الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الخامسة: حكم تعيين الناصية
(1)
للمسح
.
المقصود بالمسألة:
إذا قلنا بجواز مسح بعض الرأس، فهل أي موضعٍ من رأسه مسح أجزأه أو يجب عليه مسح الناصية؟
اختيار القاضي:
سبق وأن بينا في اختيار سابق، أن القاضي اختار وجوب مسح جميع الرأس، كما هو المشهور من مذهب الإمام أحمد، وإنما هنا القاضي يوجب على من يقول يجزئ مسح البعض أنه يجب عليه مسح الناصية لأنه هو الوارد في لفظ الحديث كما سيأتي، وهو باختياره هذا رحمه الله -يوافق وجهاً عند الحنابلة
(2)
.
نقل المرداوي الخلاف في مسح الرأس ثم قال: (
…
يحتمل أن تتعين الناصية للمسح، واختاره القاضي)
(3)
.
الأقوال في المسألة:
اختلف أهل العلم في وجوب تعيين الناصية للمسح على قولين:
القول الأول: يجزئ مسح بعض الرأس مطلقاً ولا يجب تعيين الناصية في المسح.
وهو مذهب الحنفية
(4)
، والشافعية
(5)
.
القول الثاني: يجب مسح الناصية، ولا يجزئ غيرها.
وهي رواية عن أبي حنيفة
(6)
،و قول لبعض المالكية
(7)
، ووجه عند الحنابلة اختاره القاضي كما تقدم.
(1)
الناصية: هي قصاص الشعر في مقدم الرأس المسترسل على الجبهة. وقال الأزهري: (الناصية عند العرب الشعر في مقدم الرأس لا الشعر الذي تسميه العامة الناصية، وسمى الشعر ناصية لنباته من ذلك الموضع). انظر: لسان العرب (1/ 327)، غريب الحديث للخطابي (1/ 579).
(2)
انظر: الفروع وتصحيحه (1/ 178).
(3)
انظر: الإنصاف (1/ 161).
(4)
انظر: شرح فتح القدير (1/ 17) وحاشية رد المحتار (1/ 99)، وبدائع الصنائع (1/ 4).
(5)
انظر: الأم (1/ 26) المجموع (1/ 398)، ومغني المحتاج (1/ 3) ونهاية المحتاج (1/ 174).
(6)
انظر: المبسوط (1/ 63)، الحاوي الكبير (1/ 114)، أحكام الطهارة للدبيان (9/ 508).
(7)
انظر: جامع الأمهات (ص: 49)،الذخيرة (1/ 259)،مواهب الجليل (1/ 202).
الأدلة:
أدلة أصحاب القول الأول:
استدلوا بقوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} الآية.
(1)
وجه الدلالة:
أن الرأس هو ما اشتمل عليه منابت الشعر المعتاد، والآية موجبة لمسح البعض من غير تحديد
(2)
.
أدلة أصحاب القول الثاني:
الدليل الأول: حديث المغيرة رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح بناصيته، وعلى العمامة وعلى خفيه)
(3)
.
وجه الدلالة:
قالوا: إن الناصية متعينة للنص عليها في الحديث
(4)
.
الدليل الثاني: عن سلمة بن الأكوع
(5)
، (أنه كان يمسح مقدم رأسه)
(6)
.
وأجيب عنه:
أن المسح اسم جنس يصدق بالبعض والكل، ومسح الناصية فرد من أفراده، وذكر فرد من أفراد العام بحكم العام لا يخصصه
(7)
.
الترجيح:
على القول الراجح السابق في مسألة حكم استيعاب الرأس بالمسح، وأن الواجب هو تعميم الرأس بالمسح فإن هذه المسألة غير واردة، لكن من ذهب إلى أن مسح بعض الرأس يجزئ فالأولى له أن يمسح الناصية عملاً بالحديث وهو ما فضله أيضاً فقهاء الشافعية القائلين بإجزاء مسح بعض الرأس
(8)
.
(1)
المائدة:6.
(2)
انظر: الحاوي الكبير (1/ 116)، المهذب (1/ 40).
(3)
تقدم تخريجه.
(4)
انظر: إعانة الطالبين (1/ 52).
(5)
سلمة بن الأكوع: هو سلمة بن عمرو بن سنان الأكوع، صحابي من الذين بايعوا تحت الشجرة. غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم سبع غزوات وكان شجاعا بطلا راميا عدَّاءً. روى عنه صلى الله عليه وسلم وعن أبي بكر وعمر وعثمان وطلحة رضي الله عنه روى عنه ابنه إياس ومولاه يزيد بن أبي عبيد وعبد الرحمن بن عبد الله بن كعب وغيرهم. له 77 حديثا، توفي سنة 74 هـ. انظر ترجمته: تهذيب التهذيب (4/ 150)، والأعلام (3/ 172).
(6)
أخرجه ابن أبي شيبة، كتاب الطهارات، في مسح الرأس كيف هو، برقم (155)، (1/ 23).
(7)
انظر: إعانة الطالبين (1/ 52).
(8)
انظر: أسنى المطالب (1/ 41)،إعانة الطالبين (1/ 61).