الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عمران، وقيل: شبيه، قال الواقدي: وتوفي أبو طالب في النصف من شوال في السنة العاشرة من النبوة وهو ابن بضع وثمانين سنة، واختلف في إسلامه، قال ابن حجر: رأيت لعلي بن حمزة البصري جزءًا جمع شعر أبي طالب، وزعم أنه كان مسلمًا ومات على الإسلام، وأن الحشوية تزعم أنه مات كافرًا، واستدل لدعواه بما لا دلالة له فيه، انتهى، ومن شعره فيه، صلى الله عليه وسلم:
ودعوتني وزعمت أنك صادق
…
ولقد صدقت وكنت ثمَّ أمينا
ولقد علمت بأنَّ دين محمد
…
من خير أديان البرية دينا
ومن شعره الذي قاله وهو في الشعب:
ألا أبلغا عني على ذات بيننا
…
لؤيًّا وخصَّا من لؤيِّ بني كعب
ألم تعلموا أنَّا وجدنا محمدًا
…
نبيًا كموسى خطَّ في أوَّل الكتب
وأنَّ عليه في العباد مودَّة
…
وخيِّر فيمن خصَّه الله بالحبِّ
وهي قصيدة جيدة على هذا الأسلوب.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثامن بعد المائتين:
(208)
ألا ربَّ مولود وليس له أب
…
وذي ولد لم يلده أبوان
وذي شامة غراء في حرِّ وجهه
…
مجلَّلة لا تنقضي لأوان
ويكمل في تسع وخمس شبابه
…
ويهوم في سبع معًا وثمان
على أن رب للتقليل، فإن مولودًا لا والد له في غاية القلة، وكذلك ذي ولد لا أبوين له، وكذلك الثالث.
والبيت الأول استشهد به سيبويه في ترخيم اسحار في أنك تحركه بأقرب الحركات إليه، وكذا نقول: انطلق إليه في أمر، تكن اللام فتبقى ساكنة، والقاف ساكنة، فتحرك القاف بأقرب الحركات إليها وهي حركة الطاء، قال أبو جعفر النحاس: فإن قيل: فقد جئت بحركة موضع حركة، فما الفائدة في ذلك، فالجواب إن الحركة المحذوفة كسرة، انتهى، أي: فالفتحة أخف منها، فأصل يلده بكسر اللام وسكون الدال للجزم، فسكن المكسور تخفيفًا، فحركت الدال لالتقاء الساكنين بحركة هي أقرب المتحركات أيها، وهي الفتحة، لأن الساكن غير حاجز حصين.
قال المبرد في "الكامل": كل مكسور ومضموم إذا لم يكن من حركات الإعراب يجوز فيه التسكين، وأنشد هذا البيت وقال: لا يجوز ذلك في المفتوح لخفة الفتحة، انتهى.
ووقع صدر هذا البيت في رواية سيبويه: "ألا رب" كما هنا، وجاء في "إيضاح الفارسي" برواية:"عجبت لمولود" وكل منهما رواية صحيحة، ونسبه سيبويه لرجل من أزد السراة، والبيت الثاني رواه الجاريردي وغيره كذا:
وذي شامة سوداء في حرِّ وجهه
…
مخلَّدة لا تنقضي لأوان
وهي رواية أحسن من الأولى، وروي مصراع البيت الثالث:"ويهوم في سبع مضت وثمان".
وقوله: وذي شامة، الشامة: علامة مخالفة لسائر البدن، والخال: هي النكتة السوداء فيه، وأراد بالشامة: المسحة التي في القمر يقال: إنها من أثر جناح جبريل عليه السلام، قال الخفاف: شبه النكتة التي تظهر في المسمى "أرنب القمر" بالشامة، انتهى.
وأراد بكمال شبابه صيرورته بدرًا في الليلة الرابعة عشر، لأنه حينئذ في غاية البهاء والضياء، كما أن الشباب في غاية قوته وحسن منظره، وأراد بهرمه: ذهاب نوره ونقصان ذاته في الليلة التاسعة والعشرين، فإن السبعة والثمانية هي خمسة عشر، إذا انضمت مع الخمسة والتسعة المتقدمة وهي أربعة عشر، صارت تسعة وعشرين، وهذا الضم استفيد من قوله: معًا، ورواية "وذي شامة غراء" غير مناسبة، كرواية مجللة، اسم فاعل من التجليل، وهو التغطية، وحر الوجه: ما بدا من الوجنة، أو ما أقبل عليك منه، أو أعتق موضع فيه، ومخلدة: باقية، بالجر صفة لذي شامة، وبالنصب حال منه، واللام في قوله: لأوان، بمعنى في، أو بمعنى عند، وذكر العدد في الجميع، لأنه باعتبار الليالي.
قال أبن عبد البر في "مقدمة الاستيعاب": الأزد: جرثومة من جراثيم قحطان، وافترقت فيما ذكر ابن عبدة وغيره من علماء النسب على نحو سبع وعشرين قبيلة، ويقال لبعض منهم، أزد السراة، وهو من أقام منهم عند جبل السراة بفتح السين المهملة.
وقوله: ألا رب مولود وليس له أب
…
أي: رب إنسان مولود، فمولود: صفة لمجرور رب المقدر، أو جملة:"وليس له أب" في موضع الصفة لمجرور رب، وجوابها محذوف تقديره: وجد، وهذه الواو هي سماها الزمخشري واو اللصوق، أي: لصوق الصفة بالموصوف، وجعل من ذلك قوله تعالى:
{وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم} [الحجر/4] أو هي حال من مولود، ولا وصف لمجرورها، لأنه غير لازم عند سيبويه ومن تبعه.
قال أبو حيان في "شرح التسهيل": واستدل ابن طاهر على أنه لا يلزمه الوصف بقوله: ألا رب مولود وليس له أب، ألا ترى أن مولودًا لم يوصف! قال ابن عصفور: ومما يبين أنه لا يلزمه الوصف أنك تجد أماكن إن جعلت ما بعد المخفوض صفة لم يبق للمخفوض ما يعمل فيه لا في اللفظ ولا في التقدير، لأن معنى الكلام لا يقتضي عاملًا محذوفًا بل تجد المعنى مستقلًا من غير حذف، نحو قول امرئ القيس:
فيا ربّ يوم قد لهوت وليلة
…
البيت
ألا ترى أن المعنى مستقل بما في اللفظ خاصة، وإن رمت أن تتكلف حذف عامل فقدرت: ظفرت بها أو تمتعت بها، كانت زائدة غير مفيدة، لأن ذلك