الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحمد بن يحيي ليزيد بن الطثرية، وفي هذه القصيدة بيتان ذكر الرباشي أنهما لجميل في قصيدته التي أولها:
ألا ياصبا نجدٍ متي هجتٍ من نجد
…
:
ألا هل من البين المفرِّق من بدِّ
…
وهل لليال قد تسلَّفن من ردَّ
وهل مثل أيّامي بنعف سويقةٍ
…
رواجع أيامٍ كما كنَّ بالسَّعد
وساق القصيدة بتمامها، وفي وسطها البيتان اللذان أشار إليهما، وهما: وقد زعموا أن المحب إذ دنا
…
البيت .. بكل تداوينا فلم يشف ما بنا .. البيت.
وقوله: إنهما من قصيدة لجميل خلاف المشهور، والثابت في الروايات التي وقفنا عليها أنهما من قصيدة لابن الدمينة، وهو شاعر إسلامي له غزل رقيق، كان الناس في الصدر الأول يغنون بشعره ويستحلونه.
قال صاحب "الأغاني": الدمينة أمه: استهوبها، وهي بنت حذيفة السلولية، وابن الدمينة عبيد الله بن عبد الله، أحد بني عامر بن تيم الله، ويتصل نسبة إلي خثعم بن أنمار بن أراش، ويكنى ابن الدمينة: أبا السري، وكان بلغه أن رجلاً من أخواله من سلول يأتي امرأته، فرصده حتى أتاها فقتله ثم قتلها، ثم اغتاله سلول بعد ذلك فقتله، وقد أورد صاحب "الأغاني" هذه الحكاية مفصلة في ترجمته.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثلاثون بعد المائتين:
غدت من عليه بعد ما تَّم ظمؤها
تمامه:
تصلُّ وعن قيضٍ ببيداء مجهل
على أن "على" فيه اسم بمعنى فوق، لدخول الجر عليها، وذكر سيبوية معناها حقيقة ومجازاً، ثم قال: فقد يتسع هذا في الكلام ويجئ كالمثل، وهو اسم، ولا يكون إلا ظرفاً، ويدلك على أنه اسم قول بعض تاعرب: نهض من عليه، وقال الشاعر: غدت من عليه .. البيت، قال الأعلم: الشاهد دخول من على "على" لأنها اسم في تأويل فوق، كأنه قال: غدت من فوقه، وقال الخفاف في "شرح الجمل": وقال أبو عبيدة: المعنى: غدت من عندهـ لأنها بعد خروج الفرخ من البيضة انتقلت الفوقية إلى العندية، فصارت عنده لا عليه، قال الأستاذ ابن خروف: بل الفوقية ثابتة ما دام صفة الفرخ، وإن لم يكن، والفوقية بجناحها. انتهي. وصريح كلام سيبوية أن اسميتها بدخول من عليها مختص بالشعر، وهو ظاهر كلام غيره أيضاً، وزعم ابن عصفور في كتاب "الضرائر" أن "على" في هذا البيت وفي أبيات أخر أنشدها، استعملت اسماً للضرورة إجراء لها مجرى ما هي في معناه وهو فوق، ومذهب سيبوية يرد قولين؛ أحدهما للفراء ومن تبعه من الكوفين، وهو أن: عن وعلي إذا دخل عليهما "من" باقيان على حرفيتهما لم ينتقلا إلى الاسمية، وزعموا أن من تدخل على حروف الجر كلها سوى مذ واللام والباء وفي. وثانيهما لجماعة من البصريين، وهم ابن الطراوة وابن طاهر وابن خروف وأبو علي الرندي، والأستاذ أبو على في
أحد قوليه، زعموا أن "على" اسم دائمًا، ولا تكون حرفًا، قال أبو حيان: ومن قال باسميتها دائمًا يقول: إنها معربة، ومن جوَّز أنها تنتقل إلى الاسمية اختلفوا، فقال بعض أشياخنا: هي معربة إذ ذاك، وقال أبو القاسم بن القاسم: هي مبنية، وألفها كألف هذا، فهي كعن وكاف التشبيه ومذ ومنذ إذا كنُّ أسماء. انتهى. وإلى هذا ذهب صاحب "الكشاف" وتبعه الرضي، قال: فإن قلت: فلم جاز في حاشا لله أن لا ينون بعد إجرائه مجرى براءة لله؟ قلت مراعاة لأصله الذي هو الحرفية؛ ألا ترى إلى قولهم: جلست من عن يمينه، تركوا عن غير معرب على أصله، وعلى في قوله: غدت من عليه. انتهى.
