الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بفتح القاف والزاي: الصغير الجسم، يستوي فيه الواحد وغيره، وكم: للتكثير، والبرم، بفتح الموحدة والراء المهملة: البخيل الدني، ومفعول أحمد محذوف، وهو النار، فإن البخيل يطفئ النار حتى لا يستدل عليه أحد بضوئها فيضيفه، وذلك لبخله.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث والثلاثون بعد المائتين:
(233)
قد بتُّ أحرسني وحدي ويمنعني
…
صوت السَّباع به يضبحن والهام
على أنه عدِّى "أحرس" المسند لضمير المتكلم المتصل إلى الضمير المتصل، وهو ياء المتكلم، مع أنه ليس من باب ظن، وفقد وعدم. أورده ابن عصفور في كتاب "الضرائر" وقال: الوجه أن يقول: أحرس نفسي، كما قال تعالى:{إني ظلمت نفسي} [النمل/ 44] فوضع الضمير المتصل موضعه لما اضطر إلى ذلك. انتهى. أقول: هذا هو المشهور، والذي رأيناه في شعر أبي داود، وفي شعر النمر بن تولب:"قد بتّ أكلؤه ليلًا"، "قد بت أحرسه ليلًا" فلا شاهد فيه.
وهو من أبيات لأبي داود الإيادي، رواية ابن السكيت وغيره وهي:
ومنهلٍ لا يبيت القوم حضرته
…
من المخافة أجنٌ ماؤه طامي
قد بتُّ أكلؤه ليلًا ويؤنستي
…
صوت السِّباع بع يضبحن والعام
ما كان إلّا مقامي في مدالجه
…
ثم انصرفت إلى وجناء مجذام
هرقت في حوضها صفنًا لتشر به
في جافق] خلق الأعضاد أهزام
فساقت الحوض أو شمَّت بمنخرها
…
ثمَّ استمرَّت سواه طرفها سامي
صدَّت كما صدَّ عّما لا يحلُّ له
…
ساقي نصارى قبيل الصُّبح صوَّام
قوله: ومنهل، أي: ورب منهل، وقوله: حضرتك، أي: في حضوره، وأجن: بفتح الألف، وسكون الجيم، ومن للتعليل، قال ابن السكيت في شرحه: منهل: مشرب، وأجن: قد أنتن وتغيرت ريحه، يقال: ماء آجن وأجن، وطامي: قد ارتفع، يقال: طما الماء يطمي طميًا، ويطموا طموّاً، يقول: قد ارتفع ماؤه من قلة الورود، وقال أبو عبيدة. الآجن: المتغير اللون، وهو الأجون، والأجن، والآسن: المتغير الريح والطعم، يقال: أسن الماء يأسن أسنًا. انتهى. يعني من باب فرح.
وقوله: قد بتّ أكلؤه
…
الخ، أي: أحرسه، والضمير للمنهل، أي: أحرسه، أي: أحرس نفسي يضج، وكذلك البوم. انتهى. وهو بالضاد وفتح الموحدة فيهما، ومما يتعجب منه قول أبي حيان في "تذكرته": زعم بعض النحويين أن أصبح تكون زائدة، وأنشده:
أبيت أحرسه وحدي ويمنعني
…
صوت السِّباع به يصبحن والهام
انتهى. وهذا تحريف قطعًا، والهام بالجر: معطوف على السباع، وهو جمع
هامة، وهو من طير الليل، يقال له: الصدى، وقوله: في مدالجه، قال شارحه: المدلج: الممشى بين الحوض والبئر، الممشى بين الحوض والبئر، يقال: دلج يدلج، من باب النصر، إذا مشى بدلو بين الحوض والبئر. والوجناء: الصلبة الغليظة، ومجذام بالجيم والذال المعجمة: الماضية في سيرها، وقوله: هرقت، أي: أرقت وصببت، والصفن: بضم الصاد وسكون الفاء، جمع صفنة، قال الأصمعي: هي السفرة يستقى بها، وقوله: في دافن: بدل من قوله: في حوضها، والدافن: الحوض المندفن بالتراب دفنته الريح، والأعضاد: نواحي الحوض، وأهزام: متصدع فيه شقوق، يقال: قد تهزمت القربة: إذا تشققت، وهي الهزوم واحدها هزم.
وقوله: فسافت الحوض، أي: كرهته وعافته، وقوله: ثم استمرت سواه، قال ابن السكيت: أي: سوى ذلك المكان، وسامي: مرتفع. ولم يكتب على البيت الأخير شيئًا.
