الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخذه الحطيئة، فقال:
قوم إذا عقد وأعقداً لجارهم
…
شدُّوا العناج وشدُّوا فوقه الكربا
إلى هنا كلام ابن قتيبة.
حرف الجيم
جير
أنشد فيه، وهو الإنشاد السادس والسبعون بعد المائة:
(176)
وقلن ألا البرديُّ أوَّل مشرب
…
أجل جير إن كانت رواء أسافله
على أن جير فيه مؤكدة لأجل. قال المرادي في "الجنى الداني" جير بكسر الراء وفتحها، والكسر أشهر: فيها خلاف؛ منهم من قال: إنها حرف جواب بمعنى نعم، ومنهم من قال: إنها اسم بمعنى حقاً.
قال ابن مالك: جير: حرف بمعنى نعم، لا اسم بمعنى حقاً لأن كل موضع وقعت فيه جير يصلح أن يقع فيه نعم، وليس كل موضع وقعت فيه نعم يصلح أن
يقع فيه حقاً فإلحاقها بنعم أولى، وأيضاً فإن لها سبهاً بنعم لفظاً واستعمالاً، ولذلك بنيت، ولو وافقت حقاً في الأسمية لأعربت، ولجاز أن تصحبها اللام، كما أن حقاً كذلك، ولو لم تكن بمعنى نعم لم يعطف عليها في قول الشاعر:
أبي كرماً لا آلفاً جير أو نعم
…
بأحسن إيفاء وأنجز موعد
ولم يؤكد نعم بها في قول طفيل الغنوي: وقلن ألا البردي أول مشرب
…
البيت، ولا قوبل بها في قول الراجز:
إذا تقول لا ابنة العجير
…
الخ.
فهذا تقابل ظاهر. انتهى.
والقائل باسميتها هو السرافي، وصاحب "الصحاح" وابن بري، قال الجزولي في "مقدَّمته": الجوهري: هي قسم للعرب ومعناها حقاً، قال شارحها، علم الدين الأندلسي: تقول: جير لأفعلن، بمعنى حقاً لأفعلن. قال الجوهري: هي يمين للعرب، ومعناها: أعترف وأقرُّ، كما أن معنى هيهات بعد، بنيت على الكسر على أصل التقاء الساكنين، ولم يعبأ بطلب الخفة فيها، كما في أين وكيف لأجل قلة الاستعمال، وقال السيرافي: يجوز أن تكون كسرت لأنه يحلف بها، فتقع موقع الاسم المحلوف به، فبني على الكسر للدلالة على أنه مبني غير معرب، لئلا يلتبس بيمين الله، وقد جاء فيه الفتح. قال الزمخشري: إنما وقع جير في القسم، لأن القسم والتحقيق من باب واحد، هي أخت أجل في أنها لجواب الإيجاب، ولا يجاب بها إلا بعد الاستفهام، وقد جمع بينهما الشاعر في قوله:
وقلن على الفردوس أوَّل مشرب
…
أجل جير إن كانت أبيحت دعاثره
انتهى. وبقي قول رابع لم يذكره المصنف، وهو أنها اسم فعل، وهو مذهب أبي علي نقله ياقوت في "معجم الأدباء" عنه في ترجمته في ضمن حكاية حكاها وهي: قال الأستاذ أبو العلاء الحسين بن محمد بن سهلويه في كتابه الذي سماه "أجناس الجواهر": كنت بمدينة السلام أختلف إلى أبي علي الفارسي، وكان السلطان رسم له أن ينتصب لي كل أسبوع يومين لتصحيح كتاب "التذكرة" لخزانة كافي الكفاة، فكنا إذا قرأنا أوراقاً منه تجارينا في فنون الآداب، واجتنينا من فوائد ثمار الألباب. فأجرى يوماً بعض الحاضرين ذكر الأصمعي، وأسرف في الثناء عليه، وفضله على أعيان العلماء، فرأيته كالمنكر، وكان فيما ذكر من محاسنه أن قال: من ذا الذي يجسر أن يخطئ الفحول من الشعراء غيره؟ ! فقال أبو علي: وما الذي رد عليهم؟ فقال الرجل قد: أنكر على ذي الرّمة مع إحاطته بلغات العرب، فقال أبو علي: وما الذي أنكر عليه؟ فقال قوله:
