الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والآسي: بوزن القاضي: المعالج والجرّاح، وقوله: ويعيا: من عيي بالأمر، من باب تعب، أي: عجز عنه ولم يهتد لوجهه، وفيه إشارة إلي إصابة المقتل واليأس من علاجها. والراية: علم الجيش، والضراب: مصدر ضاربه بالسيف وغيره، وعطف أعمّلوا علي رافعوا، ورفعها وإعلاؤها تأكيد للضراب، والذود: الطرد والمنع، والسامر: اسم جمع للسمار، وهم الذين يتحدثون بالليل في ضوء القمر، والملحاء، بفتح الميم والحاء المهملة: موضع يدفع فيه وادي ذي الحليفة، كذا في "معجم ما استعجم" للبكري. وهذا الصراع هو معني قوله: رفعوا راية الشراب وأعلوا. والصبر: حبس النفس علي المكروه، وقوله: ليس من مات .. الخ، يأتي شرحه إن شاء الله مع الذي بعده في الباب الرابع.
وعدي ابن الرعلاء: شاعر جاهلي، والرعلاء: اسم أمه اشتهر بها، وهي بفتح الراء وسكون العين المهملين بعدها لام فألف ممدودة، كذا ضبطه العسكري في كتاب "التصحيف". وقد أوردنا أكثر مما هما في الشاهد التاسع والتسعين بعد السبعمائة في شواهد الرضي.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرابع عشر بعد المائتين:
(214)
ربَّما الجامل المؤبّل فيهم
وتمامه:
وعناجيج بينهنَّ المهار
علي أن ربّ هنا مكفوفة عن عملها بما الكافة المهيئة لدخول ربَّ علي الجملة الاسمية، فإن الجامل مبتدأ، وفيهم الخبر، وهذا مذهب المبرد، وتبعه ابن مالك، قال في "التسهيل": وإن ولي ربَّما اسم مرفوع فهو مبتدأ بعده خبره، لا خبر مبتدأ محذوف، وما نكره موصوفة، خلافاً لأبي علي. قال ناظر الجيش: اعلم أن المغاربة كالمطبقين علي أن ربَّما لا يليها الجمل الاسمية عند الجمهور، وهو مذهب سيوبه، قال ابن هشام: وهي عند سيبويه حرف يدخل علي الفعل ويختص به، ولا يدخل علي الجملة الابتدائية، ولهذا لما ذكر الحروف التي لا يليها إلا الفعل، وذكر "قد وسوف" قال: ومن تلك الحروف: "ربَّما، وقلماً" جعلوا ربَّ مع "ما" بمنزلة كلمة واحدة، وهيَّؤوها ليذكروا بعدها الفعل، لأنهم لم يكم لهم سبيل إلي "ربَّ" بقول ولا إلي "قل" بقول، فألحقوها "ما" وأخلصوها للفعل. والذي ذكره المصنف عن الفارسي في قوله: ربَّما الجامل المؤبل فيهم، هو الذي ذكره المغاربة فيه، قال ابن عصفور بعد إنشاده هذا البيت علي رواية من رواه بخفض الجامل المؤبل: والرواية الصحيحة: الجامل، بالرفع، علي أن تكون "ما" في موضع اسم نكرة مخفوض بربّ، والجامل: خبر مبتدأ مضمر، والجملة في موضع الصفة، كأنه قال: ربّ شيئ هو الجامل المؤبل، ومن ثم قال الشيخ – يعني أبا حيان -: هذا الذي قاله عن الفارسي هو مذهب الجمهور، وابن عصفور خرج البيت تخريج أبي علي، وهو الصحيح، إذ لو كان الصحيح ما اختاره المصنف لسمع من كلامهم: ربما زيد قائم، بتصريح المبتدأ والخبر، ولم يسمع ذلك فيما أعلم، فوجب تخريج البيت علي ما خرجه الفارسي، وابن عصفور قال: ومثل قوله: ربما الجامل، قول الآخر:
طالعات ببطن نفرة بدن
…
ربَّما طاعن بها ومقيم
وقال الآخر:
أمَّ الصَّبييَّن ما يدريك أن ربما
…
عنظاء قتلَّتها شمّاء قرواح
قال: ويتأول هذان البيتان تأويل ربما الجامل. والعنظاء: الهضبة، وشماء مرتفعة، وقراوح: جرداء. انتهي.
وقال ابو حيّان بعدما نقله عن ناظر الجيش: ومذهب سيبوية أنها إذا مقّت بـ " " فلا يليها إلا الفعل، وظاهر كلامه جواز دخولها علي المستقبل، وقاله كثير من النحويين، وزعم جماعة: أن ربما لا تكون إلا للماضي كقوله: ربما أوفيت في علم .. البيت، ثم قال أبو حيان: وتلخص من كلام شيوخنا أن ربَّ إذا كفَّت بما، فلا يليها الجملة الاسمية، بل الفعلية المصدرة بماض أو مضارع في معني الماضي. انتهي.
