المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الثالثة: حكم لبن الميتة وإنفحتها - اختيارات القاضي أبي يعلى الحنبلي الفقهية من أول كتاب الطهارة إلى آخر باب التيمم

[عدنان الرشيدي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌ أهمية الموضوع:

- ‌أسباب اختيار الموضوع:

- ‌ الدراسات السابقة:

- ‌خطة البحث:

- ‌التمهيد

- ‌المطلب الأول: التعريف بالمؤلف

- ‌1 - اسمه ونسبه و مولده ولقبه

- ‌2 - نشأته وحياة العلمية ورحلاته في طلب العلم

- ‌3 - مشايخه وتلاميذه

- ‌4 - مكانته العلمية ومكانته الاجتماعية

- ‌5 - ثناء العلماء عليه

- ‌6 - وفاته

- ‌المطلب الثاني:التعريف بمؤلفاته، وطريقته في الاختيار

- ‌1 - مؤلفات القاضي أبي يعلى المطبوعة

- ‌2 - مؤلفات القاضي أبي يعلى المخطوطة

- ‌تعرف الاختيارات:

- ‌الفصل الأولاختيارات القاضي أبي يعلى في أبواب المياه، والآنية، الاستنجاء

- ‌اختياراته في باب المياه

- ‌المسألة الأولى: ملاقاة الماء الجاري للنجاسة

- ‌المسألة الثانية: حكم الوضوء من الماء المشمس

- ‌المسألة الثالثة: حكم الماء المسخن بالنجاسة

- ‌المسألة الرابعة: الماء المنفصل عن غسل اليد من نوم الليل

- ‌المسألة الخامسة: حكم طهارة الرجل بفضل طهور المرأة إذا خلت به

- ‌المسألة السادسة: المراد بخلوة المرأة بالماء

- ‌المسألة الثامنة: هل مقدار القلتين(1)على وجه التقريب أو التحديد

- ‌المسألة التاسعة: الوضوء بالماء المتغير بمائع طاهر

- ‌المسألة العاشرة: حكم الماء الذي يمكن نزحه إذا وقع فيه بول الآدمي أو عذرته ولم يتغير

- ‌المسألة الحادية عشرة: حكم الباقي من الماء الكثير إذا تغير بعضه بنجاسة

- ‌المسألة الثانية عشرة: حكم اشتباه الماء الطاهر بالنجس

- ‌اختياراته في باب الآنية

- ‌التمهيد: في تعريف الآنية لغةً، واصطلاحاً

- ‌المسألة الأولى: حكم اليسير من الفضة في الإناء لغير حاجة

- ‌المسألة الثانية: جلد الميتة المدبوغ

- ‌المسألة الثالثة: حكم لبن الميتة وإنفحتها

- ‌المسألة الرابعة: حكم عظم الميتة

- ‌اختياراته في باب الاستنجاء

- ‌التمهيد: في تعريف الاستنجاء لغة، وشرعاً

- ‌المسألة الأولى: حكم اللبث فوق الحاجة

- ‌المسألة الثانية: حكم تطهير باطن فرج الثيب

- ‌المسألة الثالثة: حكم الاستجمار(1)بغير الأحجار

- ‌المسألة الرابعة: حكم الاستجمار بشعب الحجر الواحد

- ‌المسألة الخامسة: الاستجمار في الصفحتين(1)والحشفة

- ‌المسألة السادسة: حكم الاستجمار لو انسد المخرج وانفتح غيره

- ‌المسألة السابعة: حكم استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة

- ‌الفصل الثانياختياراته في أبواب السواك وسنن الوضوء، و فروض الوضوء وصفته، و مسح الخفين، ونواقض الوضوء

- ‌اختياراته في باب السواك وسنن الوضوء

- ‌المسألة الأولى: حكم السواك للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المسألة الثانية: حكم تسوك الصائم قبل الزوال بسواك رطب

