الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكليب: قبيلة، ونهشل ومجاشع ابنا دارم، ومجاشع قبيلة الفرزدق، ونهشل أعمامه، وهما أشرف من كليب.
ويروى: "فيا عجبا" بغير تنوين، وقلب الياء ألفًا وكان قبل القلب: يا عجبي، أنتهى كلامه، وكذا في "شرح أبيات الجمل" لابن هشام اللخمي.
وقال ابن السيد في "شرح أبيات الجمل" يروى: فيا عجبًا، بالتنوين وبدونه، فمن نون فله وجهان؛ أحدهما: أن يكون منادى منكورًا، والثاني: أن يكون مصدرًا، والمنادي محذوف كأنه قال: يا قوم اعجبوا عجبًا، ومن لم بنون ففيه وجهان أيضًا، أحدهما، وهو الأجود: أن يكون منادي مضافًا، على لغة من يقول: يا غلاما أقبل، كأنه قال: يا عجبا أحضر، فهذا من أوقاتك، والآخر: أن يريد: يا عجباه، وأكثر ما تستعمل هذه الزيادة في الندبة، وقد استعملت في غير ذلك، نحو:
يا مر حباه بحمار عفراء
…
إذا أتى قريته بما شاء
من الشعير والحشيش والماء
انتهى، ويجتمع نسب جرير مع الفرزدق في حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، فإن الفرزدق بن غالب بن صعصعة بن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع ابن دارم بن مالك بن حنظلة، وجرير: هو ابن عطية بن الخطفى، وهو حذيفة ابن بدر بن مسلمة بن كليب بن يربوع بن حنظلة.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد السادس والتسعون بعد المائة:
(196)
يغشون حتَّى ما تهرُّ كلابهم
…
لا يسألون عن السَّواد المقبل
على أن حتى فيه ابتدائية، قال سيبويه في "باب حتى": ويدلك على حتى أنها من حروف الابتداء أنك تقول: حتى أنه ليفعل ذاك، كما تقول: فإذا إنه يفعل ذاك، ومثل ذلك قول حسان بن ثابت:
يغشون حتَّى لا تهرُّ كلابهم
…
البيت
قال أبو علي في "تعليقته" على الكتاب: يعني: لو كانت الجارة للاسم لوجب أن تفتح إن بعدها، لأن تلك لا تدخل إلا على اسم وأن مع صلته اسم، انتهى.
وقال: وارتفع الفعل بعد حتى من حيث ارتفع الاسم، لأن حتى لو كانت الجارة ولم تكن التي هي بمنزلة حرف من حروف الابتداء، لا نتصب الفعل بعدها كما ينجر الاسم بعدها ولم يرتفع، انتهى.
وقال في "تذكرته" بعد أن أنشد هذا البيت:
اعلم أن يغشون للحال الماضية، أعني أنه حكاية لما مضى من الحال، كما كان قوله تعالى {وإنَّ ليحكم بينهم يوم القيمة} [النحل/124] حكاية لما يأتي من الحال، وكذلك {إنّا مرسلوا الناقة} [القمر/27] حكاية لما مضى من الحال، ولولا تقديرك له بالحال ما صح الرفع، لأن الرفع لا يكون إلا والفعل واقع، ويغشون لا يكون إلا للحال أو للآتي، فلو قدرته للآتي لم يصح الرفع، إذا كان لا يكون الرفع إلا وما قبله واقع والآتي لا يكون واقعًا، فثبت أن يغشون للحال إذا كانت الحال واقعة، كأنه قال: من عاتهم أنهم يغشون حتى لا تهر كلابهم، أي: لا يزالون يغشون، انتهى.
وقوله: فلو قدرته للآتي لم يصح الرفع، أي: رفع الفعل الذي بعد حتى، وهو: نهر، والمراد في البيت: يغشون كثيرًا حتى ما تهر، لأن عدم الهرير
وهو أنس الكلاب، لا يتسبب عن مطلق الغشيان، وإنما يتسبب عن كثرة الغشيان، وقد أشار إليه شارح ديوانه بقوله: يقول: قد أنست كلابهم بكثرة من يأتيهم، فلا تهر على أحد، انتهى، وكثرة من يأتي يستلزم كثرة الإتيان، قال الأزهري في "التهذيب": الهرير: دون النباح، تقول: هر إليه، وهره، وبه يشبه نظر الكماة بعضهم إلى بعض، وفلان هره الناس، أي: كرهوا ناحيته، قال الأعشى:
أرى النّاس هرُّوني وشهِّر مدخلي
…
ففي كلِّ ممشى أرصد النّاس عقربا
انتهى، ويغشون بالبناء للمفعول، أي: يقصدون للمعروف، قال الأزهري: الغاشية: السؤال الذي يغشونك يرجون فضلك ومعروفك، ثم قال وغاشية الرجل: من ينتابه من زواره وأصدقائه، انتهى، وقال أيضًا: السواد: الجماعة من الناس، والجمع: أساود، وكل شخص من متاع أو إنسان أو غيره سواد، انتهى، والمراد هنا الأول، وإنما لم يسألوا لأنهم في سعة، وأدوات قراهم موفرة مرتبة، لا يبالون بمن جاء إليهم قل أو كثر، فالمراد لا يسألون عن عدد السواد المقبل، فإن العادة بين الناس تهيئة النزل على حسب الواردين، وقطع "لا يسألون" عما قبله، لأنه استئناف بياني، كأنه قيل: ما سبب
كثرة الغشيان إليهم؟ ونزل منزلة الفعل اللازم، لأن المعنى: لا يصدر منهم سؤال، ولهذا لم يقدر له مفعول، لأنه لم يتعلق به غرض، وكذا بنى يغشون على المجهول، ولم يذكر الفاعل، لأنه لم يتعلق به غرض، وإنما المراد الإخبار عن كثرة تردد القاصدين إليهم.
