الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويذكرون، وأهل نجد يقولون: صفنة، يفتحون الصاد ويؤنثون، والصفنة: شيء تتخذه الأعراب كهيئة السفرة، فإذا احتاجوا إلى الماء سقوا بها، وأعضاد الحوض: نواحيه، وأهزام": منفلقة الطين، قد تهزمت؛ تشققت.
فعافت الماء أو سافت بمشرفها
…
ثمَّ استمرَّت سواه طفرفها سامي
سامي: مشرف، لأنها نشطت، وعافت: كرهت، إنما شمت ثم لم ترد، ومضت لم تقم به، واستمرت: مضت.
صدَّت كما صدّ عمَّا لا يجلُّ له
…
ساقي نصارى قبيل الصُّبح صوَّام
عمت لا يحل له من الأكل والشرب قبيل الصبح، لأنهم إذا ناموا لم يأكلهم ولم يشربوا، وإنما يستحب السحور خلافًا عليهم، ويروى:"قبيل الفصح". انتهى. والفصح بكسر الفاء: عيد للنصارى.
وأبو داود الإيادي: شاعر جاهلي تقدَّمت ترجمته في الإنشاد الخامس والسبعين بعد المائة، والنمر بن تولب: شاعر معمر أدرك الإسلام، وروى عن النبى صلى الله عليه وسلم حديثًا واحدًا، وتقدمت ترجمته في الإنشاد الواحد والثمانين.
عن
وأنشد فيه، وهو الإنشاد الرابع والثلاثون بعد المائتين:
(234)
لاه ابن عمِّك لا أفضلت في حسبٍ
…
عنّي ولا أنت ديَّاني فتخزوني
على أن عن بمعنى على، قال أبو حيان في "شرح التسهيل": هذا مذهب كوفي، وقال به القتبي وهذا المصنف، واستدلوا بقول الشاعر: لاه ابن عمك .. البيت، وقال آخر:
ولو أنت تلقي حنظلًا فوق بيضهم
تدحرج عن ذي سامه المتقارب
واستدل المصنف بقولهم: بخل عنه، وخرج ذلك على التضمين، فقال بعض أصحابنا: ضمنه معنى: ما انفردت بحسبٍ عني، لأنه إذا فضل عليه في الحسب، أي: زاد، فقد انفرد عنه بتلك الزيادة. وأما: عن ذي سامه؛ فباقية على موضعها، لأن تدحرجه عن ذي سامه انتقال عن بعضه إلى بعض، وقال بعض شيوخنا: إذا كان أفضل، وكان فوقه في الحسب فقد زال عنه، وصار في حيز، فكأنه قال: لاه ابن عمك، مازال قدرك عن قدري، ولا ارتفع شأنك عن شأني. انتهى. وأما بخل عنه، فالتقدير: بخل بماله عنه، فضمن
بخل معنى رغب بماله، أو كف ماله، وكل منهما يتعدى بعن. انتهى.
وقال ابن السيد في "شرح أدب الكاتب" لابن قتيبة: ذهب يعقوب ابن السكيت، ومن كتابه نقل ابن قتيبة هذه الأبواب، إلى أن عن ههنا بمعنى على، وإنما قال ذلك لأنه جعل أفضلت من قولهم: أفضلت على الرجل؛ إذا أوليته فضلًا، وأفضلت هذه تتعدى بعلى لأنها، بمعنى الإنعام، ومعناه: أنك لم تنعم علي بأن شرفتني فتعتّد ذلك، وقد يجوز أن يكون من قولهم: أعطى وأفضل؛ إذا زاد على الواجب، وأفصل هذه أيضًا تتعدى بعلى، يقال: أفضل على كذا، أي: زاد عليه فضلة. وقد يجوز أن يكون من قولهم: أفضل الرجل؛ إذا صار ذا فضل في نفسه، فيكون معناه: ليس لك فضل تنفرد بع عني، وتحرزه دوني، فتكون عن ههنا واقعة موقعها غير مبدلة من "على". انتهى.
ثم إن الظاهر أن يقول: "عنه" بضمير الغائب، لكنه التفت من الغيبة إلى التكلم، لأنه يعني بابن العم نفسه، فردّ الإخبار بلفظ المتكلم، ولم يخرجه بلفظ الغيبة، لئلا يتوهم أنه يعني غير نفسه، ولو جاء بالكلام على لفظ الغيبة لكان أحسن، لكنه أراد تأكيد البيان ورفع الإشكال.
