الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن معانيه البديعة:
لخالدٍ شاعرنا زوجةٌ
…
لها حرٌ يبلغ مثليها
قوَّامةٌ بالليل لكنّها
…
تستغفر الله برجليها
وقال أيضًا:
يستغفر الناس بأيديهم
…
وهنّ يستغفرن بالأرجل
فيا له من عملٍ صالحٍ
…
يرفعه الله إلى أسفل
وله أيضًا:
إن كنت من جهل حقّي غير معتذرٍ
…
وكنت من ردّ مدحي غير متَّئب
فأعطني ثمن الطِّرس الذي كتبت
…
فيه القصيدة أو كفّارة الكذب
ومحاسنه كثيرة. وديوان شعره رتبه الصولي على حروف الهجاء، وهو عندي في ثلاث مجلدات كبار، وكان كثير التطير وأخباره فيه كثيرة مشهورة.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الخامس والسبعون بعد المائة:
(175)
كهزِّ الرُّدينيِّ تحت العجاج
…
جرى في الأنابيب ثمَّ اضطرب
على أن "ثم" واقعة فيه موقع الفاء، إذ الهزُّ متى جرى في أنابيب الرمح، يعقبه الاضطراب ولم يتراخ عنه. قال أبو حيان في "شرح التسهيل" بعد إنشاد البيت: أي: فاضطرب؛ عطف بها مفصل على مجمل، لأن جريان الهز في الأنابيب
هو اضطراب المهزوز، ولكن في الاضطراب تفصيل وفي الهز إجمال. انتهى. قال ابن قتيبة في أبيات "المعاني": هذا من تشبيه مشي الخيل باهتزاز الرمح، يقول: إذا هززت الرمح جرت تلك الهزة فيه حتى يضطرب كله، فكذلك هذا الفرس، ليس فيه العضو إلا وهو يعين الذي يليه، ولم يرد الاضطراب ولا الرعدة. انتهى.
والبيت من قصيدة طويلة لأبي دواد الإيادي وصف فيها فرسه ومطلعها:
وقد أغتدي ف بياض الصّباح
…
وأعجاز ليل مولِّي الذَّنب
بطرف ينازعني رأسه
…
سلوف المقادة محض النَّسب
طواه القنيص وتعداؤه
…
وإرشاش عطفيه حتَّى شسب
بعيد مدى الطَّرف خاظي البضيع
…
ممرُّ المطا سمهريُّ العصب
رفيع القذال كسيد الغضا
…
وتمَّ الضُّلوع يجوف رحب
وهاد تقدَّم لا عيب فيـ
…
ـه كالجذع شذِّب عنه الكرب
إذا قيد قحَّم من قاده
…
وولَّت علابُّيه وأجلعبّْ
كهزِّ الرُّدينيِّ بين الأكفِّ
…
جرى في الأنابيب ثمَّ اضطرب
غدونا نريد به الآبدات
…
تؤيَّيه من بين هال وهب
قوله: وأعجاز ليل
…
الخ، قال شارح ديوانه: أعجازه: مآخيره، والذنب: آخره. وقوله: بطرف ينازعني: الباء متعلقة بأغتدي، والطّرف بالكسر: الفرس
الكريم، وينازعني: يجاذبني، ورأسه: فاعل ينازعني، ووقع في رواية السيوطي: ينازعني مر سناً، وقال: المرسن، بفتح الميم وكسر السين: الأنف، وإنما قال: ينازعني مرسناً، لأن الحبل ونحوه يقع على مرسنه، هذا كلامه. وقوله: سلوف المقادة، قال شارحه: متقدم طويل العنق، وفي القاموس: هو السريع من الخيل، ومحض النسب: أي: خالصه لم يقارف الهجنة، وقوله طواه القنيص
…
الخ، أي: أضمره طلب الصيد، وإرشاش: مصدر أرش الماء، كرّشه رّشاً، أي: أرش جانباه العرق، وشسب: يبس وضمر.
وقوله: بعيد مدى الطرف
…
المدى: الغاية، أي: يرمي ببصره مرمى بعيداً، والخاظي: المكتنز، والبضيع اللحم، وممرُّ المطا، أي: مدمج المطا، وهو الظهر، وأصل الإمرار شدّة الفتل، والسمهري: الشديد.
