الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقرّها إيوانكم، وأصحاب الإمام مالك رضي الله عنه مستقرّها قيروانكم؛ وهجير المنابر ذكر إمامكم، والتوحيد أعلام أعلامكم، والوقائع الشهيرة في الكفر منسوبة إلى أيّامكم، والصحابة الكرام فتحة أوطانكم، وسلالة الفاروق عليه السلام وشائج سلطانكم، ونحن نستكثر من بركة خطابكم، ووصلة جنابكم، ولولا الأعذار لوالينا بالمتزيدات تعريف أبوابكم.
والله عز وجل يتولّى عنا من شكركم المحتوم، ما قصّر المكتوب منه عن المكتوم، ويبقيكم لإقامة الرّسوم، ويحلّ محبّتكم من القلوب محلّ الأرواح من الجسوم، وهو سبحانه يصل سعدكم، ويحرس مجدكم، ويوالي نعمه عندكم.
والسّلام الكريم، الطّيب البرّ العميم، يخصّكم كثيرا أثيرا، ما أطلع الصبح وجها منيرا، بعد أن أرسل النسيم سفيرا، وكان الوميض الباسم، لأكواس الغمائم على أزهار الكمائم مديرا، ورحمة الله وبركاته، إن شاء الله تعالى.
الطرف الثامن (في المكاتبات الصادرة عن الأمراء من العمّال وأمراء السّرايا في صدر الإسلام إلى من في معناهم)
وكان الغالب في مكاتباتهم الافتتاح بأما بعد والتعبير عن المكتوب عنه بلفظ الوحدة، وخطاب المكتوب إليه بالكاف.
كما كتب الحجّاج «1» بن يوسف إلى المهلّب «2» بن أبي صفرة، وهو يومئذ نائب عن الحجّاج على بعض الأعمال والحروب:
أما بعد، فإنّك تتراخى عن الحرب حتّى تأتيك رسلي ويرجعون «1» بعذرك، وذلك أنك تمسك حتّى تبرأ الجراح وتنسى القتلى ويجمّ الناس، [ثم تلقاهم فتحتمل منهم مثل ما يحتملون منك من وحشة القتل وألم الجراح]«2» ولو كنت تلقاهم بذلك الحدّ «3» لكان الداء قد حسم والقرن قد قصم، ولعمري ما أنت والقوم سواء؛ لأنّ من ورائك رجالا وأمامك أموالا، وليس للقوم إلا ما معهم، ولا يدرك الوجيف بالدّبيب، ولا الظّفر بالتعذير.
وكما كتب المهلّب إلى الحجّاج مجيبا له عن ذلك.
أما بعد، فإنّي لم أعط رسلك على قول الحقّ أجرا، ولم أحتج فيهم «4» مع المشاهدة إلى تلقين. فذكرت «5» أني أجمّ القوم، ولا بدّ من راحة يستريح فيها الغالب ويحتال المغلوب «6» . وذكرت أن في الجمام تنسى «7» القتلى وتبرأ الجراح، وهيهات أن ينسى ما بيننا وبينهم. يأبى ذلك قتل من لم يجن، وقروح لم تعرق «8» ، ونحن والقوم على حالة، وهم يرقبون منّا حالات، إن طمعوا حاربوا، وإن ملّوا وقفوا [وإن يئسوا انصرفوا، وعلينا أن نقاتلهم إذا قاتلوا ونتحرّز إذا وقفوا]«9» ، ونطلب إذا هربوا، فإن تركتني فالدّاء بإذن الله محسوم «10» ، وإن أعجلتني لم أطعك ولم أعص وجعلت وجهي إلى بابك، وأنا أعوذ بالله من سخطه «11» ومقت الناس.