الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خطأ الرأي والصنيع، وقال ابن الأعرابي: الظلم. وتقدمت ترجمته في الإنشاد الثالث والعشرين.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرابع والثمانون بعد المائة:
(184)
حاشا أبا ثوبان إنَّ به
…
ضنّاً على الملحاة والشَّتم
على أنه روي ما بعد حاشا بالنصب وبالجر، قال أبو حيان في "شرح التسهيل": ومن الجر بحاشا قول الشاعر:
حاشا أبي ثوبان إنّ أبا
…
ثوبان ليس ببكمة فدم
عمرو بن عبد الله إنَّ به
…
ضنّاً عن الملحاة والشَّتم
وأكثر النحاة يركب صدر البيت الأول على عجز الثاني، فينشدونه:
حاشا أبي ثوبان إن به
…
ضنّاً عن الملحاة والشَّتم
وعلى الصواب أنشدهما ابن عصفور، والمصنف في الشرح. وهما للجميح الأسدي وقبلهما:
وبنو رواحة ينظرون إذا
…
نظر النديُّ بآنف خثم
ثم استثنى فقال: حاشا أبي ثوبان
…
وقال المرزوقي: رواه الضبي:
"حاشا أبا ثوبان" بالنصب. انتهى. وأقول: وقد وقع للمنصف مثله في الباب الخامٍ، أنشد فيه قول عمر ابن أبي ربيعة:
وناهدة الثديين قلت لها اتَّكي
…
فقالت على اسم الله أمرك طاعة
وأصله:
وناهدة الثَّديين قلت لها اتكي
…
على الرَّمل من جنباته لم توسَّد
فقالت على اسم الله أمرك طاعة
…
وإن كنت قد كلِّفت ما لم أعوَّد
وممن أنشده بالتركيب أبو عبيدة، قال أبو علي في "الحجة" عند قوله تعالى:(حاشا لله)[يوسف/31] قال أبو عبيدة: حاش لله، وحاشا لله، تطلقونها وهي تنزيه واستثناء، وأنشد:
حاشا أبي ثوبان إن به
…
ضنّاً عن الملحاة والشَّتم
انتهى. وكذا أنشده بالتركيب ابن جني في "المحتسب" قال: قرأ ابن مسعود: (حاشا الله) على أصل اللفظة، وهي حرف جر، قال: حاشا أبي ثوبان
…
وأنشده بالتركيب، وكذا أورده صاحب "الكشاف" في "سورة يوسف" عند تلك القراءة، وفي "المفصل" أيضاً، قال ابن يعيش في شرحه: هكذا أنشده المبرد والسيرافي وغيرهما من البصريين، وفيه تخليط من جهة الرواية، وذلك أنه ركب صدره على عجز [غير] هـ، والصواب ما أنشده المفضل في "المفضليات" انتهى. وكذا قال المرادي في "الجنى اداني". وهذه رواية المفضل:
يا جار نضلة قد أنى لك أن
…
تسعى لجارك في بني هدم
متنظِّمين جوار نضلة يا
…
شاه الوجوه لذلك النَّظم
وبنو رواحة ينظرون إذا
…
نظر النّديُّ بآنف خثم
حاشا أبي ثوبان إن أبا
…
ثوبان ليس ببكمة فدم
عمرو بن عبد الله إنَّ به
…
ضنّاً عن الملحاة والشَّتم
لا تسقني إن لم أزر سمراً
…
غطفان موكب جحفل دهم
وبعد أن وصف الجحفل بالكثرة والشدة، وأخذ الثأر في أربعة أبيات قال:
حتَّى أجازي بالذي اجترمت
…
عبس بأسوأ ذلك الجرم
يا نضل للضّيف الغريب وللـ
…
ـجار المضيم وحامل لغرم
أو من لأشعت بعد أرملة
…
مثل البليَّة سملة الهدم
وهذا آخر القصيدة، وعدتها ثلاثة عشر بيتاً، قال ابن الأنباري في "شرح المفضليات": كان نضلة بن الأشتر بن جحوان بن فقعس جاراً لبني عبس، فقتلوه، فقال في ذلك الجميح، وكذا قال الضبي، وقال غيره: هو أبو خالد ابن نضلة، وكان سيداً ذا مال، واجتمع من كل فخذ منهم رجل، فأخذوا قناة واحدة، ثم انتظموا أيديهم فيها، فطعنوه بها كلهم طعنة رجل واحد، لئلا تخص فخذاً واحدة بطلب دمه.
وقوله: يا جار نضلة
…
الخ. الجار الأول: المجير، وهو الذي يمنع ويجير، وكان سيد العشيرة إذا أجار إنسانًا لم يخفروه، والجار الثاني: المستجير والحليف والنزيل؛ نادى مجير نضلة، وذكره طلب دمه. وأني بالنون يأني: كحان يحين، أي: قرب، ويقال أيضاً: آن يئين، وأن تسعى: في تأويل مصدر فاعل لأني. وهدم بكسر الهاء: هو هدم بن عوذ بن غالب بن قطيعة –بالتصغير- ابن عبس، وبنو هدم أربعة، منهم: فاشب ابن هدم.
