الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سلوك طريقه وجدده؛ ولذلك أجيب فلان إلى الحضور والمستخدمون معه، وأذن في المقابلة بالقوانين القديمة والباقي والجرائد، والموافقة على ما رأيته في البوادي والعوائد، والتنزّه عن كل ما شذّ عن الحجة المؤكّدة بتوفيقك وتوفّر الموجود لهذه السّنة فيه عليه، وحسم موادّ استزادته في كلّ ما تمسّك به وأشار إليه، والثّقة من بعد مستحكمة بتوفّرك على ما يرادف إليك إمداد الحمد، وتجديدك كل قربة تنضمّ إلى سوابقها المتجاوزة حدّ الإحصاء والعدّ.
فأما ما تضمّنته إشارتك في حقّ الستر الرفيع، فهل الصّلاح إلا من نتائج أقوالك؟ وهل مساعيك إلا موقوفة على الخير وأفعالك؟، وهل الموافقة إلا لك في جميع آرائك وأبحاثك، وبحكم ابتدائك لاستقامة النّظام فيما قرب وبعد، والسّكون إلى إسعافك في كلّ أمر يحدث ويتجدّد، ويبعث على ما يعيذ رونق الحشمة من الوهن، ويهز طاعتك في كل أمر يحقّق التقدير فيها والظّن؟ فإذا تصفّحت حقوق الوكلاء المجتباة وجدت موفّرة على اقتناء الأجر، مصروفة في وجوه البرّ التي هي أنفع الذّخر في غد. وهل الأعواض إلا عند من يظنّ الدنيا بعينها قيمة تنافس؟ وهل مصيرها إلا إلى انقضاء ولو أسعفت بالرغائب والنفائس؟ غير أن الأحوال إذا كشف مستورها أثبت ما يقتضي إسبال ستر الإشفاق، والبواطن متى أعرب عنها أشمت ذاك كلّ مجانب للدولة من أهل النّفاق.
وأنت المعتمد لتدبير ما يصون حشمة الدولة عن البذلة والخلل، والمرجوع إليه في تحسين الأمر فيما وقع الاجتهاد فيه حتى تيسّر قدره وتسهّل. ولهذا تفصيل قد أوعز إلى فلان باستقصاء شرحه، وإطلاعك على حقيقة الأمر وفصّه. فكن بحيث الظنّ فيك، تجد زند جمالك بذلك أورى، وتجب لك به صنوف الشّكر طورا، إن شاء الله تعالى.
الضرب الثاني (ما يكتب عن الخلفاء إلى وزراء الملوك)
وهي مما يؤتي في صدرها بحرف النداء غالبا. كما كتب عن المسترشد
إلى معزّ الدين الفضل بن محمود، وزير معز الدين سنجر «1» بن ملكشاه.
مقامك يا معزّ الدين، أحسن الله حياطتك وكمّل موهبته عندك- في خدمة الدار العزيزة التي ما زلت لجهدك فيها باذلا، وفي جلابيب المناصحة رافلا؛ لا يقبضنّك أن تواصل حالا فحالا بأنبائك، وتستديم ما خصصت به من شريف الآداب الموفية بك على أكفائك. وعرض بحضرة أمير المؤمنين ما ورد منك دالّا على طاعتك المعهودة، وموالاتك الرائقة المشهودة، واستمرارك على الجدد «2» والمهيع «3» فيما حاز المراضي الشريفة الإمامية لك، وحقّق في الفوز بجميل الآراء أملك، وناطقا بحال فلان المارق عن الدين، المجاهر بمعصية الله تعالى في مخالفة أمير المؤمنين، وما اقتضاه الرأي المعزّيّ بحسن سفارتك، وسداد مقصدك في الطاعة وصفاء نيتك. وأحاط علما بمضمونه الذي لا ريب أنه ثمرة مناصحتك، ونتيجة سعيك المضاهي نصيحة عقيدتك. ومن أولى منك بهذه الحال؟ وأنت الحوّل القلّب «4» ، ذو الحنكة المجرّب، الذي تفرّد في الأنام «5» .
بكماله، وقصّر أكفاؤه «1» عن درك شأوه في الخير ومثاله. وما زلت حديثا وقديما موسوما، بهذه المزيّة مرقوما، وبغير شكّ أنك تراعي ما بدأت به، وتعضّد مقالك في موارده بما تعمده في مصادره، وتحرس ما قدّمته من الاحتياط بتحرّيك في أواخره، وتمضي العزيمة لإتمام ما شرعت فيه، كفاء ما يوجبه دينك ويقتضيه، جريا على وتيرتك فيما قضى للأحوال بالانتظام والاتّساق، وآذن لشمس الصّلاح بالإضاءة والإشراق.
وبعد، فقد عرفت ما تكرّر إليك في أمر هذه الطائفة الخبيثة، المكاشفة بمذهب الإلحاد، المبارزة بسوء الاعتقاد، بعثا على جهادها، وكفّ ضررها عن الإسلام وفسادها، ورفع ستر المراقبة عنها، والانتقام لله ولرسوله منها. وما يقنع من همة معزّ الدولة والدين- أمتع الله ببقائه- ومن وافر عقلك ودينك، وصدق يقينك، إلّا بإرهاف العزيمة في مكاشفتها، وخوض الغمار في محاربتها، والقصد لمضايقة من اعتصم منها بالقلاع، وقتل كلّ من يظفر به في سائر البقاع، حميّة وامتعاضا للدين، وأنفا مما استولى عليه بها من الضرر المبين.
فكن من وراء الحبّ لمعزّ الدنيا والدين على تيقّنك هذا المثال، والادّكار بما تفوز به مع الامتثال له في المآل، وانهض في تنفيذ ما يأمرك به في هذا الباب نهضة من أتزر رضا الله وأراده، وبذل في صلاح معاده اجتهاده، فإن الله سبحانه لا يرضى منكما للانتصار لدينه بالتقصير، وأمير المؤمنين أمركما بالجدّ فيه والتشمير.
وقد شرّفك بتحفة أمر بحملها إليك من بين يدي سدّته، وأعرب بها عن مكانك من حضرته، إنافة على الأمثال بقدرك، وإضفاء لملابس فخرك، فاعرف بمكان النعمة في ذلك، واسلك في القيام بشكرها أوضح المسالك، وأدم المواصلة بمطالعتك، وقدّم التوقّع من إجابتك، تفز من المراضي الشريفة بالحظ الأسنى، ويجتمع لك منها الاسم والمعنى، إن شاء الله تعالى.