وقد أخذ المصراع الأول داود بن سلم في مدحه حرب بن خالد بن يزيد بن معاوية، روى الأصبهاني في "الأغاني" عن ابن يونس أن دواد بن سلم خرج إلى حرب بن خالد المذكور، فلما نزل به حط غلمانه متاع دواد بن سلم، وخلوا عن راحلته، فلما دخل عليه قال:
ولّما دفعت لأبوابهم
…
ولا قيت حربًا لقيت النَّجاحا
رأيناه يحمده المجتدون
…
ويأبي على العسر إلّا سماحا
ويغشون حتَّى ترى كلبهم
…
يهاب الهرير وينسى النُّباحا
قال: فأجازه بجائزة عظيمة، ثم أستأذنه في الخروج فإذن له، فأعطاه ألف دينار، فلم يعنه أحد من غلمانه، فظن أن حربًا ساخط عليه، فرجع فأخبره بما رأى، فقال له: سلهم لم فعلوا بك [ذلك]؟ فسألهم، فقالوا: إنا ننزل من جاءنا، ولا نرحل من خرج عنا، فسمع الغاضري حديثه، فأتاه فقال له: أنا يهودي إن لم يكن الذي قال لك الغلمان أحسن من شعرك!
وداود بن سلم: مولى بني تيم بن مرة، وهو مخضرم من شعراء الدولتين الأموية والعباسية، وكان أقبح الناس وجهًا، وكان من ساكني المدينة المنورة، انتهى.
البيت من قصيدة لحسان مدح بها آل جفنة ملوك الشام، وهذه أبيات منها بعد المطلع بثلاثة أبيات:
لله درُّ عصابة نادمتهم
…
يومًا بجلِّق في الزّمان الأول
يمشون في الحلل المضاعف نسجها
…
مشي الجمال إلى الجمال البزَّل
الضَّاربون الكبش يبرق بيضه
…
ضربًا يطيح له بنان المفصل
والخالطون فقيرهم بغنيِّهم
…
والمنعمون على الضَّعيف المرمل
أولاد جفنة حول قبر أبيهم
…
قبر ابن مارية الكريم المفضل
يغشون حتَّى ما تهر كلابهم
…
لا يسألون عن السَّواد المقبل
يسقون من ورد البريص عليهم
…
بردى يصفِّق بالرَّحيق السَّلسل
يسقون درياق الرَّحيق ولم يكن
…
تدعى ولا ئدهم لنقف الحنظل
بيض الوجوه كريمة أحسابهم
…
شمُّ الأنوف من الطِّراز الأوَّل
فلبثت أزمانًا طوالًا فيهم
…
ثمَّ ادَّكرت كأنَّني لم أفعل
إلى أن قال بعد أربعة أبيات:
إنَّ التي ناولتني فرددتها
…
قتلت قتلت فهاتها لم تقتل
كلتاهما حلب العصير فعاطني
…
بزجاجة أرخامها للمفصل
قوله: لله در عصابة
…
الخ، العصابة، بالكسر: الجماعة، ولله دره: كلمة مدح، والمنادمة: المجالسة على الشراب، وجلق، بكسر الجيم واللام
المشددة، قال الجواليقي في "المعربات": يراد به دمشق، وقيل: موضع بقرب دمشق، وقيل: أنه صورة امرأة كان يخرج الماء من فيها في قرية من قرى دمشق، وهو أعجمي معرب، وقد جاء في الشعر الفصيح، وأنشد هذا البيت؛ واليوم هنا مطلق الزمان، يريد عصرًا ودهرًا، وقوله: مشي الجمال إلى الجمال البزل، أي: يمشون برزانة ووقار، لأن البزل جمع بازل، وهو الذي استكمل سنة من الإبل، وبعده الانحطاط، ويطلق على المحنك الذي جرب الأمور وعرفها كمال المعرفة، بطريق الاستعارة، والكبش: البطل الفارس، والبيض: جمع بيضة، وهي الخوذة، والمرمل: اسم فاعل من أرمل الرجل إذا فني زاده وافتقر.