وقوله: منتظمين: حال من بني هدم، أي: منتظمين معه في سلك واحد،
قال ابن الأنباري، قال أحمد بن عبيد: أي جعلوا بيوتهم حوله كالنظم ليمنعوه، فلم يمنعوه. وقال ابن الأعرابي: النظم هو نظم أيديهم بالرمح. انتهى. وعليه، يكون منصوباً على الذم. وقوله: ياشاه الوجوه، "يا" للتنبيه، والجملة بعده دعائية، أي: قبحت وجوههم لأجل ذلك النظم، ويتعدى بالتضعيف، يقال: شوه وجهه تشويهاً، أي: قبحه.
وقوله: وبنو رواحة
…
إلى آخره. رواحة: هو ابن ربيعة بن مازن بن الحارث بن قطعية بن عبس، وبنو رواحة ستة: جذيمة، وخلف، وعوير، وعمرو، وخالد، وحنظلة. قال ابن الأنبتري: الندي: المجلس، وأراد أهل الندي، والآنف: جمع أنف في القلة، وأنوف في الكثرة. والخثم، بضم الخاء المعجمة وسكون المثلثة: جمع أخثم، وهي العظيمة الكثيرة اللحم، ليست برقيقة ولا شم، عيّرهم على سبيل الذم بأن أنوافهم خثم.
وقوله: حاشا أبي ثوبان
…
إلى آخره، هذا مستثنى من بني رواحة، والمعنى أذّمهم وألحاهم، إلا هذا الرجل فإنه لم يفعل ما يوجب ذمه ولحيه. قال ابن الأنباري: أراد ببكمة: أبكم. انتهى. وهو بفتح الموحدة، وقيل بضمها، في "تهذيب الأزهري": يقال للرجل إذا امتنع من الكلام جهلاً أو تعمداً: بكم عن الكلام، وفي "نوادر أبي زيد": رجل أبكم، وهو العيي المفحم، قلت: وبين الأخرس والأبكم فرق، فالأخرس: الذي خلق ولا نطق له كالبهيمة، والأبكم: الذي للسانه نطق، وهو لا يعقل الجواب ولا يحسن وجه الكلام. والفدم: بفتح الفاء وسكون الدال، قال الليث: هو العيي عن الحجة والكلام.
وقوله: عمرو بن عبد الله
…
إلى آخره، بدل من أبي ثوبان، قال ابن الأنباري قال الضبي: أي: يضن بنفسه عن الملحاة، وهي مفعلة، من: لحوت
الرجل ولحيته: إذا ألحت عليه باللائمة، وهو مشتق من لحو العصا وهو قشرها.
وقوله: لا تسقني
…
الخ، قال ابن الأنبتري: قال الضبي: سمراً، أي: ليلاً، أي: إن لم آتهم ليلاً، والجحفل: الجيش العظيم، والدُّهم: الكثير. انتهى. وقوله: إن لم أزر، بضم الهمزة وكسر الزاي، يقال: أزاره يزيره إزارة، أي: جعله زائراً، يتعدى لمفعولين أولهما غطفان، وثانيهما موكب، وهو الجماعة ركباناً أو مشلة، من: وكب وكوبا: إذا مشى في درجان. وغطفان: هو ابن سعد ابن قيس بن عيلان بن مضر، وعبس: قبيلة من غطفان، لأن عبساً هو ابن بغيض بن ريث بن غطفان.
وقوله: حتى أجازي
…
الخ، حتى هنا غاية بمعنى إلى، أي: لا تسقني شيئاً إلى أن أجازي، ويجوز أن تكون بمعنى كي التعليلية للإزارة، واجترمت: اكتسب الجرم، وهو الذنب.
وقوله: يا نضل؛ هو مرخم نضلة، وقوله: للضيف؛ الجار والمجرور خبر لمبتدأ محذوف تقديره: من للضيف، بدلالة ما بعده. والمضيم: اسم مفعول من الضيم: ، وهو الظلم، والغرم بالضم: الغرامة، يقول: كان نضلة يعين من يحمل الغرامات كالدية.
وقوله: أو من لأشعت .. الخ، قال ابن الأنباري، قال الضبي: الأسعت: البائس الفقير، الذي لا ينام من الجوع والبرد، والأرملة: الفقيرة المحتاجة، والبلية: البعير الذي كان الرجل يركبه في الجاهلية، فإن مات شد عند قبره وفقئت عيناه، وشد عقاله، وجعل خطامه في وليَّته، وترك بلا علف حتى يموت، وكانوا يقولون: إن صاحبه إذا حشر يوم القيامة ركب عليه إلى المحشر. والسمل: الثوب الخلق، والهدم بالكسر: البالي من الأكسية وغيرها. انتهى.
والجمح: بضم اليم وفتح الميم وآخره حاء مهملة، وهو لقب، واسمه: منقذ، اسم فاعل من أنقذ- بالذال المعجمة- ابن الطماح، بتشديد الميم، وهو