وقوله: رفيع القذال
…
الخ، القذال: معقد العذار، والسيد بالكسر: الذئب، والغضا: نوع من الشجر يألفه الذئب، وتم الضلوع، أي: وكمل ضلوعه بجوف واسع. وقوله: وهاد تقدّم
…
الخ، الهادي: العنق كالجذع في الطول، وشذّبه: ألقى عنه شذبه، وهو ما يلقى عنه من القشور والعيدان المتفرقة والكرب بفتحتين: أصول السعف الغلاظ من النخلة.
وقوله: إذا قيد؛ مجهول قاده، وقحمه تقحيماً: أدخله بعنف في مهلكه والعلابي: جمع علباء، بالكسر والمد، وهو عصب العنق خاصة. قال شارحه: اجلعبَّ: امتدّ وانبسط، يقول: يجتذب قائده حتى يقحمه في كل مهلكة. ولت علابيه، أي: أنه مشرف العنق. قال أبو عمرو: اجلعبّ: اهتز واستطال.
وقوله: كهزّ الرُّديني
…
الخ، قال شارحه، أي: اهتزّ في القياد؛ وقالت امرأة من بنى أسد ضمت فرساً: والله، ما اهتزت مقبلة، ولا تتابعت مدبرة. جرى في الأنابيب، أي: جرى اهتزازه في أنابيبه.
وقوله: غدونا نريد
…
الخ، قال شارحه: الآبدات: المتوحشات، والتأبيه: الدعاء، قال أبو عبيدة: التأييه: أن تقول: آه، ولا يدعى بها إلا ما بعد منهن، وهال وهلا: تجيء في موضع نهي وإيعاد، وتجيء في موضع زجر، وتجيء توقيراً، وهب: تسكين، وجاءت في موضع آخر في موضع زجر. انتهى.
وأبو دواد: بضم الدال، بعدها واو غير مهموزة، واسمه جارية بن الحجاج أحد بني برد بن إياد، بكسر الهمزة، قال أبو رياش: أبو دواد من حذاقة بن زهر بن إياد، بضم الحاء المهملة، بعدها ذال معجمة، وآخره قاف، وكل من في العرب "حذافة" بالفاء، غير هذا فإنه بالقاف، وهو شاعر جاهلي قديم قال ابن قتيبة: قال بعضهم هو جارية بن الحجاج، وقال الأصمعي: هو حنظلة ابن الشرقي وكان في عصر كعب ابن مامة الإيادي الذي آثر بنصيبه من الماء رفيقه النمري، فمات عطشاً، فضرب به المثل في الجود، وبلغه عنه شيء فقال:
وأتاني تقحيم كعب لي المنـ
…
طق إنَّ النَّكيثة الإقحام
في نظام ما كنت فيه فلا يحـ
…
ـزنك قول لكلِّ حسناء ذام
ولقد رابني أبن عمِّي كعب
…
إنَّه قد يروم مالا يرام
وفيها يقول:
لا أعدُّ الإقتار عدماً ولكن
…
فقد من قد رزئته الإعدام
من رجال من الأقارب بادوا
…
من حذاق هم الرُّؤوس العظام
فيهم للملاينين أناة
…
وعرام إذا يراد عرام
فعلى إثرهم تساقط نفسي
…
حسرات وذكرهم لي سقام
وكان أجاره بعض الملوك فأحسن إليه فضرب المثل بجار أبي دواد، قال: طرفه:
إنِّي كفاني من همّ هممت به
…
جار كجار الحذاقيِّ الَّذي انتصفا
وهو أحد نعتات الخيل المجيدين، قال الأصمعي: هو ثلاثة: أبو دواد في الجاهلية، وطفيل، والجعديُّ. قال: العرب لا تروي شعر أبي دواد وعديّ ابن زيد، وذلك أن ألفاظهما ليست بنجدية.
وقيل للحطيئة من أشعر الناس؟ قال الذي يقول:
لا أعدّ الإقتار عدماً ولكن البيت
…
ويتمثل من شعره بقوله:
أكلَّ أمرئ تحسبين أمرأً
…
ونار تحرَّق باللَّيل نارا
ومما سبق إليه فأخذ عنه قوله:
ترى جارنا آمناً وسطنا
…
يروح بعقد وثيق السَّبب
إذا ما عقدنا له ذمَّةً
…
شددنا العناج وعقد الكرب