل الأول: حديث أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الصعيد الطيب طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته)
(1)
.
الدليل الثاني: حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)
(2)
.
وجه الدلالة:
أن هذا يعم طهارتي الحدث والجنب المتعلقة بالبدن دون الثوب لقوله فليمسه بشرته ولأنه محل من البدن يجب تطهيره بالماء مع القدرة عليه فوجب بالتراب عند العجز كمواضع الحدث
(3)
.
ونوقش:
أن الحديثين مقصوران على طهارة ا لحدث فقط، وإلا لجاز التيمم للنجاسة على الثوب وأنتم لا تقولون بهذا، ولا نسلم بعمومهما للخبث لعدم وروده في الشرع بخلاف الحدث
(4)
.
الدليل الثالث: أن إزالة النجاسة طهارة في البدن تراد للصلاة فجاز لها التيمم عند عدم الماء أو خوف الضرر باستعماله قياساً على الحدث
(5)
.
ونوقش:
بأنه قياس مع الفارق، لأن طهارة الحدث يؤتى بها في غير محلها، بخلاف طهارة النجاسة فلا يؤتى بها إلا في محلها، فافترقا فلا يقاس أحدهما على الآخر
(6)
.
الترجيح:
الراجح والله أعلم هو القول الأول القائل بعدم التيمم للنجاسة مطلقاً، لأن الشرع إنما ورد في التيمم لرفع الحدث الأكبر أو الأصغر، فيقتصر على مورد النص في ذلك، ولا يقاس عليه غيره من النجاسات لوجود الفرق الكبير بينهما، فإن وجد ماءاً أزالها وإلا صلى على حسب حاله.
(1)
سبق تخريجه.
(2)
سبق تخريجه.
(3)
انظر: شرح العمدة (1/ 379).
(4)
انظر: اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية الفقهية (1/ 665).
(5)
انظر: المغني (1/ 352).
(6)
انظر: المهذب (1/ 125).