ورأيت هذه الأبيات آخر قصيدة للنمر بن تولب، وهي:
شطَّت بجمرة دارٌ بعد إلمام
…
نأىٌ وطول تعادٍ بين أقوام
قال شارح ديوانه محمد بن حبيب: تعادي: صوارف وأشغال، عداني عن هذا أمر، أي: صرفني.
حلَّت بتيماء في قومٍ إذا احتملوا
…
في الصُّبح نادى مناديهم بإشام
تيماء: من نحو بلاد طي، وهي بعيدة منها، ولكنها من ذلك الحيز، يقول: إذا ارتحلوا أخذوا نحو الشام فازدادوا مني بعدًا.
وقد لهوت بها والدّار جامعةٌ
…
بالخرج فالنّهي فالعوراء فالدّام
الخرج: قرية من قوى اليمامة والخرج بالفتح: في بلاد تميم.
كأنَّ جمرة أو عزَّت لها شهبًا
…
في العين يوم تلاقينا بأرمام
عزت: غلبت، يقول: كأن جمرة، أو غلبت جمرة في الحسن، شبه هذه الروضة، ومثله: كأن فلانًا، أو هو أفحش منه، كلب.
ميثاء جاد عليها وابلٌ هطلٌ
…
فأمرعت لاحتيالٍ فرط أعوام
يقول: كأنها هذه الميثاء، أو غلبت عليها في الحسن، وأمرعت وقد أحالت أعوامًا، وفرط أعوام: بعد ذهاب أعوام، كقولك: فرط مني كلام، أي: سبق، يقول: مضى لها أعوام وهي جامّة، فهو أقوى لنبتها. انتهى. والميناء: الأرض السهلة، وأمرع المكان ومرع: أخض=صب وصار ذا كلأ.
إذا يجفُّ ثراها بلّها ديمٌ
…
من واكفٍ نزل] بالماءٍ سجّام
الديم: المطر اللين يدوم اليوم واليومين، يقال: مكان نظل؛ إذا كان يسيل من أدنى مطر يصيبه.
لم يرعها أحدٌ وارتبَّها زمنًا .. فأوٌ من الأرض محفوفٌ بأعلام
الفأو: المطمئن من الأرض بين الربوتين، يقول: هي عازبة بعيدة وافرة الكلأ، وارتبها: غذاها، ومحفوف بأعلام، أي: حولها جبال تكنها من الريح، ويسيل ماؤها إليها فهو أبقى لخضرتها. قال ابنحبيب: فأوت من الأرض طيب تطيف به الجبال.
تسمع للطّير في حافاتها زجلًا
…
كأنَّ أصواتها أصوات جرّام
حافاتها: نواحيها، شبه أصوات الطير في هذه الروضة بأصوات الجرَّام، وهم الذين يصرمون النخل.
كأنَّ ريح خزاماها وحنوتها
…
باللَّيل ربح يلنجوجٍ وأهضام
الخزامى: خيريّ البر. والألنجوج: العود، والأهضام: المحطوم المكسور، وقيل: ضرب من الطيب.
أليس جهلًا بذي شيبٍ تذكرُّه
…
ملهى ليالٍ خلت منه وأعوام
ومنهلٍ لا ينام القوم حضرته
…
من المخافة أجنٍ ماؤه طامي
لا ينامون من الوحشة وفرق السباع، وطامي: كثير، لا يورد ولا يشرب.
قد بتُّ أحرسه ليلًا ويسهرني
…
صوت السِّباع به يضبحن والهام
أحرسه، أي: أحترس فيه، والعرب تقول: بتُّ به ثلاثاً لا آكلهَّ طعامًا، ولا أشربهنَّ شرابًا، أي: لا آكل فيهنَّ ولا أشرب.
ما كان إلّا اطّلاعي في مدالجه
…
ثمَّ انصرافي إلى وجناء مجذام
المدالج: بين الحوض والركي، يقول: لم يكن لي لبث إلا بقدر ما سبقت اطلاعي نظري فيه، كما تقول: طالعت ضيعتي، أتيتها لم ألبث فيها، ومجذام: صريعة تقطع الأرض.
أفرغت في حوضها ماءً لتشر به
…
في داثرٍ خلق الأعضاد أهزام
ويروي: "صفنًا لتشربه" أهل الحجاز يقولون: صفن، فيضمون الصاد