وقوله: أولاد جفنة، بفتح الجيم وسكون الفاء بعدها نون، هو أبو ملوك عرب الشام، وهو جفنة بن عمرو مز يقياء بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس ابن ثعلبة بن مازن الغساني، وهم من اليمن، وابن مارية: هو الحارث الأعرج، وهو الحارث الأصغر بن جبلة بن الحارث بن ثعلبة بن عمرو بن جفنة، وأما ابن الأيهم فهو جبلة بن الأيهم بن جبلة بن الحارث الأعرج، وأراد بأولاد جفنة: أولاد الحارث الأعرج، وهم النعمان، والمنذر والمنيذر وجبلة وأبا شمر، وهؤلاء كلهم ملوك، وهم أعمام جبلة بن الأيهم، كذا في "مختصر أنساب العرب" لياقوت الحموي، قال السيد الحرجاني في "شرح المفتاح": قوله: أولاد جفنة، ترك تفصيلهم احترازًا
عن تقديم بعضهم على بعض، وعن التصريح بأسامي الإناث الداخلة فيهم، ومارية: أم جفنة، انتهى، وقوله: عن التصريح
…
الخ، فيه نظر، فإن ذكر نساء الملوك لم يعهد عند ذكر الملوك، وقوله أم جفنة، صوابه: أم الحارث الأعرج كما تقدم، قال جمهور النسابين، مارية بنت ظالم بن وهب بن الحارث ابن معاوية بن ثور بن مرتع الكندية، وقال أبو عبيدة ابن السكيت: هي بنت أرقم بن ثعلبة بن عمرو بن جفنة، فتكون على هذا غسانية، وهي أخت هند امرأة حجر والد امرئ القيس، ثم خلف عليها بعد أبيه، ومارية هي التي يضرب المثل بقرطيها، فيقال:"خذه ولو بقرطي مارية" يضرب للترغيب في الشيء، وإيجاب الحرص عليه، أي: لا يفوتنك على كل حال، وإن كنت تحتاج في إحرازه إلى بذل النفائس، قال الزمخشري في "مستقصى الأمثال": هي أول عربية تقرطت، وسار ذكر قرطيها في العرب، وكانا نفيسي القيمة، وقيل: إنهما قوما بأربعين ألف دينار، وقيل: كانت فيهما درتان، كبيض الحمام، لم ير مثلهما، وروى الميداني أن مارية أهدت قرطيها إلى الكعبة، فكانا معلقين بها، والمفضل: المنعم، أو من أفضل عليه في الحسب: إذا زاد عليه.
وقوله: حول قبر أبيهم، قال السيد المرتضي في "أماليه" رحمه الله: هذا من الاختصار الذي ليس فيه حذف، أراد أنهم أعزاء مقيمون بدار مملكتهم، لا ينتجعون كالأعراب، فاختصر هذا المبسوط في قوله: حول قبر أبيهم، والاختصار غير الخذف، وقوم يظنون أنهما واحد، وليسا كذلك، لأن الخذف يتعلق بالألفاظ، وهو أن تأتي بلفظ يقتضي غيره ويتعلق به، ولا يستقل بنفسه،
ويكون في الموجود دلالة على المحذوف، فيقتصر عليه طلبًا للاختصار، والاختصار يرجع إلى المعاني، وهو أن تأتي بلفظ مفيد لمعان كثيرة، لو عبر عنها بغيره لاحتيج إلى أكثر من ذلك اللفظ، فلا حذف إلا وهو اختصار، وليس كل اختصار حذفًا. انتهى كلامه.
وقوله: يسقون من ورد البريص
…
الخ، هو بفتح الموحدة، وآخره صاد مهملة، موضع بأرض دمشق، قاله البكري والصاغاني، وقوله، بردى بفتحات، أي: ماء بردي، ففيه حذف مضاف، وبردي: نهر من أنهار دمشق، ويصفق بالبناء للمفعول، والتصغيق، التحويل من إناء إلى إناء ليتصفى، والباء متعلقة بمحذوف، وقد شرحنا هذا البيت بأوفى مما ذكرنا في الشاهد الخامس عشر بعد الثلاثمائة من "شواهد الرضي".
وقوله: يسقون درياق الرحيق بالبناء للمفعول، قال السكري في شرحه: الدرياق: خالص الخمر وجيده، شبه بالدرياق الشافي، والولائد: جمع وليدة، وهي الخادم، والنقف: استخراج ما في الحنظل، يقول: هم ملوك، لا تجتني ولائدهم الحنظل ولا تنقفه.
وقوله: من الطراز الأول: يعني آباءهم الأشراف المتقدمين، الذين لا تشبه خلائقهم وأفعالهم هذه الأفعال المحدثة.
وقوله: ثم ادكرت كأنني لم أفعل، أي: كأنه كان حلمًا رأيته في النوم.