الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرماح، والنهل: الشرب الأول، والعلل: الشرب الثاني، وعقاب المنايا: الراية، شبهها بالعقاب، وأراد بشعث النواصي: الخيل، واللجم: جمع لجام، وتصلصل: تصوت، وأصله تتصلصل، بتامين، وأوحلوا: صاروا في الوحل.
وقوله: فإلا تعلق: أصله تتعلق بتاءين، يقول: إن لم تتعلق بجوار قريش حتى تأمن، فليس لك عندهم جوار ولا هوداة ولا بقيا، وهذا استهزاء في معرض النصيحة، أي: إن لم تتعلق بذمة قريش، فلا طاقة لكم بسيوف قيس.
وقوله: لنا الفضل في الدنيا
…
البيت، يأتي شرحه، إن شاء الله، في حرف اللام، وترجمة جرير تقدمت في الإنشاد الحادي عشر.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الخامس والتسعون بعد المائة:
(195)
فوا عجبا حتى كليب تسبني
…
كأن أباها نهشل أو مجاشع
على أن حتى فيه ابتدائية، قال سيبويه في باب حتى بعد ما أنشده: فحتى ههنا بمنزلة إذا، وإنما هي ههنا كحرف من حروف الابتداء، انتهى.
قال أبو علي في "المسائل البصريات" وهي مسائل أملاها في جامع البصرة:
"حتى" ثلاثة أضرب: جارة، وعاطفة، والثالث: أن تكون داخلة على الجمل. وينصرف الكلام الذي بعدها إلى الابتداء كأما وإذا، ونحوهما في ذلك نحو قوله:
"فيا عجبًا حتى كليب تسبني" لا تخلو من أن تكون عاطفة أو جارة أو ابتدائية، فلا يجوز أن تكون عاطفة، ألا ترى لا يحسن: عجبًا وزيد منطلق، لأنك لا تشرك زيدًا في النداء، ولا تدخله أيضًا في الحديث الأول، لأنه ليس من
شكله، ومخالف له في جنسه، لأن النداء ليس بخبر وقد روعي في باب عطف الجمل من التشاكل والتشابه ما لا خفاء به، فإذا لم يكن من شكله لم ينعطف عليه، وإذا لم ينعطف عليه كان كأنه قال مبتدئًا: وزيد منطلق، وهذا غير سائغ، ويدلك على أنها ليست العاطفة دخول حرف العطف عليها في قوله:
وحتَّى الجياد ما يقدن بأرسان
وحرف العطف لا يدخل على مثله، فإذا كان كذلك علمت أنها بمنزلة قوله:(وأما ثمود فهديناهم)[فصلت/17] في أن حرف العطف دخل على حرف يصرف الكلام إلى ابتداء، فإن قلت: لم لا يجوز أن تكون الجارة، وتكون الجملة في موضع جر؟ قلنا: ذلك خطأ من غير وجه، ألا ترى أن الجمل إنما يحكم لها بمواضع من الإعراب إذا وقعت في مواضع المفردة صفات لها أو أخبارًا أو أحوالًا؟ وليس هذا من مواضع المفردة، ألا ترى أن حتى الجارة لم تضف إلى مضمر نحو: حتاك وحتاه، حيث لم تتمكن تمكن إلى؟ كما لم تضف الكاف إلى المضمر، نحو: كك ،كي؟ فإذا لم تضف إلى المضمر الذي هو اسم ولم يتعد عملها الأسماء المظهرة كانت من أن تعمل في الجمل أبعد، لأن الاتساع في إقامة الجملة مقام المفرد أشد منه في إقامة المضمر مقام المظهر، إلا ترى أن عامة المواضع يقوم المضمر فيها مقام المظهر، ولا تقوم الجمل فيها جمع مقام المفرد، بل في مواضع أقل من ذلك؟ مع هذا فإنك لو حكمت في موضع الجملة بالجر لمكان حتى للزمك تعليق حرف الجر، وحروف الجر لا تعلق، ألا ترى أنك لا تجد حرفًا من حروف الجر في موضع داخلًا على جملة كائنة في موضع جر.