وروى صاحب "الأغاني":
لاه ابن عمِّك لا أفضلت في حسبٍ شيئًا
…
وعليه؛ لا يكون في البيت شاهد. قال ابن السيد: قوله: لا أفضلت، معناه: لم تفضل، والعرب تقرن "لا" بالفعل الماضي، فينوب ذلك مناب "لم" إذا قرنت بالفعل المستقبل، فمن ذلك قوله تعالى:{فلا صدَّق ولا صلَّى} [القيامة /31] معناه: لم يصدّق، ولم يصلّ، ومنه قول أبي خراش:
إن تغفر اللَّهم تغفر جمّا وأيُّ عبدٍ لك لا ألما. انتهى. وقول المصنف: أي: لله در ابن عمل، أراد أن أصله هذا، فصار بالحذف لاه ابن عمك، أراد أن أصله هذا، فصار بالحذف لاه ابن عمك، وفيه إجحاف مستغى عنه، وإنما الأصل" لله ابن عمك، وابن: مبتدأ، ولله الخبر، فحذفت اللام الجارة ولام التعريف، فبقي لاه مجرورًا على الشذوذ، ولام الجر للتعجب، ويكون جملة لا أفضلت .. الخ. بيانًا وتفسيرًا لجملة التعجب من كمال صفاته المقتضى للتعجب منها.
قال ابن الأنباري في شرح هذا البيت من "شرح المفضليات": أراد: لله در ابن عمك، فحذف اللام الخافضة اكتفاء بالتي تليها، ثم قال: وروى أحمد: لاه ابن عمل بالخفض، قال: وهم قسم، المعنى:[و] رب ابن عمك، وقوله: لا أفضلت: جواب القسم. انتهى. فتكون اللام المضمرة للقسم، ورب بالجر والإضافة: صفة للفظ الجلالة، ورب: وصف من الربوبية. وهذا وإن كان فيه إجحاف وشذوذ، لكن رواية الجر اقتضت هذا التقرير. ونقل الشريف المرتضى في "أماليه" عن ابن دريد الجر اقتضت هذا التقدير. ونقل الشريف المرتضى في "أماليه" عن ابن دريد أنه قال: أقسم، وأراد: لله ابن عمك، فتكون اللام للقسم، وجملة لا أفضلت: جوابه، وهذا فاسد لأنه يبقى ابن عمك غير مرتبط بشيء. وعلم مما ذكرنا أن كسرة "لاه" إعراب لابناء، وهو ظاهر كلام "المفصل" قال فيه: وتضمر، أي: باء القسم، كما تضمر اللام في لاه أبوك. انتهى. فإن الحرف المضمر يبقى معناه وأثره، بخلاف المحذوف، فإنه يبقى معناه دون أثره، وزعم الرضي أن كسرته بنائيه، قال:
حذف لام الجر لكثرة الاستعمال، وقدر لام التعريف، فبقي: لاه ابن عمك فبني لتضمن الحرف. هذا كلامه، وهو مخالف لكلام النحاة/ منهم الأندلسي، فإنه صرح في "شرح المفصل" كون الكسرة في "لاه" إعراب، قال عند قول "المفصل": وتضمر كما تضمر اللام: هذا هو الوجه الثالث، وهو أن تحذف الحرف لفظًا وتقدره معنى، ويبقى عمله كما تضمر ربّ، وقولهم: إن المحذوف من "لاه" هو لام الجر مع لام التعريف، هو الصحيح. وزعم المبرد أن المحذوف لام التعريف واللام الأصلية، والباقية هي لام الجر الفتح، وفي هذا المقام كلام طويل أودعناه في الشاهد الثالث والعشرين بعد الخمسمائة من شواهد الرضي.
وقول المصنف: ولا أنت مالكي فتسوسني .. ؛ أشار بالمالك إلى تفسير الدَّيان، وهو القيِّم بالأمر، المجازي به، وهو فعَّال من الدين وهو الجزاء، وفي "القاموس": الديان: القهار والقاضي والحاكم والمجازي الذي لا يضيع عملًا، بل يجزي بالخير والشر. وأشار بـ"تسوسني" إلى تفسير تخزوني، بالخاء والزاء المعجمتين؛ مضارع خزاه حزوًا، بالفتح: ساسه وقهره وملكه، وساسه من السياسة، وأما الخزي، بالكسر، وهو الهوان والذل، فالفعل منه كرضي، وأخزاه الله: أفضحه، قال الدماميني: يحتمل الرفع والنصب في "فتخزوني" كما يحتملها نحو: ما تأتينا فتحدثنا، أي: ولا أنت مالكي فكيف تسوسني؟ أو: ليس لك ملك فسياسة، وعلى تقدير النصب فالفتحة مقدرة، كما في قوله:
أبى الله أن أسمو بأمٍّ ولا أب
وليس بضورة، وقد قرئ في الشواذ:{إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكّاح} [البقرة/ 237] بإسكان الواو من "يعفو الذي". انتهى. والحسب: ما يعده الإنسان من مناقب نفسه. انتهى.