وقفنا فقلنا إيه عن أمِّ سالم
لأنه كان يجب أن ينونه، فقال: أما هذا فالأصمعي مخطئ فيه، وذو الرّمة مصيب، والعجب أن ابن السكيت قد وقع عليه هذا السهو في بعض ما أنشده! فقلت: إن رأى الشيخ أن يصدع لنا بجلية هذا الخطأ تفضل به، فأملى علينا: أنشد ابن السكيت [لأعرابي من بني أسد]:
وقائلة أسيت فقلت جير البيت
…
قال ابن السيت: قوله جير، أي حقاً، وهي مخفوضة غير منوّنة، فاحتاج إلى التنوين. قال أبو علي: هذا سهو منه، لأن هذا يجري مجرى الأصوات، وباب الأصوات كلها، والمبنيات بأسرها [لا ينون]، إلا ما خص منها بعلة الفرقان فيها من نكرتها ومعرفتها؛ التنوين، فما كان منها معرفة جاء بغير تنوين، فإذا نكّرته قلت: صه ومه، تريد سكوتاً، وكذلك قول الغراب: غاق، أي: الصوت المعروف من صوته، وقال الغراب: غاق، أي: صوتاً، وكذلك: إيه يا رجل، تريد الحديث، وإيه تريد حديثاً، وزعم الأصمعي أن ذا الرّمة أخطأ في قوله:"وقفنا فقلنا إيه يا أم سالم" وكان يجب أن ينوّنه، وهذا من أوابد الأصمعي التي يقدم عليها من غير علم، فقوله:"جير" بغير تنوين في موضع قوله: فقلت الحق، وتجعله نكرة في موضع آخر فتنوّنه، فيكون معناه: قلت حقاً، ولا مدخل للضرورة في ذلك، إنما التنوين للمعنى المذكور، وبالله التوفيق. انتهى.
وقال عبد القاهر في "شرح الإيضاح": ومن الأسماء المبنية على الكسر:
جير، ومعناه: اعترف وأقر، كما أن معنى هيهات: بعد، وبني على الكسر على أصل التقاء الساكنين. انتهى.
ونقل أبو حيان في "تذكرته" عن شيخه أنه اسم فعل، قال فيها: جير: اسم فعل واقع موقع المضارع، وقال شيخنا: بمعنى أعترف، وقال أبو صدقة الأعرابي: إذا حدثك محدث فقل له: جير، أي: صدقت، وبناؤه على الكسر، ولا يفتح إذا كان اسم فعل، وتنوينه يدل على اسميته، فإذا نون كان معناه أعترف اعترافاً، وإذا لم ينون كان معناه: أعترف الاعتراف، كحال "أف" إذا نون كان المعنى: أتضجر تضجراً، وإذا لم ينون كان معناه: أتضجر التضجر. انتهى كلامه. وقد حكى ابن أبي الربيع هذه المذاهب الأربعة في جير في كتابه "الملخص".
والبيت من قصيدة عدتها ستة عشر بيتاً لطفيل الخيل، وهي هذه:
صحا قلبه وأقصر اليوم باطله
…
وأنكره ممّا استفاد حلائله
أي: قلب العاشق، وأقصر: زال، وأصله: أقصر فلان عن الباطل: إذا أمسك عنه مع القدرة عليه، وحلائله: فاعل أنكره، جمع حليلة، وهي الزوجة، ومما استفاد، أي: استحدث من الشيب، وروي أيضاً:"وأنكر شيب الرأس منه حلائله".
