الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طريقة القاضي أبي يعلى في الاختيار.
تعرف الاختيارات:
الاختيارات لغةً: جمع اختيار، وهو الانتقاء والاصطفاء، والتفضيل، يقال خار الشيء خيراً وخِيَراً، وخِيرةً، أي انتقاه، واصطفاه، قال تعالى:{وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (68)}
(1)
وخار الشيء على غيره إذا فضله عليه
(2)
.
الاختيار في الاصطلاح الشرعي: هو ترجيح الشيء وتخصيصه، وتقديمه على غيره
(3)
.
وبهذا التعريف يتبين أن اختيار العالم هو مارجحه واختاره على غيره من الأقوال سواء وافق فيها مذهبه أو خالفه، وهذا ماسرت عليه في هذه الرسالة.
طريقة القاضي أبي يعلى في الاختيارات.
القاضي أبو يعلى رحمه الله -من المكثرين في التأليف، إلا أنه لم يصلنا من تآليفه إلا الشيء القليل، كما تقدم في سرد آثاره العلمية، لذا فمن الصعب التعرف على طريقته في التصحيح والترجيح على وجه الدقة، لكن من خلال قراءة مصنفاته التي توفرت لدي تبين لي أنه رحمه الله -يسلك في اختياره وترجيحه طرق منها:
أنه أحياناً ينص على مايراه راجحاً صراحةً دون ذكر الخلاف في المسألة.
فمن ذلك قوله رحمه الله: (ولا يكره الوضوء بالماء المشمس)
(4)
.
وقوله رحمه الله: (لا يجزئ المسح على الرجلين)
(5)
.
وقوله رحمه الله: (لا يجوز التيمم لصلاة الجنازة إذا خاف فوتها مع وجود الماء)
(6)
.
وقوله رحمه الله: (جلود الميتة لا تطهر بالدباغ)
(7)
.
وقوله رحمه الله: (إذا انقطع حيض المرأة لم يجز وطئها قبل الغسل)
(8)
.
ونحوها كثير
(9)
.
(1)
القصص:68.
(2)
انظر: القاموس المحيط (ص 414)،ومختار الصحاح (ص 170)،والمصباح المنير (ص 113).
(3)
انظر: التعريفات الفقهية للبركتي (ص 20)، والقاموس الفقهي (1/ 125).
(4)
انظر: الجامع الصغير (ص 23).
(5)
انظر: الجامع الصغير (ص 24).
(6)
انظر: الجامع الصغير (ص 29).
(7)
انظر: الجامع الصغير (ص 30).
(8)
انظر: الجامع الصغير (ص 34).
(9)
انظر على سبيل المثال الجامع الصغير: (ص،35،34،32،31،30،2826).
وأحياناً يذكر الخلاف في المسألة و يذكر الروايات عن الإمام أحمد رحمه الله -ثم ينص على اختياره منهما بتمييز الصحيح من غيره بقوله وهو أصح.
كما في قوله رحمه الله (اختلفت الرواية عن أحمد في الماء إذا خالطه مائع طاهر فغير أحد صفاته، فنقل جعفر .. جواز الوضوء به
…
ونقل الصاغاني كلاماً يدل على أنه لا يجوز الوضوء به، وهو اختيار الحرقي وهو أصح)
(1)
.
وكقوله: (واختلفت في الماء إذا كان يمكن نزحه فوقع فيه بول الآدميين أو عذرتهم المائعة.
فنقل الجماعة منهم أبو طالب
(2)
أنه ينجس، وهو اختيار الخرقي وهو أصح)
(3)
.
وقوله: (مسألة: واختلفت في مسح جميع الرأس، فنقل حرب وجوب مسح جميعه، وهو اختيار الخرقي، وهو أصح)
(4)
.
وقوله: (واختلفت هل يجوز للمحدث أن يتصفح ورق المصحف بكمه؟ فنقل الحسن بن ثواب، وإبراهيم بن هانئ جواز ذلك،
…
ونقل أبو طالب منع ذلك، والأولى أصح)
(5)
.
وقوله: (واختلفت إذا توضأ بالماء قبل الاستنجار هل تصح طهارته؟ فنقل بكر بن محمد أن طهارته باطلة،
…
ونقل حرب أنها طهارة صحيحة وهو أصح)
(6)
.
وغيرها
(7)
.
(1)
انظر: المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين (1/ 59).
(2)
هو عامر بن شراحيل بن عبد أبو عمرو الهمذاني ثم الشعبي الإمام علاّمة عصره، سمع من ابن عمر، وتعلم الحساب من الحارث الأعور، وكان حافظاً وما كتب شيئاً قط، مات سنة 104 هـ وعمره 82 سنة. انظر: تهذيب الكمال 14/ 28. سير أعلام النبلاء 4/ 294.
(3)
انظر: المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين (1/ 61).
(4)
انظر: المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين (1/ 72).
(5)
انظر: المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين (1/ 79).
(6)
انظر: المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين (1/ 81)،
(7)
انظر أيضاً: من المسائل الفقهية (ص 94،92،91،89،87،85).
ومن طريقته أيضاً رحمه الله -في الترجيح أنه يعلل أحياناً لاختياره.
فمنها قوله: (واختلفت في جواز الاستجمار بغير الأحجار، فنقل الميموني جواز ذلك وهو اختيار الخرقي وهو أصح، لأنه جامد طاهر منقى غير مطعوم لا حرمة له أشبه الحجر)
(1)
.
وقوله: (واختلفت في الحجر الكبير الذي له ثلاث شعب، إذا مسح بكل شعبة منه مسحة هل يجزئه؟ فنقل المروذي وأحمد بن أبي عبده، جواز ذلك وهو اختيار الخرقي، وهو أصح لأنه بمنزل ثلاثة أحجار صغار شدها بخيط واستجمر بها)
(2)
.
وقوله: (واختلفت إذا مس ذكره بظهر كفه، فنقل صالح أنه ينتقض الوضوء كما لو مسه ببطن كفه، وهو أصح، لأنه مس ينقض ببطن الكف فنقض بظهره كما لو مس النساء)
(3)
.
وقوله: (واختلفت فيمن عدم الماء في الحضر بحبس أو غيره وتيمم وصلى هل يعيد؟ فنقل إسماعيل بن سعيد لا يعيد وهو أصح، لأنه صلى بطهارة مثله فهو كما لو تيمم في السفر)
(4)
.
هذا ما تبين لي من طريقته في الاختيار والترجيح.
والله أعلم.
(1)
انظر: المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين (1/ 81).
(2)
انظر: المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين (1/ 81).
(3)
انظر: المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين (1/ 84).
(4)
انظر: المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين (1/ 91)، وانظر: 96، 97، 101، 103، 127.