والبيت من قصيدة لمزاحم العقيلي عدتها أربعة وثمانون بيتاً مذكورة في "منتهى الطلب من أشعار العرب" وقبله:
قطعت بشوشاةٍ كأنّ قتودها
…
على خاضب يعلو الأماعز مجفل
أذلك أم كدلايَّة ظلَّ فرخها
…
لقى بشر ورى كاليتيم المعيَّل
غدت من عليه بعد ما تمَّ ظمؤها
…
البيت.
غدوّا طوى يومين عند انطلاقها
…
كميلين من سير القطا غير مؤتل
الشوشاة، بفتح الشين المعجمة: الناقة الخفيفة، والقتود بضم القاف والمثناة الفوقية: جمع قتد، بفتحتين، وهو خشب الرحل، والخاضب، بمعجمتين، هو ذكر النعام الذي الربيع فاحمرّ ساقاه، والأماعز: جمع أمعز، بالعين المهملة والزاي، وهي الأرض الكثيرة الحصباء، ومجفل: اسم فاعل من أجفل بمعنى نفر. وقوله: أذلك أم كدرية؟ الإشارة إلى الخاضب، والكدرية بالضم:
القطاة الغبراء اللون، وذلك: خبر مبتدأ محذوف تقديره: أتلك الشوشاة ذلك الخاضب أم كدرية؟ شبه ناقته في الخفة والسرعة بأحدهما على طريق تجاهل العارف. وجملة: ظل فرخها لقى .. الخ: صفة لكدرية، واللقى، بفتح اللام والقاف: الملقى والمطروح، وشرورى: جبل بين مكة والكوفة، والمعيَّل، بصيغة اسم المفعول: الفقير، وقيل: المهمل، شبه فرخها في إنفراده وسوء حاله باليتيم، قال اأصمعي: إنما قال: لقى بشرورى، لأن القضاة لا تبيض إلا بالأرض في مفاحص ونقر، ولا تعشش في الشجر. وقوله: غدت من عليه
…
الخ، قال أبو حاتم للأصمعي: كيف قال: غدت، والقطاة إنما تذهب إلى الماء ليلاً؟ فقال: لم يرد الغدو، وإنما هذا مثل للتعجيل، والعرب تقول: بكر إلى العشية ولا بكور هناك. وفاعل غدت ضمير الكدرية، يريد أنها أقامت مع فرخها حتى احتاجت إلى ورود الماء، وعطشت فذهبت تطلب الماء عند تمام ظمئها، والظمء بالكسر مهموز الآخر: مدة صبرها عن الماء، وأراد بذكر الفرخ سرعة طيرانها لتعود إليه مسرعة، لأنها كانت تحضنه. وقوله: تصلّ، أي: تصوت؛ جملة حالية، وإنما يصوت حشاها من يبس العطش، فنقل الفعل إليها، وقيل: تصوت في طيرانها، وهو اسمية عن، وإن كان معطوفاً على "من عليه" فعن حرف، والقيض، بفتح القاف: قشر البيضة الأعلى، وإنما أراد قشر البيضة التي خرج منها فرخها، وقوله: ببيداء، البيداء: المفازة، وروي، بزيزاء، بزاءين معجمتين بكسر الأولى وفتحها، وهو: ما غلظ من الأرض التي لا شجر فيها، ومجهل بفتح الميم والهاء: أرض لا يهتدى فيها، ومؤتل: مقصر. ومن هنا إلى آخر القصيدة خمسة وعشرون بيتاً كلها في وصف القطا، وقد شرحنا هذه الأبيات