الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأول الأبيات:
لكلِّ ضيق من الأمور سعه
مع أربعة أبيات أخر. انتهى. وقول صاحب (الحماسة البصرية): إن الأضبط هذا من شعراء الدولة الأموية غلط، والأضبط معناه في اللغة: الذي يعمل بكلتا يديه، والمرأة ضبطاء.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الخامس والخمسون بعد المائتين:
(255)
علَّ صروف الدَّهر أو دولاتها
…
يدلننا اللَّمَّة من لماَّتها
فتستريح النَّفس من زفراتها
على أنه يجوز نصب حواب لعل بعد الفاء عند الكوفيين، قال الفراء في تفسيره: وقوله تعالى: (لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع)[غافر/ 36 - 37] بالرفع، يرده على قوله:(أبلغ) ومن جعله جوابًا لعل نصبه، وقد قرأ به بعض القراء، وأنشدني بعض العرب:
علَّ صروف الدَّهر أودولاتها
…
يدلننا اللَّمَّة من لمَّاتها
فتستريح النَّفس من زفراتها
فنصب على الجواب بـ (لعل)، انتهى. وقال أيضًا في تفسير سورة عبس: وقد اجتمع القراء على (فتنفعه الذكرى)[عبس/4] بالرفع، ولو كان نصبًا على جواب الفاء لعل كان صوابًا، أنشدني بعضهم:
علَّ صروف الدَّهر أو دولاتها
…
يدلننا اللَّلَّمة من لمَّاتها
فتستريح النفس من زفراتها
…
وتنقع الغلَّة من غلَاّتها
انتهى. وفيه أن عاصمًاً قرأ (فتنفعه) بالنصب جوابًا للعل، وقول المصنف: وسيأتي البحث في ذلك؛ إشارة إلى ما قاله في المسألة الرابعة من أقسام العطف من الباب الرابع من أن نصب (فأطلع) بالعطف على (أبلغ) على توهم (أن) فإن خبر لعل يقترن بأن كثيراً، أو أنه عطف على الأسباب على حد قوله:
ولبس عباءة وتقرَّ عيني
وقوله: (عل صروف الدهر) روي بنصب صروف على أن لعل من أخوات إن، وروي بالجر على أنها حرف جر، قال الصاغاني في (العباب): في لعل لغات: عل ولعل، ويقال: أصله (عل) وإنما زيدت اللام، ومعناه التوقع لمرجو أو مخوف، وفيه طمع وإشفاق، وهو حرف يعمل عمل إن، وبعضهم يخفض بها، وسمعه أو زيد من بني عقيل، ويقال: عل ولعل، بسكون اللام، وعلك ولعلك بمعنى: لعالك، قال الفرزدق:
إذا عثرت بي قلت علَّك وانتهى
…
إلى باب أبواب الوليد كلالها
ويروى: عالك، قال الأزهري: سددت اللام في قولهم: (علك) لأنهم أرادوا: عل، لك، وكذلك [لعلك، إنما هو] لعل لك، قال الكسائي: العرب تصير لعل مكان لعًا، وتجعل لعًا مكان لعل وأنشد:
فهنَّ على أكتافها ورماحنا
…
يقلن لمن أدركن تعسًا ولا لعل
وقال في قوله:
علَّ صروف الدَّهر أودولاتها
…
يدلننا اللَّمة من لمَّاتها
معناه: عاً لصورف الدهر، فأسقط اللام من لعًا لصروف الدهر، وصيَّر نون لعًا لامًا لقرب مخرج النون من اللام، وهذا على قول من كسر صروف الدهر، ومن نصبها جعل عل بمعنى لعل فنصب، انتهى.
وصروف الدهر حوادثه ونوائبه جمع صرف، كفلس، والدولة، بالفتح والضم، قال الأزهري: هي الانتقال من حال البؤس والضر إلى حال الغبطة والسرور، وقال ابن الأثير في (النهاية): والدولة الانتقال من حال الشدة إلى الرخاء، وقوله: يدلننا، بضم الياء وكسر الدال وسكون اللام، وبعدها نون مفتوحة، هي ضمير جماعة المؤنث راجعة إلى صروف أو دولات، ويوجد في كثير من النسخ:(يدليننا)؛ بسكون الدال وكسر اللام بعدها ياء، وهو تحريف من الكتاب، لأنه من الإدلاء وهو غير مناسب له، والصواب الأول لأنه
من الإدالة، وهي التغليب والنصر، وفي حديث [وفد] ثقيف:(ندال عليهم ويدالون علينا) أي: نجعل منصورين عليهم ويجعلون منصورين علينا، فهو يتعدى إلى مفعول واحد وهو (نا) في البيت وهو ضمير الجمع، ويتعدى إلى المفعول الثاني بـ (على) كما في الحديث، والأصل: يديلنا الله عليهم ويديلهم علينا، فلما حول إلى البناء للمفعول صار المفعول نائب الفاعل، فاللمة في البيت منصوبة على نزع الخافض وهو (على)، فالتقدير: يدلننا على اللمة- بفتح اللام- وهي الشدة، قال الجوهري: وأما قوله:
أعيذه من حادثات اللَّمَّة
فيقال: هو الدهر، ويقال الشدة، وأنشد الفراء:(يدلننا اللمة من لماتها) مع البيت الذي قبله. وضمير لماتها للصروف، وقد غفل الدماميني عما قلنا من الحذف والإيصال فقال: واللمة الشدة، كذا قال الفراء، وأنشد هذا البيت شاهدًا عليه، وقد عداه فيه إلى مفعولين، فكأن المعنى: لعل الحوادث تجعل لنا الشدة دولة، فنستريح مما نحن فيه، فأنظره فلست على وثوق من صحته! انتهى. ولو تنبه للحديث السابق، أو لقول الجوهري: والإدالة: الغلبة، يقال: اللهم أدلني. على فلان وانصرني عليه؛ لجزم بما قلنا. وقوله: فتستريح من زفراتها، جمع زفرة بسكون الفاء، وهي تردد النفس في الجوف حتى تنتفخ الضلوع، وكان يجب فتح الفاء في الجمع، لأنه اسم غير صفة، ثلاثي صحيح العين ساكنها غير مضاعف، لكنه سكنت للضرورة، بخلاف دولات ولمَّات وعلَاّت، فتسكينها على القياس.
وقوله: (وتنقع الغلة من غلاتها) بنصب تقنع بالعطف على تستريح، والنقع: قطع الحرارة بالماء، وفي المثل:(الرسف أنقع) أي: أقطع