- ‌المسألة الثالثة: حكم التسوك بإصبعه أو بخرقة

- ‌المسألة الرابعة: حكم التسمية في الوضوء

- ‌المسألة الخامسة: أخذ ماء جديد للأذنين

- ‌اختياراته في باب فروض الوضوء وصفته

- ‌التمهيد: في تعريف الفرض، والوضوء، لغةً، وشرعاً

- ‌المسألة الأولى: ترتيب المضمضة والاستنشاق في أعضاء الوضوء

- ‌المسألة الثانية: حكم غسل داخل العينين في الوضوء

- ‌المسألة الثالثة: حكم غسل النزعتين

- ‌المسألة الرابعة: حكم استيعاب الرأس بالمسح

- ‌المسألة الخامسة: حكم تعيين الناصية(1)للمسح

- ‌المسألة السادسة: حكم ارتفاع الحدث إذا نوى ما تسن له الطهارة

- ‌المسألة السابعة: حكم طهارة من نوى بطهارته أحد الأحداث

- ‌المسألة الثامنة: حكم غسل الأقطع من المرفقين

- ‌المسألة التاسعة: حكم تنشيف(1)الأعضاء من ماء الوضوء

- ‌اختياراته في باب مسح الخفين

- ‌التمهيد: في تعريف المسح والخف في اللغة و الشرع

- ‌المسألة الأولى: حكم المداومة على المسح على الخفين

- ‌المسألة الثانية: حكم اشتراط إمكان المشي بالخف

- ‌المسألة الثالثة: لبس الخف قبل كمال الطهارة

- ‌المسألة الرابعة: حكم المسح على الفوقاني إذا كان مخرقا والتحتاني صحيحا

- ‌المسألة الخامسة: مدة مسح المسافر إذا مسح مقيماً ثم سافر

- ‌المسألة السادسة: المسح على القلانس

- ‌المسألة السابعة: بطلان الطهارة بخلع الخفين

- ‌المسألة الثامنة: اشتراط اللبس على طهارة للمسح على الجبيرة

- ‌اختياراته في باب نواقض الوضوء

- ‌التمهيد: في تعريف النواقض

- ‌المسألة الأولى: حد الفاحش من النجاسة الناقضة للوضوء الخارجة من غير السبيلين

- ‌المسألة الثانية: حكم وضوء من نام راكعاً أو ساجداً

- ‌المسألة الثالثة: حكم وضوء من مس ذكره بظهر كفه

- ‌المسألة الرابعة: حكم وضوء من مس ذكره من غير شهوة

- ‌المسألة الخامسة: حكم مس المرأة الميتة لشهوة

- ‌المسألة السادسة: حكم تصفح المحدث للمصحف بكمه

- ‌الفصل الثالثاختياراته في باب الغسل

- ‌التمهيد في تعريف الغسل لغةً، وشرعاً

- ‌المسألة الأولى: الطهارة الواجبة بخروج بقية المني بعد الغسل وقبل البول

- ‌المسألة الثانية: ارتفاع الحدث الأصغر بالطهارة عن الحدث الأكبر إذا نواهما

- ‌المسألة الثالثة: الغسل للحجامة

- ‌الفصل الرابعاختياراته في باب التيمم

- ‌التمهيد: في تعريف التيمم لغةً، واصطلاحاً

- ‌المسألة الأولى: حكم التيمم قبل الاستنجاء

- ‌المسألة الثانية: حكم التسمية في التيمم

- ‌المسألة الثالثة: حكم التيمم قبل طلب الماء

- ‌المسألة الرابعة: نفخ اليدين عن التراب في التيمم

- ‌المسألة الخامسة: حكم التيمم إذا وجد الماء وهو في الصلاة

- ‌المسألة السادسة: حكم التيمم إذا خرج الوقت

- ‌المسألة السابعة: حكم التيمم في الحضر لعذر

- ‌المسألة الثامنة: حكم التيمم لخوف زيادة المرض

- ‌المسألة التاسعة: حكم التيمم لخوف فوات الجنازة

- ‌المسألة العاشرة: حكم صلاة فاقد الطهورين

- ‌المسألة الحادية عشرة: حكم الترتيب والموالاة لمن توضأ وتيمم للجرح

- ‌المسألة الثانية عشرة: التيمم لنجاسة على بدنه عجز عن إزالتها

- ‌المسألة الثالثة عشرة: حكم تيمم من نوى وصمد للريح فعمه التراب

- ‌المسألة الرابعة عشرة: حكم من وجد من الماء بعض ما يكفيه

- ‌المسألة الخامسة عشرة: إذا اجتمع حي وميت، ولا يكفي الماء إلا لواحد فمن يأخذه

- ‌الخاتمة وفيها أهم نتائج البحث:

- ‌أ/ الاختيارات التي وافق فيها المشهور من مذهب الحنابلة

- ‌ب/ الاختيارات التي خالف فيها المشهور من مذهب الحنابلة

- ‌التوصيات والمقترحات:

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌المسألة الثالثة: حكم لبن الميتة وإنفحتها

‌المسألة الثالثة: حكم لبن الميتة وإنفحتها

(1)

.