وأما جر الجامل في البيت، فقد قال ابن عصفور: ولا تدخل ربَّ علي معرفة محضة أصلاً، قال: وزعم بعضهم أنها تجر الاسم المعروف باللام، فتقول: ربَّ الرجل لقيت، وأنشدوا قول الشاعر: ربما الجامل المؤبل فيهم .. ، قال: والرواية الصحيحة: الجامل بالرفع، وزاد الخفاف: فإن صحت الرواية بخفض الجامل، كان الجامل مخفوضاً بربّ علي تقدير زيادة الألف واللام، كأنه قال: ربَّما جامل، فيكون مثل قولهم: إني لأمرَّ بالرجل مثلك فأكرمه. انتهي.
والبيت من قصيدة لأبي داود الإيادي، ذكر فيها منازلهم التي كانوا ينزلون بها من العراق، وهذا مطلعها:
أوحشت من سروب قومي تعار
…
فأروم فشابة فالسِّتار
بعد ما كان سرب قومي حيناً
…
لهم النَّخل كلُّها والبحار
فإلي الدُّور فالمرورات منهم
…
فحفير فناعم فالدِّيار
فقد أمست ديارهم بطن فلجٍ
…
ومصير لصيفهم تعشار
ربَّما الجامل المؤبَّل فيهم
…
وعناجيح بينهنَّ المهار
ورجال من الأقارب بانوا
…
من حذاقٍ هم الرُّؤوس الخيار
لا مهاذير في النَّديَّ ولا ينفك
…
فيهم من المخافة جار
وجواد جمُّ النَّدي وضروب
…
برقاق الظبُّاة فيها صعار
ذاك دهر مضى فهل لدهور
…
كنَّ في سالف الزَّمان انكرار
قوله: أوحشت من سروب .. الخ، ـوحشت: أقفرت، وسروب جمع سرب بفتح فسكون: الماشية، وهو المال السارح من إبل وخيل وغنم وغيرها، وتعار بكسر المثناة الفوقية، وكذا تعشار، وأروم بفتح الهمزة، وشابة بالشين المعجمة والموحدة، والستار بكسر السين المهملة: كلها مواضع.
وقوله: بعد ما كان سري قومي، قال ابن السكيت في شرحه: السرب بالكسر: جماعة القوم، وبالفتح: المال الذي يرعي، قال: والبحار: الريف، قال الأصمعي: وكذلك البحور.
وقوله: فإلي الدور: معطوف علي الستار، وإلي الدور موضع، قال شارحه: الدور: جوب تنجاب في الرمل، والمرورات بفتح الميم والراء: موضع، وكذا حقير بفتح المعملة وكسر الفاء، أو هو حفير زياد في أقصي حدود البصرة، وكذا ناعم الديار موضعان، ولج بفتح الفاء وسكون اللام وآخره جيم، وقوله: ومصير لصيفهم تعشار، قال شارحه: أي يحضرون في الصيف تعشار.
وقوله: ربما الجامل .. الخ، ربّ هنا للتكثيرـ وجوابها محذوف تقديره: رأيت، قال شارحه: الجامل: الجماعة من الإبل لا واحد لها من لفظها، ويقال: إبل مؤبل إذا كانت للقنية، العناجيج: الخيل الطوال الأعناق، واحدها عنجوج. انتهي. فالجامل: اسم جمع الجمل، كالباقر اسم جمع البقرة، قال الجوهري: الجامل: القطيع من الإبل مع رعاته وأربابه، وهذا هو المناسب هنا، وزاد في "القاموس": والحي العظيم، وهذا مناسب أيضاً، والمؤبل: اسم مفعول من آبل الرجل تأبيلاً، أي: اتخذ الإبل واقتناها، وفي "القاموس": وتأبل إبلاً: اتخذها، وأبل كضرب: كثرت إبله كأبّل، وقال ابم السكيت: يقال: إبل مؤبلة: إذا كانت للقنية، والمهار بكسر الميم: جمع مهر بضمها، وهو ولد الفرس، والأنثي مهرة.
وقوله: ورجال من الأقارب بانوا، بالنون، أي: ابعدوا بالموت بدليل قوله في قصيدة أخري:
لا أعدُّ الإقتار عدماً ولكن
…
فقد من قد رزئته الإعدام
من رجالٍ من الأقارب بادوا
…
من حذاقٍ هم الرؤوس العظام
فيهم للملاينين أناة
…
وعرام إذا يراد عرام