يرين ويعرفن القوام وشيمتي
…
وأنكرن ريع الرأس والشيب شامله
القوم: القامة، والشيمة: الخلق، وريع الرأس، يعني: ريع الشيب، وهو أوله، وكذلك ريعان كل شيء: أوله.
وكنت كما يعلمن والدهر صالح
…
كصدر اليماني أخلصته صياقله
يريد كما يعلمن من شبابي، وأخلصته: جلته حتى خلص من الصدأ
فأصبحت قد عنَّفت بالجهل أهله
…
وعرّي أفراس الصبّا ورواحله
قال ابن السكيت في شرحه: عنفت، أي: قلت للجاهل قبح الله رأيك، وقوله: وعري أفراس
…
الخ؛ مثل، أي: عريت المراكب التي كنت أركبها.
قليلاً عتابي من أتى متعمِّداً
…
مسائيستي أو خالفتني شمائله
يقول: قلَّ عتابي لمن تعمدني بسوء أو خالفني طبعه، ويقال: سؤته مساءة ومسائية وسوائية؛ وزن الأخيرين كعلانية
سوى أنَّني قد لا أقول لمدبر
…
إذا اختار صرم الحبل هل أنت واصله
يقول: عزائي لا أقول لمن أدبر عني واختار الهجر: هل تصلني؟
تبصَّر خليلي هل ترى من ظعائن
…
تحمَّلن أمثال النِّعاج عقائله
الظعينة: المرأة إذا كانت في الهودج، وتحملن: ارتحلن، والعقيلة: الكريمة النخدرة، ومن كل شيء: أكرمه وأجوده، والنعجة هنا: البقرة الوحشية، يشبه بها النساء من جهة العين، وعقائله: مبتدأ، وأمثال: خبره، ويجوز العكس إذا قصد المبالغة.
ظعائن أبرقن الخريف وشمنه
…
وخفن الهمام أن تقاد قنابله
قال ابن السكيت: أبرقن: رأين برق الخريف، ولا يرى برق الخريف إلا والنجم يطلع في أول الليل، وخفن الهمام؛ يقول: دخلت شهور الحرم، فخفن أن يغير عليهن، فتنكبن ناحيته وتباعدن عنه، والشيم: النظر إلى موضع الغيث. انتهى. والقنبلة كقنفذة: طائفة من الخيل ما بين الثلاثين إلى الأربعين ونحوه.
على إثر حيّ لا يرى النجم طالعاً
…
من اللّيل إلاّ وهو باد منازله
قال ابن السكيت: يقول: إذا رأى النجم من أول الليل، وذلك في الشتاء،
رحل عن الماء ولم يحضر، ولم ينزل إلا بالقفر، والنجم: الثريا، يقول: هذا الحي لا يرى النجم طالعاً بسدفة إلا رحل إلى مكان آخر يبتغي النجعة، فكأنه أبداً في قفر، لا يقيمون للمياه، هم أبداً سيارة. وهذا مثل قول جرير:
يتبعن مقترباً للبرق ظعَّانا
ومثله قول امرئ القيس:
تشيم السَّحاب الغرَّ أين مصابه
يقول: إذا وقعت سحابة قلنا: صبت بأرض كذا.
شربن بعكّاش الهبابيد شربة
…
وكان لها الأحفى خليطاً تزايله
قال ابن السكيت: عكاش الهبابيد: ماء، والهبابيد: ماء، فجمعه بما حوله. والأحفى: بلد، أي: زايلته كما تزايل الخليط، وفي "القاموس": عكاش كرمان: جبل يناوح طمية، ومن خرافاتهم: عكاش: زوج طمية. انتهى. ويناوح: يقابل، وهما جبلان بالبادية وقال أيضاً في (هبد): كتنور: ماء بلا موضع، ووهم الجوهري، وقد يقال له: الهبابيد. انتهى. والأحفى: بالحاء المهملة وبالفاء.
