‌المسألة الثانية: حكم تطهير باطن فرج الثيب - اختيارات القاضي أبي يعلى الحنبلي الفقهية من أول كتاب الطهارة إلى آخر باب التيمم

‌

‌المسألة الثانية: حكم تطهير باطن فرج الثيب

.

اختيار القاضي:

اختار القاضي رحمه الله -وجوب تطهير باطن فرج الثيب، مخالفاً في ذلك المشهور من مذهب الحنابلة كما سيأتي في ذكر الأقوال.

قال ابن مفلح

(1)

رحمه الله: (وفي وجوب غسل ما أمكن من داخل فرج ثيب في نجاسة وجنابة وجهان

…

والوجه الثاني: يجب اختاره القاضي)

(2)

.

تحرير محل النزاع:

أجمع العلماء على أن الجنابة تحل جميع البدن، كما أجمعوا على أنه يجب على المجنب أن يغسل جميع بدنه من الجنابة

(3)

، واختلفوا في غسل باطن فرج الثيب على قولين:

الأقوال في المسألة:

اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: أنه لا يجب على الثيب غسل باطن فرجها في الجنابة.

وهو مذهب الحنفية

(1)

، والمالكية

(2)

، والشافعية

(3)

، والحنابلة

(4)

.

القول الثاني: أنه يجب غسل باطن فرج الثيب في الجنابة.

وهو وجه عند الشافعية

(5)

، و وجه عند الحنابلة

(6)

، اختاره القاضي أبو يعلى كما تقدم.

الأدلة:

أدلة أصحاب القول الأول:

الدليل الأول: قوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ (78)} الآية.

(1)

وجه الدلالة:

قالوا: إنما سقط غسل الباطن لأجل الحرج والمشقة وهما منفيان في شرعنا

(2)

.

الدليل الثاني: القياس: قالوا: فهو يشبه الحلقوم لأنه من الباطن، فكما لا يجب غسل الحلقوم فكذلك هنا

(3)

.

أدلة أصحاب القول الثاني:

استدل أصحاب هذا القول بأنه صار ظاهراً بالثيابة

(4)

.

ونوقش:

بعدم التسليم بذلك، وذلك لثبوت الفطر بحصول الحشفة فيه

(5)

.

الترجيح:

الراجح والله أعلم هو القول الأول القائل بعد وجوب غسل الثيب لباطن فرجها لقوة ما استدلوا به ولضعف القول الثاني ومناقشته.