الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحالة الثانية- أن يكون مخزوما مسمّرا بدسرة «1» من الورق على عادة المغاربة
ومن جرى مجراهم، فيرفع الختم الملصق عليه من الشّمع، وتقلع الدّسرة ويفتح الكتاب.
وأما قراءة الكتب فإنه يجب أن يكون من يقرأ الكتب على الملوك ومن في معناهم ماهرا في القراءة، فصيح اللسان في النّطق، رقيق حاشية اللّسان في حسن الإيراد، قويّ الملكة في استخراج الخطوط المختلفة، سريع الفهم في حسن الإيراد، قويّ المملكة في استخراج الخطوط المختلفة، سريع الفهم في إدراك المعاني الخفيّة؛ وأن تكون قراءته على رئيسه- من سلطان أو غيره- بحسب ما يؤثر ملكه أو أميره سماعه من السّرعة والبطء، وأن يكون ذلك بصوت غير خفيّ بحيث يعسر سماعه، ولا مرتفع بحيث يعدّ صاحبه خارجا عن أدب المخاطبة للأكابر، وأن يقرّب لمن يقرأ عليه فهم المقاصد التي اعتاصت عليه إذا سأله عنها، أو غلب على ظنه أنها لم تصل إلى فهمه، بحسن إيراد، وتلطيف عبارة يحسن موقعها في النفوس ويجمل وقعها في الأذهان.
الجملة السادسة (في كراهة طرح الكتاب بعد تخزيقة: وهو فضّه، وحفظه بعد ذلك في الإضبارة
«2» )
أما كراهة طرحه فقد قال محمد بن عمر المدائني في كتاب «القلم والدواة» : كرهوا تخزيق الرسائل ورميها في الطّرق والمزابل، خوفا على اسم الله تعالى أن يداس، أو تلحقه النجاسة والأدناس. قال: وفي رفع ما طرح من
الكتاب أعظم الرغائب وأجلّ الثواب؛ وساق بسنده إلى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، كرّم الله وجهه، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من كتاب يلقى ببقعة من الأرض فيه اسم من أسماء الله إلّا بعث الله إليه سبعين ألف ملك يحفّونه بأجنحتهم ويقدّسونه، حتّى يبعث الله إليه وليّا من أوليائه فيرفعه من الأرض. ومن رفع كتابا من الأرض فيه اسم من أسماء الله تعالى، رفع الله اسمه في علّيّين وخفّف عن والديه العذاب وإن كانا مشركين» . ويروى: «من رفع قرطاسا من الأرض فيه مكتوب «بسم الله الرحمن الرحيم» إجلالا له أن يداس، أدخله الله الجنة وشفّعه في عشرين من أهل بيته كلّهم قد وجب له النار» .
وأما حفظه في الإضبارة فهو أمر مطلوب، والإضبارة عبارة عن ورقة تلفّ على جملة من الكتب قد جمعت في داخلها ويلصق طرفها بالنّشا. والقاعدة فيها أن تلوى الكسرة من أسفلها، وإن طال بعضها في طيّه وقصر بعض جعل التفاوت في الطّول والقصر من أعلاها. قال في «صناعة الكتّاب» : ومعناها الجمع؛ لأنها يجمع بعضها إلى بعض. ومنه قيل: تضبّر القوم إذا تجمّعوا، ورجل مضبّر الخلق أي مجتمعه، وناقة مضبّرة ومضبورة، وضبر الفرس إذا جمع قوائمه ووثب. ويقال للإضبارة أيضا إضامة «1» بكسر الهمزة وتشديد الميم لضم بعضها إلى بعض، والمعنى فيها صيانة الكتب وحفظها عن الضّياع. وقد جرت عادة كتّاب ديوان الإنشاء بالديار المصرية أن يجعل لكل شهر إضبارة تجمع فيها الكتب الواردة على أبواب السلطان من أهل المملكة وغيرهم، ويكتب عليها «شهر كذا» . وقد سبق القول في مقدّمة الكتاب أن الديوان كان له في زمن الفاطميين كاتب يكتب الكتب الواصلة ويبسط عليها جرائد، كما يكتب
الكتب الصادرة عن الأبواب السلطانية ويبسط عليها جرائد؛ وأن ذلك بطل في زماننا وصار الأمر قاصرا فيها على حفظ الكتب في الإضبارات؛ متى احتيج إلى الكشف عن كتاب منها، أخذ بالحدس أنه ورد في السنة الفلانية، وتكشف إضباراتها واحدة بعد واحدة حتّى يقع العثور عليه، ولا خفاء فيما في ذلك من المشقّة، بخلاف ما إذا كان لها جرائد مبسوطة، فإنه يسهل الكشف منها، ويستدلّ بتاريخه على إضبارته فتخرج ويقع الكشف منها، ولكن أهمل ذلك في جملة ما أهمل.