المقصود بذلك:

حكم لبن الميتة وإنفحتها من حيث الطهارة والنجاسة.

اختيار القاضي:

اختار رحمه الله -نجاسة لبن الميتة وإنفحتها، موافقاً في اختياره المشهور عند الحنابلة، كما سيأتي في ذكر الأقوال.

فقال رحمه الله: (أنفحة الميتة، واللبن في ضرعها بعد موتها نجس في أصح الروايتين

وجه الرواية الأولى وهي أصح قوله صلى الله عليه وسلم لا تنتفعوا من الميتة بشيء)

(2)

.

الأقوال في المسألة:

اختلف العلماء فيها على قولين:

القول الأول: أنهما طاهران.

وبه قال: أبو حنيفة

(3)

، وداود الظاهري

(4)

، وهو رواية عن الإمام أحمد

(5)

.

القول الثاني: أنهما نجسان.

وبه قال المالكية

(6)

، والشافعية

(7)

، وأحمد في أشهر الروايتين عنه وهي المذهب

(8)

، وهي ما اختاره القاضي كما تقدم.

(1)

الإنفحة: بكسر الهمزة وفتح الفاء مخففة: شيء يستخرج من بطن الجدي أصفر يعصر في صوفة مبتلة في اللبن فيغلظ كالجبن، انظر لسان العرب مادة (نفح)، وقال ابن السكيت:(ولا تقُل: أَنْفحَةٌ) انظر: إصلاح المنطق باب: ما هو مكسورُ الأول مما فتحته العامة أو ضمته ص 133.

(2)

انظر: الخلاف الكبير (ص 437)، تحقيق د. الفريح حفظه الله، رسالة علمية مطبوعة على الآلة الكاتبة.

(3)

انظر: انظر: المبسوط (24/ 27)، بدائع الصنائع (1/ 63).

(4)

انظر: حليةالعلماء (1/ 118).

(5)

انظر: المغني (1/ 55)، شرح العمدة (1/ 130)، الشرح الكبير (1/ 27).

(6)

انظر: التلقين (1/ 64)،الشرح الصغير-بهامش بلغة السالك- (1/ 44)،الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (10/ 126).

(7)

حلية العلماء (1/ 118)،المجموع (1/ 244).

(8)

انظر: المغني (1/ 55)،الإنصاف (1/ 92)،كشاف القناع (1/ 56)،شرح المنتهى (1/ 31).

ص: 98

الأدلة:

أدلة أصحاب القول الأول:

الدليل الأول: قوله تعالى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (66)}

(1)

.

وجه الدلالة: أن إخباره سبحانه، بخروجه من بين فرث ودم، وهما نجسان مع الحكم بطهارته، ولم تكن مجاورته لهما موجبة لتنجيسه; لأنه موضع الخلقة، كذلك كونه في ضرع ميتة لا يوجب تنجيسه

(2)

.

الدليل الثاني: ما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: (اللبن لا يموت)

(3)

.

ونوقش:

أن ما روي عن عمر رضي الله عنه فقد فسره الأوزاعي

(4)

بقوله: إنما ذلك إذا ماتت المرأة وفي ثدييها لبن فسقي من ذلك اللبن صبي فيحرم كما يحرم في الحياة، ليس كما يقولون إذا ماتت الشاة وفي ضرعها لبن

(5)

.

(1)

سورة النحل، الآية (66).

(2)

انظر: أحكام القرآن للجصاص (1/ 146).

(3)

انظر: الأوسط لابن المنذر (2/ 289).

(4)

هو: هو عبد الرحمن بن عمرو بن محمد الأوزاعي، إمام فقيه محدث مفسرولد سنة 88 هـ و نسبته إلى الأوزاع من قري دمشق وأصلة من سبي السند، نشأ يتيماً وتأدب بنفسه، فرحل إلى اليمامة والبصرة وبرع، وأراده المنصور على القضاء فأبى، ثم نزل بيروت مرابطًا وتوفي بها سنة 157 هـ. انظر: ترجمتة في البداية والنهاية (10/ 115)، وتهذيب التهذيب (6/ 238).

(5)

انظر: الأوسط لابن المنذر (2/ 289).

ص: 99

الدليل الثالث: فعل الصحابة رضي الله عنهم، حيث أنهم لما فتحوا بلاد المجوس أكلوا من جبنهم، ومعلوم أن الجبن إنما يصنع من إنفحة ذبائحهم، وهي حرام نجسة لا تحل

(1)

.

