الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثانية: حكم تسوك الصائم قبل الزوال بسواك رطب
.
اختيار القاضي:
اختار القاضي رحمه الله -كراهة السواك الرطب للصائم قبل الزوال مخالفاً في اختياره المشهور من مذهب الحنابلة كما سيأتي في ذكر الأقوال.
لما تكلم ابن مفلح
(1)
عن السواك للصائم قال: (ويكره للصائم بعد الزوال
…
، وعنه يكره قبله بعود رطب اختاره القاضي)
(2)
.
تحرير محل النزاع:
لا يرى الفقهاء بالاستياك بالعود اليابس أول النهار للصائم بأسا
(3)
، واختلفوا في استياكه بالعود الرطب قبل الزوال على قولين:
(1)
هو محمد بن مفلح بن محمد بن مفرح، فقيه، أصولي، محدث، أعلم أهل عصره بمذهب الإمام أحمد بن حنبل، ولد سنة 710 هـ، قال عنه ابن تيمية: ما أنت ابن مفلح بل أنت مفلح اهـ، وقال عنه ابن القيم: ما تحت قبة الفلك أعلم بمذهب الإمام أحمد من ابن مفلح اهـ، من تصانيفه:" الآداب الشرعية والمنح المرعية " و " كتاب الفروع "، توفي سنة 763 هـ. انظر: الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة 6/ 14. شذرات الذهب 8/ 340.
(2)
انظر: الفروع وتصحيح الفروع (1/ 145).
(3)
انظر: المغني (3/ 126).
الأقوال في المسألة:
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: يشرع للصائم السواك بالعود الرطب قبل الزوال.
وبه قال: الحنفية
(1)
، والشافعية
(2)
، والحنابلة
(3)
.
القول الثاني: يكره للصائم السواك بالعود الرطب قبل الزوال.
وبه قال: بعض الحنفية
(4)
،وهو مذهب المالكية
(5)
،ورواية عن الإمام أحمد
(6)
، اختارها القاضي كما تقدم.
(1)
انظر: بدائع الصنائع (1/ 19)، تبيين الحقائق (1/ 332)، البناية شرح الهداية (4/ 74)،حاشية ابن عابدين (2/ 419).
(2)
انظر: الأم (2/ 111)،الحاوي الكبير (3/ 466)،فتح العزيز (6/ 422)،المجموع (6/ 377).
(3)
انظر: الإنصاف (1/ 117)،المبدع (1/ 79)،كشاف القناع (1/ 72)،مطالب أولي النهى (1/ 81).
(4)
انظر: تبيين الحقائق (1/ 332).
(5)
انظر: التاج والإكليل (3/ 350)، شرح الخرشي (2/ 259)،الثمر الداني (1/ 298).
(6)
انظر: الإنصاف (1/ 117).
الأدلة:
أدلة أصحاب القول الأول:
الدليل الأول: حديث عامر بن ربيعة
(1)
رضي الله عنه قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يستاك وهو صائم ما لا أحصي أو أعد)
(2)
.
وجه الدلالة:
أنه نص يشعر بملازمة النبي صلى الله عليه وسلم السواك وهو صائم ولم يخص رطباً من يابس
(3)
.
الدليل الثاني: حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة)
(4)
.
وجه الدلالة:
أنه يقتضي إباحته في كل وقت وعلى كل حال
(5)
.
الدليل الثالث: القياس على المضمضة، فلو كان السواك يكره لكرهت المضمضة إذ هي أبلغ من السواك الرطب
(6)
.
(1)
هو أبو عبد الله عامر بن ربيعة بن كعب بن مالك العنزي، صحابي كان أحد السابقين الأولين، وهاجر إلى أرض الحبشة الهجرتين، وشهد بدراً وسائر المشاهد، وكان صاحب عمر لما قدم الجابية واستخلفه عثمان على المدينة، توفي سنة 32 هـ، وقيل غير ذلك. انظر ترجمته: الإصابة (2/ 249).
(2)
أخرجه أبوداود، كتاب الصوم، باب السواك للصائم ح/2364، (2/ 307)،وأخرجه الترمذي وحسنه، أبواب الصوم، باب ما جاء في السواك للصائم ح/725 (3/ 95)،وحسن إسناده الحافظ في التلخيص (1/ 62).
(3)
انظر: فتح الباري لابن حجر (4/ 158).
(4)
أخرجه البخاري واللفظ له، كتاب الجمعة، باب السواك يوم الجمعة ح/847، (1/ 303)، مسلم، كتاب الطهارة، باب السواك، ح/612 (1/ 151).
(5)
انظر: بدائع الصنائع (1/ 19).
(6)
انظر: فتح الباري لابن حجر (4/ 158).
أدلة أصحاب القول الثاني:
استدل القائلون بمنع الصائم من السواك الرطب لأنه مغرر بصومه، لاحتمال أن يتحلل منه أجزاء إلى حلقه، فيفطره
(1)
.
ونوقش:
أن النصوص المرغبة بالسواك مطلقة فلا يجوز تقييدها، بزمان دون آخر ولا بنوع دون غيره
(2)
.
الترجيح:
الراجح والله أعلم هو القول الأول القائل بجواز السواك الرطب للصائم قبل الزوال؛ وذلك لأن الأصل في السواك الندب، ولأن الأحاديث المرغبة في السواك كثيرة من غير تفصيل، ولم يجيء في منع الصائم منه حديث صحيح
(3)
.
(1)
انظر: المغني (3/ 126)، شرح الخرشي (2/ 259).
(2)
انظر: بدائع الصنائع (1/ 19)،تبيين الحقائق (1/ 332).
(3)
انظر: تهذيب معالم السنن (3/ 241).