الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حرف العين المهملة
على
أنشد فيه، وهو الإنشاد الواحد والعشرون بعد المائتين:
(221)
تحنّ فتبدي ما بها من صبابةٍ
…
وأخفي الذي لولا الأسى لقضاني
علي أن أصله: لقضي علي. قال أبو حيان في "شرح التسهيل": واستدل الأخفش علي اسمية (علي" بقول العرب: "سويت علي ثيابي" ووجه الدلالة أنه قد تقرر، أن فعل المضمر لا يتعدى إلي مضمره المتصل لا بنفسه ولا بواسطة، فلا تقول: زيد ضربه، تريد: ضرب نفسه، ولا: فرحت بي، تريد: فرجت بنفسي. وفي: سويت عليّ، قد تعدى إلي ضميره المتصل، فوجب أن يعتقد في "على" أنها اسم، لأنه يجوز: سويت فرقي ثوبي، قال بعض أصحابنا: وكذلك ينبغي أن تجعل "على" اسماً في قوله:
هوِّن عليك فإنَّ الأمور
…
بكفِّ الإله مقاديرها
للعلة التي ذكرها الأخفش، وكذلك في قوله:
دع عنك نهباً
…
البيت
وهذا الذي ذهب إليه الأخفش وبعض أصحابنا لا يطّرد، بل هو مراد غالب، لكنه قد جاء ذلك التعدي قال تعالي:(وهزّي إليك)[مريم/25] وقال تعالي: (واضم إليك جناحك)[القصص/32] ومن كلامهم: فئ إليك، ولم يذهب أحد إلي أن "إلى" اسم، فكذلك تقول في: سويت عليَّ، وفي: هوّن عليم، وفي: دع عنك: إنها حروف كـ "إلى"، لكن تلك التعدية قليلة، فلا تكون تلك التعدية دلالة اسمية "عن وعلى" وما ذكره المصنف من أن علي إنما تكون اسماً إذا دخل عليها "من"، هو مشهور قول البصريين.
وذهب ابن الطراوة وابن طاهر وابن خروف وأبو علي الرُّندي وأبو الحجاج ابن معزوز، والأستاذ أبو علي في أحد قوليه، إلي أنها لا تكون حرفاً، وزعموا أن ذلك مذهب سيبوية، لقوله في باب "عدة ما يكون عليه الكلم" فهو اسم، ولا يكون إلا ظرفاً. وقد صنف ابن معزوز جزءاً في عشرين ورقة استدل فيه علي أن "على" لا تكون حرفاً باسماً، وأما من أثبت ذلك فاستدل علي حذفها في ضرورة الشعر، أي، لقضى على أنه مفعول به نحو قوله: نحنُّ فتبدي ما بها .. البيت، أي: لقضي علي، وقد أجاز أبو الحسن الأخفش حذفها في الكلام، ونصب ما بعدها مفعولاً به، وجعل من ذلك قوله تعالي:(ولكن لا تواعد وهنّ سرّاً)[البقرة/235] أي: علي سّرٍ، وقوله تعالي:
(لأقعدن لهم صراطك)[الأعراف/16] أي: علي صراطن، وهذا الاستدلال يمكن أن تتأول فيه الأفعال علي تضمين مالا يتعدي بـ "على"، فلا يتم الاستدلال.
واستدل أيضاً من أثبت الحرفية بحذفها مع الضمير في الصلة، نحو: ركبت على الذي ركبت، نحو قوله:
فأصبح من أسماء قيس كقابضٍ
…
علي الماء لا يدري بما هو قابض
أي: عليه. ولو كانت اسماً لم يجز ذلك، لو قلت: قعدت وراء الذي قعدت، تريد: وراءه؛ لم يجز. إلي هنا كلام أبي حيان، والتضمين الذي ذكره يكون بتضمين قضى بمعنى أهلك أو قتل.
وهذا البيت أورده المبرد في أول "الكامل" مع بيت قبله، قال: ومما يستحسن ويستغرب معناه، ويحمد اختصاره قول أعرابي من بني كلاب:
فمن يك لم يغرض فإَّني وناقتي
…
بجحرٍ إلي أهل الحمى غرضان
نحن فتبدي .. البيت، يريد: لقضي علي، فأخرجه لفصاحته وعلمه بجوهر الكلام أحسن مخرج، قال الله تعالي:(وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون)[المطففين/3] والمعني: إذا كالوا لهم، أو وزنوا لهم، أو وزنوا لهم، ألا تري أن أول الآية:(الذين إذا اكتالوا علي الناس يستوفون) فهؤلاء أخذوا منهم [ثم] أعطوهم انتهي وكتب هنا علي الكامل تلميذه أبو الحسن علي بن سليمان الأخفش قوله: لم يغرض، أي: لم يشتق، يقال: غرضت إلي لقائك، وحننت إلي لقائك وعطشت إلي لقائك، وجعت إلي لقائك، أي: اشتقت. أخبرنا بذلك أحمد ابن يحيي عن ابن الأعرابي، وأنشدنا عنه:
من ذا رسول ناصح فمبلِّغ
…
عنّي عليَّة غير قول الكاذب
أنَّي غرضت إلى تناصف وجهها
…
غرض المحب إلي الحبيب الغائب
والتناصف: الحسن. وأما قوله: لقضائي، فإنما يريد: لقضى عليَّ الموت، كما قال الله، عز وجل:(فلما قضينا عليه الموت)[سبأ/14] فالموت في النية، وهو معلوم بمنزلة ما نطقت به، وكذلك قوله:(الوهم)[ف] الشيء المكيل معلوم، فهو بمنزلة ما ذكر في اللفظ. انتهي. وغرض: بإعجام الطرفين، من باب علم، وحجر، بفتح الحاء المهملة وسكون الجيم؛ قال صاحب "القاموس": هي قصبة باليمامة، وموضع بديار بني عقيل، وواد بين بلاد عذرة وغطفان، وقرية لبني سليم، وجبل ببلاد غطفان، وموضع باليمن، وموضع به وقعة بين دوس وكنانة. انتهي. والمشهور هو الأول. والصبابة: رقة الشوق، والأسى، بضم الهمزة جمع، أسوة، كالعرى جمع عروة، والأسوة: التأميي والاقتداء بالغير وما يتأسى به الحزين ويتعزى، أي: يتصبر. ورواه أبو علي في "المسائل العسكرية": "نحن وتبدي" بالواو، قال: وسمعت كثيراً ينشدون: الأسى بفتح الهمزة، وهو خطأ، لأنه بمعنى الحزن، ويفسد به المعنى. انتهي.
واعلم أن لعروة بن حزام العذري قصيدة غرامية علي هذا الوزن والروري، ومطلعها:
خليليَّ من عليا هلال بن عامرٍ
…
بصنعاء عوجا اليوم وانتظر اني