ومما يؤيد ذلك أن الصحابي الجليل سلمان الفارسي

(2)

رضي الله عنه، لما كان نائباً على المدائن يدعو الفرس للإسلام سئل عن شيئ من الجبن فقال:(الحلال ما أحل الله في كتابه، والحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه)

(3)

.

وجه الدلالة:

أنه من المعلوم لم يكن السؤال عن جبن المسلمين وأهل الكتاب لأن ذبائحهم حلال، فكذلك جبنهم، وإنما كان السؤال عن جبن المجوس، فدل ذلك على أن سلمان كان يفتي بحلها

(4)

.

ونوقش:

أن مايقع من الإنفحة في اللبن المجبن يسير، واليسير معفو عنه

(5)

.

الدليل الرابع: أن اللبن لا يموت ولا يحرمه موت الشاة

(6)

.

ونوقش:

بأنه غير مسلم فإنه نجس لكونه في وعاء نجس

(7)

.

(1)

انظر: المغني (1/ 55)، شرح العمدة (1/ 130)، الفتاوى الكبرى (1/ 271).

(2)

وسلمان الفارسي هو: أبو عبد الله يقال له سلمان الخير، أصله من فارس كان أبوه ذا رئاسة، وخرج يطلب الهدى، فأسر واسترق وقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فأسلم وجاهد معه، وهو الذي أشار بحفر الخندق ولي إمرة المدائن حتى توفي سنة 36 هـ، انظر: الإصابة (2/ 60)، والاستيعاب (2/ 634) والأعلام (3/ 169).

(3)

أخرجه الترمذي مرفوعاً وموقوفاً، في كتاب اللباس، باب ماجاء في لبس الفراء (4/ 220) ح (1726) وقال: كأن الحديث الموقوف أصح.

(4)

انظر: الفتاوى الكبرى (1/ 271).

(5)

انظر: المغني (1/ 55).

(6)

انظر: أحكام القرآن للجصاص (1/ 148).

(7)

انظر: الفتاوى الكبرى (1/ 271).

ص: 100

أدلة أصحاب القول الثاني:

الدليل الأول: قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ}

(1)

.

وجه الدلالة:

أنها عامة في تحريم الميتة واللبن والإنفحة جزء من الميتة فكانت محرمة

(2)

.

ونوقش:

بأنه إنما نجست الميتة بالموت أو احتباس الرطوبات والدماء، واللبن منفصل من قبل الموت ومن بعده، فلا يدخل في عموم التحريم كالشعر والصوف

(3)

.

الدليل الثاني: أنه مائع في وعاء نجس، فكان نجسا، كما لو حلب في وعاء نجس

(4)

.

ونوقش:

بعدم التسليم بأن المائع ينجس بمجرد ملاقاة النجاسة، بل الراجح أن المائعات لا تنجس إلا بالتغير

(5)

.

الدليل الثالث: أنه لو أصاب الميتة بعد فصله عنها لكان نجساً، فكذلك قبل فصله

(6)

.

ونوقش:

بأن الملاقاة في الباطن لا حكم لها

(7)

، ولهذا يجوز حمل الصبي مع مافي بطنه

(8)

.

الترجيح:

الراجح والله أعلم هو القول الثاني، فيحرم لبن الميتة وإنفحتها، لعموم الآية، إلا ماستثناه الدليل من طهارة جلدها بعد الدبغ؛ فيبقى سائر أجزائها على عموم التحريم ولهذا لما قيل لابن عمر رضي الله عنه: إنا نخاف أن يجبن الجبن بإنفحة الميتة، قال:(ما علمت أنه ميتة فلا تأكله)

(9)

.

(1)

سورة المائدة، الآية (3).

(2)

انظر: الجامع لأحكام القرآن (2/ 220).

(3)

انظر: مجمع الأنهر (1/ 64)،حاشية الطحطاوي (1/ 169).

(4)

انظر: الجامع لأحكام القرآن (10/ 126) المبسوط (24/ 27)،المغني (1/ 55).

(5)

انظر: شرح العمدة (1/ 130)، مجموع الفتاوى (21/ 104).

(6)

انظر: المغني (1/ 55).

(7)

انظر: مجموع الفتاوى (21/ 104).

(8)

انظر: المجموع (1/ 244).

(9)

أخرجه عبدالرزاق في مصنفه (4/ 541) برقم 8792.

ص: 101