الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عمر» - فقال: في سين، فجرى مثلا. ويروى أن غلاما لعمر بن عبد العزيز كتب إليه من مصر كتابا ولم يجعل لبسم الله الرحمن الرحيم سينا، فكتب إليه عمر يأمره بالقدوم عليه، فلما قدم قال: اجعل لبسم الله الرحمن الرحيم سينا وانصرف إلى مصر. وكذلك لا يمدّ الباء قبل السين ثم يكتب السين بعد المدّة كما يفعله بعض كتّاب المغاربة، فقد روى محمد بن عمر المدائنيّ من حديث شعيب بن [أبي] الأشعث أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إذا كتب أحدكم بسم الله الرحمن الرحيم فلا يمدّها قبل السين. يعني الباء» وعن ليث عن مجاهد يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم نحوه. ويروى مثله عن ابن عمر، وابن سيرين. وعن عبد العزيز ابن عبد الله وعبد الله بن دينار وغيرهما أن العلماء كانوا يكرهون ذلك وينهون عنه أشدّ النهي حتّى روي عن الضحّاك بن مزاحم أنه قال: وددت أنّي لو رأيت الأيدي تقطع فيه. نعم يستحبّ المدّبين السين والميم كما هو عادة كتّاب المصريين وأهل المشرق. وكذلك استحسنوا مدّ الحاء من الرحمن قبل الميم وقالوا: إنه من حسن البيان، حتّى يروى أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عمّاله إذا كتب أحدكم بسم الله الرحمن الرحيم فليمدّ الرحمن. وهذا مما يتعاطاه كتّاب المغرب دون كتّاب مصر وأهل المشرق. أما غير ذلك من وجوه التحسين فيأتي الكلام «1» عليه في الكلام على الخط إن شاء الله تعالى.
الجملة الثالثة (في بيان موضعها من المكتوب ويتعلّق به أمران)
الأمر الأوّل (تقدّمها في الكتابة)
فيجب تقديمها في أوّل الكلام المقصود، من مكاتبة أو ولاية أو منشور إقطاع أو
غير ذلك، تبرّكا بالابتداء بها وتيمّنا بذكرها، وعملا بالأخبار والآثار المتقدمة في الجملة الأولى. على أنه قد اختلف في معنى قوله تعالى حكاية عن بلقيس حين ألقي إليها كتاب سليمان عليه السلام: إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ
«1» :
فذهب بعض المفسرين إلى أن قوله إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ
من كلام بلقيس، وإنها حكت الكتاب بقولها: وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إلى آخر الآية، فيكون ابتداء الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم، ويكون ذلك احتجاجا على وجوب تقديمها. وذهب آخرون إلى أن قوله إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ
بداية كتاب سليمان، فيكون سليمان عليه السلام، قد بدأ في كتابه باسمه. فإن قيل كيف ساغ على ذلك تقديم اسمه على اسم الله تعالى في الذّكر مع أنّ الأنبياء عليهم السلام أشدّ الناس أدبا مع الله تعالى؟ فالجواب ما قيل: إنه كان عادة ملوك الكفر أنه إذا ورد عليهم كتاب بما يكرهون ربما مزّقوا أعلاه أو تفلوا «2» فيه، فجعل سليمان عليه السلام اسمه تقيّة لاسم الله تعالى فذكره أوّلا. ومن هنا اصطلح الكتّاب في الكتب الصادرة عن ملوك الإسلام إلى ملوك الكفر بكتابة ألقاب الملك المكتوب عنه في وصل فوق البسملة، تأسّيا بسليمان عليه السلام.
أما ما يكتب في طرّة الولايات من العهود والتقاليد وغيرها، فإنه في الحقيقة جزء من المكتوب، فلا يوصف بأنه شيء مقدّم على البسملة. وأما الطغراة «3» التي كانت توضع في مناشير الإقطاعات في وصل بين وصل الطّرّة والبسملة فيها ألقاب السلطان على ما سيأتي في الكلام على كتابة المناشير في موضعه إن شاء الله تعالى، فإنها كتابة أجنبيّة مكتوبة بخطّ غير الكاتب فلم تنسب