الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الصفدي في "الوافي بالوفيات": اسمه محمد بن ظفر بن عمير. ولم أر هذه الواسطة في كتاب "الشعراء" ولا في "الأغاني" والله أعلم. قال الصفدي: وقال عبد الملك بن مروان، وهو أول خليفة ظهر منه البخل: أيُّ الشعراء أفضل؟ فقال له كثير [بن هراشة]. يعرض ببخل عبد الملك: أفضلهم المقنع الكندي حيث يقول:
إنّي أحرِّض أهل البخل كلَّهم
…
لو كان ينفع أهل البخل تحريضي
ما قلَّ مالي إلَاّ زادني كرمًا
…
حتّى يكون برزق الله تعويضي
والمال يرفع من لولا دراهمه
…
أمسى يقلِّب فينا طرف مخفوض
لن تخرج البيض عفوًا من أكفِّهم
…
إلاّ على وجع منهم وتمريض
كأنَّها من جلود الباخلين بما
…
عند النَّوائب تحذى بالمقاريض
فقال عبد الملك، وعرف ما أراده: الله أصدق من المقنع حيث قال:
(والذِّين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا)[الفرقان/67] وهو القائل لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي الله عنه:
إنَّ عليّا ساد بالتكرُّم
…
والحلم عند غاية التَّحلُّم
هداه ربي للصِّراط الأقوم
…
بأخذه الحلَّ وترك المحرم
كالليث بين اللَّبوات الضَّيغم
…
يرضعن أشبالاً ولما تفطم
انتهى.
وأنشد بعده وهو الإنشاد التسعون بعد المائة:
(190)
والله لا يذهب شيخي باطلا
…
حتّى أبير مالكًا وكاهلا
لما تقدم قبله من كون حتى فيه بمعنى إلَاّ. قال الدماميني: أبير: أهلك، يقال: بار الرجل إذا هلك، وأباره الله إذا أهلكه. والغاية في البيت ممكنة، أي: لا أترك ثأره إلى أن أقتل هذين الحيين، فأترك حينئذ لحصول القصد بإهلاكهما، وكذا التعليل ممكن أيضاً، أي: لا أترك الأخذ بالثأر كي أقتل هذين الحيين. أهـ.
قال ابن وحيي: لا نزاع في الاحتمال والجواز المجرد، ولكن معنى الاستثناء أمس وإن كان قليلاً في استعمال حتى فيه.
وهذا من رجز قاله امرؤ القيس لما سمع أن بني أسد قتلوا أباه، وقد ذكرنا منشأ قتلهم أباه قبل هذا بعشرة شواهد عند قوله:
ألا كلُّ شيء سواه جلل
وأول الرجز:
نحن جلبنا القرّح القوافلا
…
حملننا والأسل النَّواهلا
مستضربات بالحصى جوافلا
…
تستثفر الأواخر الأوائلا
يا لهف هند إذ خطئن كاهلا
…
القاتلين الملك الحلاحلا
والله لا يذهب شيخي باطلا
…
حتَّى أبير مالكاً وكاهلا
يا خير شيخ حسبًا ونائلا
…
وخيرهم قد علموا شمائلا
والقرح: جمع قارح؛ من قرح ذو الحافر يقرح بفتحتين قروحاً: انتهت
أسنانه، وذلك عند إكمال خمس سنين. والقوافل: بالقاف والفاء، في "الصحاح": وخيل قوافل: ضوامر، جمع قافل، من قفل يقفل بالكسر قفولاً، أي: يبس. والأسل: الرماح جمع أسلة، والنواهل: العطاش، ومستضربات: تضرب فروجها بالحصى من شدة السير، وتستثفر، أي: تضرب بالحصى أثفارها، والثفر، بفتح الثاء المثلثة والفاء: السير في مؤخر السرج. وقوله: يالهف هند، يا: للنداء، واللهف: الحزن، يريد: بالهف هند احضر فهذا وقتك، وهند: هي بنت ربيعة بن وهب، زوجة حجر والد امرئ القيس، ولما قتل خلف عليها امرؤ القيس على عادة الجاهلية. قال الصاغاني في "العباب"، وقال أبو القاسم السعدي في كتاب "مساوئ الخمر": هند هذه امرأة حجر أبي امرئ القيس، وهي أخت مارية ذات القرطين، المضروب المثل بقرطيها، وفيها يقول حسان:
أولاد جفنة حول قبر أبيهم
…
قبر ابن مارية الجواد المفضل
وهما ابنتا ظالم بن وهب بن الحارث، وهي التي قال فيها امرؤ القيس:
يالهف هند إذ خطئن كاهلا
انتهى. وزعم السيوطي أنها أخت امرئ القيس، وتبعه من جاء بعده، وهذا لم يقل به أحد. وقوله: إذ خطئن كاهلا، النون: ضمير الخيل القرح، وأراد بها أصحابها، وخطئ بالكسر وأخطا لغتان بمعنى واحد، قاله الصاغاني عن أبي عبيد. وكاهل: أبو قبيلة من أسد، وهو كاهل بن أسد بن خزيمة، وهم قتلة أبي امرئ القيس، قاله الصاغاني أيضاً. قال ابن قتيبة: لما قتل بنو أسد حجراً استجاش امرؤ القيس بكر بن وائل، فسار إليهم وقد لجؤوا إلى كنانة، فأوقع بهم، ونجت بنو كاهل من بني أسد، فقال: "يالهف نفسي إذ