والبيت من قصيدة لذي الأصبع قالها في ابن عم له كان ينافسه ويعاديه، وفي رواية أبي علي القالي في "أماليه" ستة وثلاثون بيتًا، وأوردها السيوطي، وفي رواية ابن الأعرابي في نوادره ستة عشر بيتًا، وفي رواية المفضل في "المفضليات" ثمانية عشر بيتًا، ونحن نقتصر على هذه الرواية، وهي:
لي ابن عمٍّ على ما كان من خلقٍ
…
مختلفان فأقليه ويقليني
أزرى بنا أنَّنا شالت نعامتنا
…
فخالني دونه وخلته دوني
يا عمر وإن لا تدع شتمي ومنقصتي
…
أضربك حتّى تقول الهامة أسقوني
لاه ابن عمّك
…
البيت
ولا تقوت عيالي يوم مسغبةٍ
…
ولا بنفسك في العزَّاء تكفيني
إنِّي لعمرك ما بي بذي غلقٍ
…
عن الصَّديق ولا خيري بممنون
ولا لساني على الأدنى بمنطلقٍ
…
بالفاحشات ولا فتكي بمأمون
عفتُّ يؤوسٌ إذا ما خفت من بلدٍ
…
هونًا فلست بوقافٍ على الهون
عنِّي إليك فما أمّي براعية
…
ترعى المخاض وما رأيس بمغبون
كل امرئ راجعٌ يومًا لشيمته
…
وإن تخالق أخلاقًا إلى حين
إنِّي أبيٌّ ذو محافظةٍ
…
وابن أبيٍّ أبيٍّ من أبيِّن
وأنتم معشرٌ زيدٌ على مائةٍ
…
فأجمعوا أمركم كلًّا فكيدوني
فإن عرفتم سبيل الرُّشد فانطلقوا
…
وإن جهلتم سبيل الرُّشد فأتوني
ماذا علىَّ وإن كنتم ذوي كرمٍ
…
أن لا أحبَّكم إذ لم تحبُّوني
لو تشربون دمي لم يرو شاربكم
…
ولا دماؤكم جمعًا تروِّيني
الله يعلمني والله يعلمكم
…
والله يجزيكم عنّي ويجزيني
قد كنت أوتيكم نصحي وأمنحكم
…
ودِّي على مثبتٍ في الَّدر مكنون
لا يخرج الكره منَّي غير مأبيةٍ .. ولا ألين لمن لا يبتغي ليني
هذا آخر ما رواه المفضل. قوله": لي ابن عّمٍ .. الخ، قال ابن الأنباري في شرحه: أراد أخلاقهما مختلفة، ولما قال: لي ابن عّمٍ؛ علم بأنهما اثنان مختلفان هو وابن عمه، وقوله: على ما كان من خلق، أي: من تخالق، أي: أخالفه ويخالفني، ونحن في تخالفنا مختلفان، وأنشد عن الكسائي:
ما كنت والقرّيّ جاري جنابًة
بنجدٍ ولا في الحفر مشتركان
وقوله: أزرى بنا
…
الخ، يقال: أزرى به إذا قصر، وشالت نعامتنا: تفرق أمرنا واختلف، يقال عند اختلاف القوم: شالت نعامتهم، وزف رألهم، والرأل: فرخ النعام، وقيل معناه: جلوا عن الموضع، والمعني: تنافرنا فصرت لا يطمئن إليه ولا يطمئن إليَّ، ويقال: ألقوا عصاهم؛ إذا سكنوا فاطمأنوا،
وقوله: يا عمرو إن لا تدع .. قد شرحناه مفصلًا في حاشيتنا في شرح البيت الثامن من "شرح بانت سعاد" للمصنف، وقال ابن الأنباري قال الأصمعي: العرب تقول: العطش في الرأس، وأنشد قول الراجز:
قد علمت أنِّي مروِّي هامها
…
ومذهب الغليل من أوامها
إذا جعلت الدّلو في خطامها
والمعنى: إلا تدع شتمي أضربك على هامتك حيث تعطش، ويقال: إن الرجل إذا قتل فلم يدرك بثأره، خرجت هامة من قبره، فلا زال على ذلك حتى يُقتل قاتله. وقوله: ولا تقوت عيالي .. الخ، تقوت: من القوت بالقاف، والمسغبة: المجاعة، والعزاء: الضيق والشدة، وقوله: إني لعمرك .. الخ، أي لا أذخر صاحبي شيئًا ولا أمنّ عليه، وقيل: الممنون: المقطوع: وقوله: عفُّ يؤوس .. الخ، أي: أعف عما ليس لي، ولست بذي طمع، أيأس عما في يد غيري، والهون بالضم: الذل، وقوله: فما أمي براعية، أي: لست بابن أمة، عرَّض به وكان ابن أمة، وإنما خص رعية المخاض لأنها أشدُّ من رعية غيرها، ولا يمتهن فيها إلا من حقر ولم يُبال به. وقوله: وأنتم معشر زيد .. الخ، أي: زيادة على مائة، وزيد، بكسر الزاي، وأجمع أمره: عزم عليه. وقوله: لا يخرج الكره .. الخ؛ فعل وفاعل، وغير: مفعول، وهو مضارع أخرج، يقول: إذا أكرهت على الشيء لم يمكن عندي إلا الإباء له، أي: لا أعطي على القسر شيئًا، والمأبية: كالإباء.