الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نحو الصيد: إذا سقتها، من الدرء، وهو الدفع، وقوله: فلو أن قومي
…
الخ، يقول: لو صبر قومي وطعنوا برماحهم أعداءهم لأمكنني مدحهم، ولكن فرارهم صيرني كالمشقوق اللسان، لأنني إن مدحتهم بما يفعلوا كذبت، وردّ عليَّ، يقال: أجررت لسان الفصيل: إذا شققت لسانه لئلا يرضع أمه. وترجمة عمرو ابن معدي كرب تقدّمت في الإنشاد الخامس بعد المائة.
وانشد بعده، وهو الإنشاد الخامس والعشرون بعد المائتين:
(225)
إنَّ الكريم وأبيك يعتمل
…
إن لم يجد يوماً علي من يتَّكل
علي أن ابن جني قال: الأصل: إن لم يجد من يتكل عليه، فحذف عليه، وزاد علي قبل الموصول عوضاً، قال أبو حيان في "شرح السهيل" بعدما نقله: ولا يتعين هذا التأويل لاحتمال أن يكون الكلام تم عند قوله: إن لم يجد ما يستعين به عمل بنفسه، ثم قال: علي من يتكل، ومن استفهامية، كأنه قال: علي أي شخص يتكل؟ أي: لا أحد يتكل عليه، فيحتاج أن يعتمل بنفسه لإصلاح حاله، فعلي متعلقة بـ "يتكل" انتهي. وهذا مذهب يونس، وكان المبرد ذهب إليه قديماً، وذكره في كتاب "الردَّ علي سبيوية" ثم رجع عنه، وقال ناظر الجيش: ولا يخفي أن المعنى ليس على ما قاله، إنما المعنى على الأول، والمتأمل لا يخفى عليه ذلك، ثم يقال: هب أن هذا التأويل يتم له
في البيتين، فيما يفعل في قول الآخر:
فهلَاّ التي عن بين جنبيك تدفع
…
؟
انتهي. وقال أبو علي في "المسائل العسكرية": مذهب الخليل وسيبوية وأبي عثمان في قول الراجز:
إن لم يجد يوماً على من يتَّكل
تقدير "عليه" في آخره، والمعنى عندهم: إن لم يجد يوماً على من يتكل عليه، وكان حذف هذا أحسن لجري ذكر حرف الجر، ألا ترى أنه يستجاز: بمن تمرر أمرر، فتحذف الجار من الفعل الثاني، ولو قلت: من تكرم أنزل، تريد: عليه، لم يسغ كما ساغ في الأول من حيث لم يجر ذكر الحرف كما جرىفي الأول، فأما "على" في قوله: إن لم يجد يوماً على، فزائدة في قولهم، والمعنى: إن لم يجد من يتكل عليه، تعدى الفعل بالحرف، كما تقول: ضربت لزيد، وفي التنزيل:(ردف لكم)[النمل/72] و (إن كنتم للرؤيا تعبرون)[يوسف/3] وقال تعالي: (ألم يعلم بأن الله يري)[العلق/14] و (يعلمون أنَّ الله هو الحقَّ المبين)[النور/25] فوصل الفعل مرة بالحرف ومرة بلا حرف، فكذلك: هذا وجدته، ووجدت عليه بمعنى، فأما المحذوف من الصلة فيكون علي أنه حذف الجار والمجرور، وإن شئت قلت: حذف الجار واتصل الضمير، ثم حذف، وقول البغداديين في البيت: إن لم يجد يوماً، بمنزلة يعلم، كأنه قال: إن لم يعلم على من يتكل؟ فالكلام في تأويلهم استفهام، وموضع الجملة نصب، والجار في قولهم متصل بـ "يتكل"، وهو والمجرور في موضع نصب بـ "يجد"، وقول الرياشي في هذا كقول البغداديين، إلي هنا كلام أبي علي.