الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجاء به على حكاية لفظ المتحالفين الذي نطقا به عند التحالف، ولو جاء به على لفظ الإخبار عنهما لقال: يفترقان. وقد بسطنا الكلام على هذا البيت بأكثر من هذا في"شرح شواهد الرضي" في
الواحد والعشرين بعد الخمسمائة.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرابع والأربعون بعد المائتين:
(244)
حلفت بمائراتٍ حول عوضٍ
…
وأنصابٍ تركن لدى السُّعير
على أن ابن الكلبي استدل"عوض" في البيت المتقدم في أنه اسم صنم بهذا البيت، ووجهه: أن الشاعر
حلف بالدماء المائرات على وجه الأرض حول عوض، ومن عادة المشركين أنهم كانوا يذبحون ذبائح لأصنامهم، فلولا أن عوضُا صنم لما ذبح له شيء، ولما حلف بالدماء التي حوله تعظيمًا على كونه صنمًا ذكره مع السعير.
وكلام المصنف من"الصحاح" قال فيه: وقال ابن الكلبي عوض في بيت الأعشى اسم صنم كان لبكر بن وائل، وأنشد: حلفت بمائرات. . البيت، وقد رجعت إلي كتاب"الأصنام" لابن كلبي، وهو أبو المنذر هشام بن محمد ابن السائب الكلبي، فلم أرى فيه"عوضًا" ولا بيت الأعشى، ولا هذا البيت،
ولا ذكر صنمًا لبكر بن وائل، مع أنه ذكر أصنام القبائل وسبب عبادتها،
وكيف أزالها النبي صلى الله عليه وسلم، وهو كتاب جيد في بابه، جمع فيه فأوعى، وكذا لم أرى
ذكرًا في كتاب"أيمان العرب" تأليف أبي إسحق إبراهيم بن عبد الله النُّجيرمي، جمع فيه ألفاظ أيمانهم
بأصنامهم وغيرها، وهو أيضًا كتاب جامع
لعباراتهم، جيد في بابه. ولا هو مذكور في "تهذيب الأزهري" ولا "الجمهرة" لابن دريد، وقد ذكره الصاغاني في "العباب" تبعاً للجوهري، لكنه لم يسنده إلي ابن الكلبي، قال: وعوض: صنم كان لبكر بن وائل، وكذا قال ابن السيد في "شرح أبيات أدب الكاتب" وفي "شرح أبيات الجمل" وتبعه اللخمي، ولم ينسباه إلي أحد. وأما السعير، بزنة المصغر، فقد ذكره ابن الكلبي في كتاب "الأصنام" قال: وكان لعنزة صنم يقال له، سعير، فخرج ابن أبي حلاس الكلبي علي ناقته، فمرت به، وقد عترت عنده عنزة، فنفرت ناقته منه، فأنشأ يقول:
نفرت قلوصي من عتائر صرِّعت
…
حول السُّعير يزوره ابنا يقدم
وجموع يذكر مهطعين جنابه
…
ما إن يحير إليهم بتكلُّم
قال أبو المنذر: يقدم ويذكر: ابنا عنزة، فرأي بني هؤلاء يطوفون حول السعير. انتهي.
وقال الصاغاني في "العباب": والسُّعير، مصغراً: اسم صنم، ونقل كلام ابن الكلبي برمته كما نقلناه، وقال بعده: وقال رشيد بن رميض العنزي:
حلفت بمائراتٍ حول عوضٍ
…
وأنصابٍ تركن لدي السُّعير
أجوب الأرض دهر إثر عمروٍ
…
ولا يلفي بساحته بعيري
ومن قال فيه: السعير، بفتح السين، فقد صحف. انتهي كلامه. وهذا إشارة إلي ما في "صحاح الجوهري" من كونه بفتح السين. وضبطه صاحب "القاموس" أيضاً بالتصغير.
وقوله: حلفت بمائرات أي، : بدماء مائرات. قال صاحب "العباب": ومار الدم يمور موراً: إذا جري علي وجه الأرض، ثم قال: والمائرات في قول رشيد بن رميض العنزي "حلفت بمائرات": الدماء، وكذا قال صاحب "الصحاح"قال ابن الكلبي بعد ذكر السعير: وكانت للعرب حجارة غبرٌ منصوبة يطوفون بها، ويعترون عندها، يسمونها الأنصاب، ويسمون الطواف بها الدوار، وفي ذلك يقول عامر ابن الطفيل، وأتي غني بن أعصر يوماً وهم يطوفون بنصب لهم، فرأي في فتياتهم جمالاً وهن يطفن [به] فقال:
ألا يا ليت أخوا لي غنياَّ
…
عليهم كلَّما أمسوا دوار
وفي ذلك يقول عمرو بن جابر الحارثي ثم الكعبي:
حلفت غطيفٌ لا تنهنه سر بها
…
وحلفت بالأنصاب أن لا يرعدوا
ثم أنشد أبياتًا أخر.
وقال أيضًا قبل هذا: ومن العرب من لم يقدر على صنم، ولا على بناء بيت، نصب حجرًا أمام
الحرم وأمام غيره مما استحسن، ثم طاف به كطوافه بالبيت، وسموها الأنصاب، فإذا كانت تماثيل دعوها الأصنام والأوثان، وسموا طوافهم الدَّوار، فكان الرجل إذا سافر فنزل منزلاً أخذ أربعة أحجار فنظر إلي
أحسنها، فاتخذه ربًّا، وجعل ثلاث أثافيٌ [لـ] قدره، وإذا ارتحل تركه، فإذا نزل منزلاً آخر فعل مثل ذلك، فكانوا ينحرون ويذبحون عند كلها، ويتقربون إليها، وهم على ذلك عارفون بفضل الكعبة عليها، يحجونها ويعتمرون إليها، وكان الَّذين يفعلون [من] ذلك في أسفارهم إنما هو للاقتداء منهم بما يفعلون عندها، ولصبابتهم بها. وكانوا يسمون ذبائح الغنم التي يذبحون عند أصنامهم
[وأنصابهم تلك]:
العتائر، والعتيرة في كلام العرب: الذبيحه، والمذبح الذي يذبحون فيه لها: العتر، وفي ذلك يقول
زهير ابن أبي سلمى:
فزال عنها وأوفى رأس مرقبةٍ
…
كناصب العتر دِّمى رأسه النُّسك
انتهى كلامه. وقوله: تركن: بالبناء للمجهول، وقوله: أجوب الأرض: هذا جواب القسم، وحذفت منه "لا" النافية، أي: لا أجوب الأرض، كقوله تعالي:(تالله تفتا تذكر يوسف)[يوسف/85] أي: لا تفتأز وأجوب الأرض: أقطعها بالمسافة، ولا يلفي، أي: ولا يوجد، وقد أنشد صاحب "العباب" هذين البيتين في مادة "عوض" أيضاً، ورشيد، بالتصغير، وكذا رميض،