وقال أبو عثمان: فإن قلت: إني أجد معنى حتى في هذه المواضع: أن
ما بعدها مما قبلها ومتعلق به، فهلا دل اجتماعهها في المعنى على أنهما حرف وحد؛ قيل: ليس اجتماع الحرفين في معنى واحد مما يوجب أن يكون أحدهما الآخر، بل لا ينكر أن يجتمع حرفان في معنى نحو: بل ولكن، ألا ترى أنك تستدرك بهما جميعًا، بل وأم المنقطعة، ألا ترى أنك تضرب بهما جميعًا، ونحو: لا ولن، فإنك تنفي بهما جميعًا، ونحو: هل وهمزة الاستفهام، فإذا كان كذلك؛ علمت أن الحكم بأن الجملة بعد مجرورة من فاحش الخطأ، وما تدفعه الأصول، ولا يوجه عليه شاهد، فاعرف خطأه، على أنه لو كانت الجملة التي تقع بعد حتى في موضع جر لوجب أن لا تقع الأفعال المرتفعة بعدها، بل كان بضمر بعدها "أن" فينصب الفعل بها، ويكون أن مع الفعل في موضع جر، فوقوع الفعل المرفوع بعدها إذا أريد به الحال، واشتهار ذلك وكثرته، مما يدلك ويبصرك فساد هذا القول، انتهى كلام أبي علي، بحذف ما يستغنى عنه من النظائر.
والبيت من قصيدة للفرزدق هجا بها جريرًا، وهي من النقائض، وأولها:
منّا الذي اختير الرجال سماحة
…
وخيرًا إذا هبَّ الرِّياح الزعازع
ومنّا الذي أعطى الرسول عطيّة
…
أسارى تميم والعيون دوامع
ومنّا خطيب لا يعاب وحامل
…
أغرُّ إذا التفَّت عليه المجامع
ومنّا الذي أحيا الوئيد وغالب
…
وعمرو ومنا حاجب والأقارع
ثم قال بعد أبيات مثلها:
أولئك آبائي فجئني بمثلهم
…
إذا جمعتنا يا جرير المجامع
بهم أعتلي ما حمَّلتني مجاشع
…
وأصرع أقراني الذين أصارع
فيا عجبًا حتى كليب تسبَّني
…
البيت
إذا قيل أي النّاس شرٌّ قبيلة
…
أشارت كليب بالأكفِّ الأصابع
والمطالع قد شرحناه في الشاهد الثامن بعد السبعمائة من شواهد الرضي، وقوله: ومنا الذي أعطى الرسول
…
إلى آخره؛ هذا يوم بني عمرو بن جندب بن العنبر حين رد رسول الله صلى الله عليه وسلم سبيهم، وقال عبيدة: كلمَّ الأقرع رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحاب الحجرات وهم بنو عمرو بن جندب بن العنبر بن عمرو ابن تميم، فرد سبيهم، وحمل الأقوع الدماء.
ومنا خطيب لا يعاب
…
الخ، الخطيب: عطارد بن حاجب بن زرارة حين وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم في وفد بني تميم، والحامل: عبد الله بن حكيم من بني حوي ابن سفيان الذي حمل الحمالات يوم المربد يوم قتل مسعود بن عمرو العتكي، وقوله: ومنا الذي أحيا الوئيد
…
الخ، الذي أحيا الوئيد: جد الفرزدق صعصعة بن ناجية، وقد أحيا ثلاثمائة موؤودة إلا أربعًا، وقوله: فيا عجبًا حتى كليب
…
الخ، قال الخفاف في "شرح الجمل الزجاجية": شاهده رفع ما بعد حتى بالابتداء والخبر، فحتى: حرف ابتداء، وهي هنا للتحقير، والمعنى: كل الناس يسبني حتى كليب على حقارتها، ولو خفض كليبًا على المعنى لجاز، ومعناها كمعنى الجارة، ونصب عجبًا على المصدر، وتقديره، يا هؤلاء اعجبوا عجبًا، ويمكن أن يكون منادى منكورًا فيه معنى التعجب الذي يدل في الاستغاثة، كأنه قال: يا عجبًا تعال فهذا وقتك لأجل سب كليب إباي على حقارتها، كأنها ترجع إلى نهشل أو مجاشع،