الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المشهور، وعده الجمحي في الطبقة الثانية من شعراء الإسلام. وقد ترجمناه بأكثر من هذا في الشاهد الثالث والأربعين بعد المائة من شواهد الرضي.
غير
أنشد فيه، وهو الإنشاد التاسع والخمسون بعد المائتين:
(259)
لم يمنع الشُّرب منها غير أن نطقت
…
حمامةٌ في غصونٍ ذات أو قال
على أن غير بنيت على الفتح جوازًا، لإضافتها إلى مبني، مع أنها فاعل يمنع، وأراد بالمبنى هنا (أن) فإن قلت:(أن) حرف، والحرف لا يضاف إليه، قلت: قال المصنف في حواشي (الألفية) إنهم جعلوا ما يلاقي المضاف من المضاف إليه كأنه المضاف إليه، ونظيره تعليل الزمخشري البناء في (يوم لا تملك)[الانفطار/ 19] إضافة يوم إلى (لا) والحروف مبنية، مع علمنا بأن أحدًا لا يتخيل الإضافة إلى الحرف. انتهى. وجعل بعضهم المضاف إليه مجموع (أن نطقت حمامة) قال الدماميني: قال بعض الناس: كيف أضيفت غير لمبنى، مع أن هذا المضاف إليه في تقدير معرب، فلم تضف في الحقيقة إلا لمعرف؟ فقلت: المعرب إنما هو الاسم الذي يؤول به، وأما الحرف المصدري وصلته فمبنى، ألا تراهم يقولون: المجموع في موضع كذا. انتهى. وقول المصنف:
(إذا أضيفت لمبنى) أحسن من قول الرضي: (إذا أضيفت إلى أن أو أنَّ المشددة) لشموله الضمير وغيره. وقد ذهب الكوفيون إلى جواز بناء (غير) في كل موضع يحسن فيه (إلا) سواء أضيفت إلى متمكن أو غير متمكن، وقد بسط الكلام ابن الأنباري في (مسائل الخلاف) على مذهبهم، وذكر ما رد به البصريون عليهم مفصلًا، ومن أحب الاطلاع عليه فلينظره هناك.
والبيت من قصيدة لأبي قيس بن الأسلت، وقبله:
ثَّم أرعويت وقد طال الوقوف هنا
…
فيها فصرت إلى وجناه شملال
تعطيك مشيًا وإرقالًا ودأدأًة
…
إذا تسر بلت الآكمام بالآل
تردي الإكاك إذا صرَّت جنادبها
…
منها بصلبٍ وقاح البطن عمَّال
لم يمنع الشُّرب منها غير أن نطقت
…
البيت
قوله: ارعويت، أي: انزجرت ورجعت، والوجناء: الناقة الشديدة، والشملال، بالكسر: الخفيفة السريعة، وضمير (فيها) للدار، يريد أنه طال وقوفه على دار حبيبته، وليس فيها أحد. والإرقال: مصدر أرقلت الناقة: إذا أسرعت، وكذلك الدأدأة: مصدر: دأدأت، بهمزتين بمعناه، وقوله: إذا تسربلت، إذا: ظرف لتعطيك، يريد وقت اشتداد الحر في الظهيرة، لأن الإكام، وهي الجبال، إنما تتسربل بالآل، وهو السراب، عند الظهيرة. والسربال: القميص، وتسربل: لبس السربال، والآكمام: فاعل، جمع أكم بضمتين، كأعناق جمع عنق، وأكم: جمع إكام بالكسر، ككتب جمع كتاب، وإكام جمع أكم، بفتحتين، كجبال جمع جبل، وواحد الأكم أكمة. يقول: إنها نشيطة في
السير وقت الهاجرة. وقوله: تردي الإكام، من ردى الفرس، بالفتح، يردي رديًا ورديانًا: إذا رجم الأرض رجمًا بين العدو والمثني الشديد. والإكام، بالكسر: جمع أكم، بفتحتين، والأكمة: الجبل الصغير، وإذا: ظرف لتردي وصرت: صوتت، والجنادب: جمع جندب، وهو نوع من الجراد يصوت عند اشتداد الهاجرة. وقوله: بصلب، أي: بخف صلب شديد، والوقاح: هو الصلب، ومنه الوقاحة، لصلابة الوجه، يريد أن خفها ظهره وبطنه صلب. وعمال: مبالغة عامل، وهو المطبوع على العمل.
وقوله: لم يمنع الشرب منها
…
إلخ، وضمير منها للوجناء، والشرب: مفعول يمنع، وغير: فاعله بني على الفتح لما تقدم، وروي بالرفع أيضًا. ونطقت: صوتت وصدحت، عبر عنه بالنطق مجازًا، وفي: بمعنى على، وذات بالجر: صفة لغصون، لا بالرفع صفة لحمامة كما وهم ابن المستوفي، والأوقال: جمع وقل، بفتح الواو وسكون القاف، قال الدينوري في كتاب (النبات): وقال أبو عبد الله الزبير بن بكار: المقل إذا كان رطبًا لم يدرك فهو البهش، فإذا يبس فهو الوقل. والدوم: شجر المقل، وأنشد هذه الأبيات، يريد أن الناقة ما منعها من شرب إلا صوت الحمامة، فنفرت، ومراده أنها حديدة النفس، يخامرها فزع، وذعر لحدة نفسها، وذلك محمود فيها.
وأبو قيس بن الأسلت، قال صاحب (الأغاني): لم يقع إلى أسمه، والأسلت لقب، واسمه عامر بن جشم وينتهي نسبة إلى الأوس، وهو شاعر من شعراء الجاهلية وكانت الأوس قد أسندت إليه حربها يوم بعاث وجعلته رئيسها، فكفى وساد، وأسلم ابنه عقبة بن أبي قيس، واستشهد يوم القادسية. وهذا كلام (الأغاني) وقال ابن حجر في (الإصابة): أبو قيس بن الأسلت أسمه