فلما بدا دمج وأعرض دونه
…
غوارب من رمل تلوح شواكله
قال ابن السكيت: دمخ، بالخاء المعجمة: جبل، وغواربه: أعاليه، وشواكله: نواحيه.
وقلن ألا البرديُّ أوّل مشرب
…
أجل جير إن كانت رواءً أسافله
معطوف على مدخول "لما" قال ابن السكيت: البردي: يعني غديراً ينبت البردي، وجير: في معنى أجل وحقاً. انتهى وألا للاستفتاح والتنبيه، كذا قال من تكلم على هذا البيت، وعندي أن الهمزة للاستفهام عن النفي، والتقدير: أليس البردي أول مشرب؟ فقيل لهن: نعم إن كان سقي بالمطر. قال أبو عبيد البكري في "معجم ما استعجم": البردي: غدير لبني كلاب، وأنشد هذا البيت، ولم يذكرها ياقوت في "معجم البلدان" وليست مذكورة بهذا المعنى في "الصحاح، والتهذيب، والجمهرة، والعباب، والقاموس" والبردي: مبتدأ، وأول مشرب: خبره، والجملة مقول القول، وقوله: أجل جير .. الخ، مقول لقول محذوف، أي: فقيل لهن: أجل، والمشرب: موضع الشرب. وقال ابن الملا: هو مصدر ميمي، ورواء بالكسر: جمع ريان، وريّا، كعطاش جمع عطشان وعطشى. وأسافل: جمع أسفل، وهو المكان المنخفض. يريد: إن اجتمع الماء في مواضعه المنخفضة حتى صار غديراً، فالبردي أول مشرب، وإلا فلا؛ فجواب الشرط محذوف يدل عليه ما قبله.
ووقع في نسخة الدماميني مصراع الشاهد كذا: "أجل جير إن كانت أبيحت دعاثره" وقال: صدره:
وقلن على الفردوس أوّل مشرب
وهو من قصيدة لمضرِّس بن ربعي الأسدي، وبه استشهد الزمخشري في "المفصل" والرضي في "شرح الكافية". قال ابن المستوفي في "شرح أبيات
المفصل": يعني: قال النساء: إن ارتحلنا عن هذا الماء فإن أول مشرب نرده الفردوس قال الجوهري: والفردوس: اسم روضة دون اليمامة، والهاء في "دعاثره" يجوز أن تعود على الفردوس، وعلى المشرب. وأول مشرب: مبتدأ، وعلى الفردوس: خبره، والدعاثير: الحياض المتهدمة، جمع دعثور، وكان يجب أن يقول: دعاثيره، لكنه اضطر فحذف الياء. ثم أجبن بـ"أجل" أي: نعم إن كانت دعاثره مباحة غير ممنوعة.
ويكون في "جير" وجهان، أحدهما: بدل من "أجل" بدل الشيء من الشيء، والآخر: أن يكون بمعنى حقاً، أي: نعم، أحق ذلك حقاً إن أبيحث دعاثره. انتهى. أقول: الإبدال خاص بالأسماء، وهذا إنما هو تأكيد حرف بحرف، وقوله: بمعنى حقاً: هو خلاف قول من ذهب إلى اسميته، فإنه معناه عنده: الحق، لأنه غير منون، وقال ياقوت في "معجم البلدان": قال أبو عبيد السكوني: الفردوس: ماء لبني تميم عن يمين الحاج من الكوفة، وفردوس بلالام: روضة دون اليمامة، وفردوس الإياد: في بلادي نبي يربوع. انتهى. قال ابن المستوفي: ووجدته يروى: "أن كانت" بفتح الهمزة، ويكون في موضع المفعول له، وكسر إن أولى، أي: إن أول مشرب على الفردوس كما ذكرتن، ما لم تمنع دعاثره، وهذا من تسمية الشيء بما يؤول إليه. وجواب الشرط محذوف، أي: إن كانت أبيحت دعاثره فانزلن به، ودعاثره مع إن الشرطية غير مباحة، لأن الشرط قد يقع وقد لا يقع، ومع أن المصدرية مباحة، والأول أولى بالمعنى، وإن لم يبعد المعنى مع الثانية. انتهى.
