الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الخامسة عشرة: إذا اجتمع حي وميت، ولا يكفي الماء إلا لواحد فمن يأخذه
؟
المقصود بالمسألة:
إذا اجتمع في السفر ميت، وجنب، وعندهما ماء لا يكفي إلا لأحدهم فمن الأولى به؟
اختيار القاضي:
اختار القاضي-رحمه الله أن الأولى بالماء والحالة هذه هو الميت، موافقاً في اختياره مذهب الحنابلة كما سيأتي.
فقال رحمه الله: (مسألة: واختلفت إذا اجتمع في السفر جنب وميت ومعه ما يكفي لأحدهما أيهما يقدم على روايتين
…
، الثانية: يقدم الميت، وهو أصح، لأن الغسل خاتمة عمله.)
(1)
تحرير محل النزاع:
اتفق الفقهاء على أنه إذا كان الماء لأحدهم فهو أولى به، واختلفوا فيما إذا كان الماء مباحاً لهما على السواء، وازدحموا وتشاحوا فيه فمن يقدم
(2)
؟
الأقوال في المسألة:
اختلف الفقهاء في المسألة على قولين:
القول الأول: يقدم الحي في استعمال الماء على الميت.
وبه قال: الحنفية
(3)
والمالكية
(4)
، وهي رواية عن الإمام أحمد
(5)
.
القول الثاني: يقدم الميت في استعمال الماء على الحي.
وبه قال الشافعية
(6)
والحنابلة
(7)
، وهو اختيار القاضي كما تقدم.
(1)
انظر: المسائل الفقهية من الروايتين والوجهين (1/ 94).
(2)
انظر: حاشية ابن عابدين (1/ 169)،شرح الخرشي (1/ 200،199)،المهذب (1/ 71) والمجموع (2/ 273)،المغني (1/ 277)، قواعد ابن رجب ص 378،الإنصاف (1/ 307)، الموسوعة الفقهية الكويتية (39/ 424).
(3)
انظر: البناية (1/ 520)،البحر الرائق (1/ 151)،حاشية ابن عابدين (1/ 169).
(4)
انظر: التاج والإكليل (1/ 527)،شرح الخرشي (1/ 200،199)، الشرح الكبير للدردير (1/ 162).
(5)
انظر: المسائل الفقهية من الروايتين والوجهين (1/ 94).
(6)
انظر: المهذب (1/ 71)،البيان (1/ 300)، روضة الطالبين (1/ 101)، والمجموع (2/ 273).
(7)
انظر: المغني (1/ 277)،الشرح الكبير (1/ 280)، الإنصاف (1/ 307)،شرح المنتهى للبهوتي (1/ 101).
الأدلة:
أدلة أصحاب القول الأول:
الدليل الأول: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} الآية
(1)
.
وجه الدلالة:
أن الآية خطاب للحي فهو متعبد بالغسل مع وجود الماء، والميت سقط عنه الفرض بالموت
(2)
.
ونوقش:
أن تغسيل الميت واجب على الحي أيضاً
(3)
.
الدليل الثاني: أن الجنابة أغلظ من الحدث
(4)
.
ونوقش:
أن له استعمال التراب لاستباحة الصلاة
(5)
.
الدليل الثالث: أن الحي يستفيد باستعمال الماء ما لا يستفيده الميت، من مس المصحف، والصلاة ونحو ذلك
(6)
.
(1)
النساء:43.
(2)
انظر: حاشية ابن عابدين (1/ 169)، المغني (1/ 277)،الشرح الكبير (1/ 280).
(3)
انظر: شرح العمدة لابن تيمية (1/ 456).
(4)
انظر: المصادر السابقة.
(5)
انظر: المجموع (2/ 273).
(6)
انظر: المبدع (1/ 233).
أدلة أصحاب القول الثاني:
الدليل الأول: أن غسل الميت خاتمة طهارته فيستحب أن تكون طهارته كاملة، والأحياء يرجعون إلى الماء فيغتسلون
(1)
.
الدليل الثاني: أن الميت أولى لأن غسله يراد للتنظيف وهو لا يحصل بالتراب، وغسل الحي يراد به إباحة الصلاة وهو حاصل بالتراب
(2)
.
الترجيح:
الراجح -والله أعلم- هو القول الثاني، القائل بتقديم طهارة الميت؛ وذلك لأن طهارة الحي لها بدل بالنص وهو التيمم، وهو في الحالة هذه كالعادم للماء، لوجوب تغسيل الميت، فيصير إلى التيمم، بينما العدول عن غسل الميت إلى تيممه ليس فيه نص صريح في ذلك يصار إليه، والله أعلم.
(1)
انظر: شرح العمدة لابن تيمية (1/ 456)، مطالب أولي النهى (1/ 221).
(2)
انظر: المجموع (2/ 273).