الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثالثة: الغسل للحجامة
(1)
.
اختيار القاضي:
اختار القاضي- رحمه الله، أن الغسل من الحجامة مستحب، مخالفاً في اختياره المشهور من مذهب الحنابلة كما سيأتي في ذكر الأقوال.
قال المرداوي: -وهو متحدثا عن الأغسال المستحبة-: (ومنها: الغسل للحجامة، على إحدى الروايتين، اختاره القاضي في المجرد)
(2)
.
تحرير محل النزاع:
اتفق العلماء على أنه لا يجب الغسل للحجامة
(3)
، واختلفوا في استحباب الغسل منها على قولين.
الأقوال في المسألة:
القول الأول: يستحب الغسل بعد الحجامة.
وبه قال: الحنفية
(4)
، والشافعي في القديم وهو المذهب عندهم
(5)
، ورواية عن الإمام أحمد
(6)
، اختارها القاضي كما تقدم.
القول الثاني: لا يستحب الغسل بعد الحجامة.
وهو مذهب الحنابلة
(7)
.
(1)
الحجامة: الحجم المص، والحجامة مص الدم من الجرح أو القيح من القرحة بآلة كالكأس.
انظر: معجم لغة الفقهاء 175.
(2)
انظر: الإنصاف (1/ 251).
(3)
انظر: مراتب الإجماع (ص: 21)، البدر المنير (2/ 538)، الجوهر النقي (1/ 300).
(4)
انظر: المبسوط (1/ 83)،المحيط البرهاني (1/ 206)،مجمع الأنهر (1/ 25)،حاشية ابن عابدين (1/ 170).
(5)
انظر: اللباب (ص: 67)،نهاية المطلب (2/ 531)،الوسيط (2/ 292)،المجموع (2/ 203).
(6)
انظر: الإنصاف (1/ 251).
(7)
انظر: الإنصاف (1/ 251)، كشاف القناع (1/ 152)، دقائق أولي النهى (1/ 85).
الأدلة:
أدلة أصحاب القول الأول:
الدليل الأول: عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان يغتسل من أربع: من الجنابة، ويوم الجمعة، ومن الحجامة، ومن غسل الميت)
(1)
.
وجه الدلالة:
فهذا يدل على أنه يستحب لمن احتجم أن يغتسل، لأن الفعل المجرد لا يدل على الوجوب فيكون الأمر للاستحباب.
بأنه حديث ضعيف، والضعيف لا تقوم به حجة
(2)
.
الدليل الثاني: علي بن أبي طالب رضي الله عنه (أنه كان يحب أن يغتسل من الحجامة)
(3)
.
ويناقش:
بأنه معارض بترك غيره من الصحابة، فعن ابن عمر، أنه كان إذا احتجم يغسل أثر محاجمه ويتوضأ ولا يغتسل
(4)
، فلا يكون فعل أحدهما حجة على الآخر.
الدليل الثالث: من النظر والتعليل قالوا:
أولا: أن الحجامة قد يعقبها الضعف بسبب خروج الدم فإذا اغتسل فإنه يستعيد نشاطه
(5)
.
ثانياً: أن الاغتسال من الحجامة إنما هو لإماطة الأذى، ولما لا يؤمن أن يكون قد أصاب المحتجم رشاش من الدم فالاغتسال منه استظهار بالطهارة واستحباب للنظافة
(6)
.
ويناقش:
بأن الاستحباب حكم شرعي، يفتقر إلى دليل، ولا دليل صحيح في المسألة.
(1)
أخرجه أحمد ح/25190 (42/ 106)،وأبو داود (1/ 96) كتاب الطهارة باب في الغسل يوم الجمعة، وضعفه ابن عبد البر انظر: الاستذكار (3/ 13).
(2)
قال ابن المنذر: (فهذا غير ثابت) انظر: الأوسط (1/ 180).
(3)
الأوسط لابن المنذر (1/ 179).
(4)
انظر: المصدر السابق.
(5)
انظر: أسنى المطالب (1/ 265).
(6)
انظر: معالم السنن (1/ 110).
أدلة أصحاب القول الثاني:
الدليل الأول: عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم (احتجم فصلى ولم يتوضأ ولم يزد عن غسل محاجمه)
(1)
.
الدليل الثاني: القياس: قالوا لا يستحب لأنه دم خارج أشبه الرعاف
(2)
.
الترجيح:
الراجح والله أعلم القول الثاني القائل بعدم استحباب الغسل من الحجامة، لعدم الدليل الصحيح الصريح في استحباب ذلك، ولمناقشة أدلة القول الآخر.
(1)
أخرجه الدارقطني ورجح وقفه، كتاب الطهارة، باب في الوضوء من الخارج من البدن كالرعاف والقيء والحجامة ونحوه، ح/554 (1/ 276).
(2)
انظر: الشرح الكبير (1/ 213).