وهذا البيت وإن اتشهر كذا في "الصحاح" وغيره، لم أره في شعر مضرس كذا، وإنما روايى الأصمعي وغيره كذا:
وقلن ألا الفردوس أوّل محضر
…
من الحيّ إن كانت أبيرت دعاثره
فألقت عصا التّسيار فيها وخيَّمت
…
بأرجاء عذب الماء بيض حفائره
جمع حفيرة، وجعلها بيضأ، لأنها في غير أرض حمراء ولا سوداء، وهذا ليس فيه "أجل جير"، ولهذا قال الصاغاني عندما أنشد بيت طفيل شاهداً لجير ما نصه: وقد غير النحاة هذا الشاهد وجعلوه خنشى:
وقلن على الفردوس أوّل مشرب
…
أجل جير إن كانت أبيحت دعاثره
وهو مغير من شعر مضرس بن ربعي:
وقلن على الفردوس أوّل محضر
…
من الّحي إن كانت أبيرت دعاثره
انتهى. وقد أخذ كعب بن زهير الصحابي رضي الله عنه بيت طفيل وغير قافيته، فقال من قصيدة:
وقلن ألا البردي أول مش
…
نعم جير إن كانت سقته بوارقه
والبارتمة: السحابة التي برقت وسكبت ماءها. وهي قصيدة عارض بها طفيلاً، وسلك سبيله، وأولها:
نفى شعر الرأس القديم حوالقه
…
ولاح بشيب في السواد مفارقه
يقول: حلق رأسي مرور السنين، وصيرني أصلع.
وأفنى شبابي صبح يوم وليلة
…
وما الدهر إلا مسيه ومشارقه
يعني: ليس الدهر إلا صباح ومساء فيفتياه.
تبصّر خليلي هل ترى من ظعائن
…
كنخل القرى أو كالسَّفين حزائقه
شبه الظعائن بالنخل الملتف. والحزيقة، بالحاء المهملة والزاي: الجماعة.
تربَّعن روض الحزن ما بين ليَّة
…
وفيحان مستكّا لهنَّ حدائقه
تربعن: أكلن الربيع، وليه: موضع قرب جدة، ومستك: مشتبك ملتف.
فلما رأين الجزء ودَّع أهله
…
وحرَّق نيران الصَّفيح ودائقه
الجزء بالضم: أن تجتزئ بالرطب والخضر عن الماء ما أمكنها، وإذا جف البقل فلا جزء، ورجع الناس إلى مياههم ومحاضرهم، والوديقة: شدة الحر، فعند ذلك يطلب الناس المياه، ويرجعون إلى الأماكن التي منها أبدوا فحينئذ يفرق الحيوان عن المرتبع.
عز من رحيلاً وانتجعن على هوى
…
وخفن العراق أن تجيش بوائقه
جمع بائقة، وهي: الداهية والبلية، وتجيش: تغلي وتفور، وتأتي بأمر منكر.
وخبِّرن ما بين الأخاديد واللِّوى
…
سقته الغوادي والسَّواري طوارقه
خبرن: أعلمن أن هذه المواضع قد أمطرت فأعشبت، فانتجعنها، والأخاديد: أما كن يمر بها السيل فيخرقها، فيكون فيها حفراً. واللوى: ما انقطع من الرمل، والغادية: سحابة الغداة، والسارية: سحابة الليل، والطوارق: ما جاء بالليل.
فباكرن جوناً تنسج الرِّيح متنه
…
تناءم تكليم المجوس غرانقه
أي: ماء جوناً، وهو الأسود، فإن الماء إذا صفا خيل أنه أسود، وتنسج
تصفقه وتختلف عليه يميناً وشمالاً، والنئيم: صوت خفي لا يفهم، والمجوس إذا كانوا على طعام أو شراب قدّموا أفواههم، وكان كلامهم زمزمة لا يفهم. والغرنوق: طير أبيض طويل القوائم، والهاء: ضمير الجون.
