الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة السادسة: حكم تصفح المحدث للمصحف بكمه
.
اختيار القاضي:
اختار القاضي رحمه الله -جواز مس المصحف من وراء حائل موافقاً في اختياره المشهور من مذهب الحنابلة كما سيأتي في ذكر الأقوال.
فقال رحمه الله: (مسألة: واختلفت هل يجوز للمحدث أن يتصفح ورق المصحف بكمه؟ فنقل الحسن بن ثواب، وإبراهيم بن هانئ جواز ذلك، لأنه حائل، فهو كما لو حمل المصحف بثوبه أو بعلاقته. ونقل أبو طالب منع ذلك، والأولى أصح)
(1)
.
تحرير محل النزاع:
اتفق فقهاء المذاهب الأربعة على أن مس المصحف للمحدث حدثًا أكبر أو أصغر باليد، من غير حائل يعتبر محرمًا
(2)
،واختلفوا في حكم مَسِّ المصحف بحائل، كخرقة أو كُمٍ أو نحو ذلك.
الأقوال في المسألة:
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
القول الأول: التفريق بين مسه بحائل متصل أو منفصل، فيحرم أن يمس المصحف بكم أو غيره من ثيابه المتصلة ببدنه، دون ما انفصل عنه.
وهو مذهب الحنفية
(3)
.
القول الثاني: التحريم فلا يجوز للمحدث مس المصحف من وراء حائل مطلقاً، سواء كان الحائل متصلاً أم منفصلاً.
وهو مذهب المالكية
(4)
، والشافعية
(5)
،ورواية عن الإمام أحمد
(6)
.
القول الثالث: الجواز مطلقاً، مادام المس من وراء حائل.
وهو مذهب الحنابلة
(7)
، وقول للحنفية
(8)
.
(1)
انظر: المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين (1/ 79).
(2)
انظر: تحفة الفقهاء (1/ 31)،الاستذكار (2/ 472)،الفتاوى الكبرى (1/ 280)،مجموع الفتاوى (21/ 270).
(3)
انظر: الهداية شرح البداية (1/ 31)،فتح القدير (1/ 169)،البحر الرائق (212)،حاشية ابن عابدين (1/ 315).
(4)
انظر: عقد الجواهر الثمينة (1/ 62)، الذخيرة (1/ 237)، الشرح الكبير (1/ 125)،الشرح الصغير (1/ 223).
(5)
انظر: المجموع (1/ 74)،روضة الطالبين (1/ 190)،مغني المحتاج (1/ 38).
(6)
انظر: المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين (1/ 79).
(7)
انظر: المغني (1/ 147)،شرح العمدة (1/ 385)، معونة أولي النهى (1/ 375)،كشاف القناع (1/ 135).
(8)
انظر: البناية شرح الهداية (1/ 652).
الأدلة:
أدلة أصحاب القول الأول:
استدل القائلون بالتفريق بين مس المصحف بحائل متصل أو منفصل بأدلة منها:
الدليل الأول: عللوا لذلك: بأن الكم تابع ليد الماس، فكما يحرم المس باليد، يحرم بالكم بحكم التبعية، لأن كمه وثيابه متصلة به عادة، فأشبهت أعضاءه وكذا سائر الثوب المتصل به
(1)
.
ونوقش:
أن المحرم هو المس، وهو اسم للمباشرة باليد من غير حائل
(2)
.
الدليل الثاني: قالوا: لو حلف لا يجلس على الأرض فجلس عليها مفترشاً ثوبه يحنث في يمينه، وإن كان ثوبه حائلا بينهما
(3)
.
ونوقش:
أن مبنى الأيمان على العرف والجالس على الأرض بثوبه يعد جالساً على الأرض عرفاً وعادة
(4)
.
(1)
انظر: شرح العمدة (1/ 385).
(2)
انظر: المحيط البرهاني (1/ 216)،الكافي لابن قدامة (1/ 93).
(3)
انظر: تبيين الحقائق (1/ 117).
(4)
انظر: المحيط البرهاني (1/ 216).
أدلة أصحاب القول الثاني:
استدل القائلون بالمنع مطلقاً من مس المصحف سواء كان الحائل متصلاً أو منفصلاً بالإضافة للأدلة السابقة بالتعليل حيث قالوا: أن التقليب يقع باليد لا بالكم
(1)
.
ويناقش:
بأن المحرم المس لا التقليب، والمس حقيقته إذا كان بلا حائل، أما مع وجود ه فلا يسمى مساً.
أدلة أصحاب القول الثالث:
استدل القائلون بجواز مس المصحف بحائل مطلقاً بأن النهي ورد عن مس المصحف، ومع وجود الحائل يكون المس للحائل، فلا يحرم لعدم مباشرة المس باليد، بدليل عدم انتقاض الوضوء بمس المرأة من وراء حائل عند من يقول بهذا، بخلاف مباشرة المس، فإنه ينقض الوضوء، ولأنه لم يمسه، فيبقى على أصل الإباحة
(2)
.
الترجيح:
الراجح والله أعلم هو القول الثالث القائل بجواز المس من وراء حائل مطلقاً، لقوة أدلتهم ومناقشة أدلة الأقوال الأخرى.
(1)
انظر: نهاية المطلب (1/ 98).
(2)
انظر: الكافي لابن قدامة (1/ 93)، شرح العمدة (1/ 385).