إذا ما أتته الرِّيح من شطر جانب
…
إلى جانب حاز التراب مهارقه
أتته: أتت الجون، والمهرق: الطريق، والأرض المستوية، والصحيفة من الكاغد، يقول: يصير هذا التراب إلى مهارق هذا الماء، وهي الطرق التي تصل إليه، فيكون التراب فيها، ولا يصل إلى الماء منه شيء.
على كلِّ معط عطفه متزّيد
…
بفضل الزّمام أو مروح تواهقه
هذا متصل بقوله: "تبصر خليلي هل ترى من ظعائن" على كل بعير سهل متزيد في سيره، يجاذب فضل زمامه، ويمد عنقه فيستوعبه، وذلك لطول عنقه. ومروح: ناقة نشيطة، من المرح، وهو النشاط، والمواهقة: المباراة في السير.
وقلن ألا البرديّ أوّل مشرب
…
البيت ......
وقد ينبري [لي] الجهل يوماً وأنبري
…
لسرب كحرّات الهجان توافقه
السرب: جماعة النساء، والهجان: الكريم الشريف، وتوافقه: من الموافقه، وأنبري: أعترض.
ثلاث عزيزات الكلام وناشص
…
على البعل لا يخلو ولا هي عاشقه
الناشص: الناشز؛ وهي المبغضة لزوجها، وقوله: لا يخلو، أي: لا يفيق من حبها أبداً، وهي لا تحبه.
فأعجلنا قرب المحلِّ وبيننا .... حديثان مكتوم وسرٌّ نسارقه
وهذا آخر القصيدة، رواها لكعب في ديوانه أبو العباس الأحول، وقد أورد هذه القصيدة أحمد بن أبي سهل بن عاصم الحلواني في كتاب "الشعراء المنسوبين إلى أمهاتهم" لابن ملعقة، وهو سيار بن عهدة الغنوي وهو عندي بخطه، والله أعلم.
ولنرجع من هنا إلى شعر طفيل؛ وبعد البيت الشاهد:
تحاثثن واستعجلن كلَّ مواشك
…
بلؤمته لم يعد أن شقَّ بازله
هذا جواب لما، تحاثثن: تسارعن، واستعجلن: طلبن عجلته، ومواشك: مسارع. اللؤمة: بضم اللام وسكون الهمزة، قال ابن السكيت: هي متاع الإبل وما يلقى عليها من رحل ومفارش، وجملة "لم يعد": صفة لمواشك، وأن: مصدرية، أي: لم يتجاوز شق نابه، يريد أنه كامل القوة، وشق: بفتح الشين، والبازل: الناب، وإنما قال: لم يعد، لأنه إذا تجاوزه يكون ضعيف القوى لهرمه، وبزوله إنما يكون بدخوله في السنة التاسعة، وبعدها يشرع في الهرم.
فباكرن جونا للعلاجيم فوقه
…
مجالس غرقى لا يحلَّا ناحله
يعني: ماء يضرب إلى السواد، والعلجوم: الضفدع، وقوله: غرقى، يقول: هنَّ فيما شئن من الماء، كقولك: فلان في خير قد غرق فيه. ولا يحلا: لا يطرد، والناهل: العطشان، وإنما ذاك لكثرته.
إذا ما أتته الرِّيح من شطر جانب
…
إلى جانب حاز التُّراب مجاوله
قال ابن السكيت: مجاوله يريد جولانه، وقوله: حاز التراب، أي: جمعه. انتهى. وقد أخذ هذا البيت كعب كما تقدم.
قذفن بفي من ساءهنَّ بصخرة
…
وذمَّ نجيل الرُّمَّتين وناصله
قال ابن السكيت: يقول: إذا بلغِّن عن إنسان ما يكرهن قلن: بفي فلان