الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجملة الثانية (في العنوان، وفيه سبع لغات)
حكاها صاحب «ذخيرة الكتّاب» . واقتصر في «صناعة الكتّاب» على ذكر بعضها: إحداها عنوان- بضم العين وواو بعد النون. والثانية عنيان- بضم العين وياء تحتية بعد النّون. والثالثة عنيان- بكسر العين. والرابعة علوان- بضم العين ولام بدل النون. والخامسة علوان- بفتحها. والسادسة علوان- بكسرها.
والسابعة عليان بالكسر مع إبدال الواوياء؛ ويجمع عنوان على عناوين، وعلوان على علاوين. ويقال: عنونت الكتاب عنونة وعلونته علونة، وعنّنته بنونين الأولى منهما مشدّدة تعنينا، وعنّيته بنون مشدّدة بعدها ياء تعنية، وعنوته أعنوه عنوا بفتح العين وسكون النون، وعنوّا بضمّهما وتشديد الواو.
واختلف في اشتقاقه؛ فمن قال عنوان، جعله مأخوذا من العنوان بمعنى الأثر؛ لأن عنوان الكتاب [أثر بيان] «1» ممن هو وإلى من هو. قال النحاس:
وأكثر الكتّاب لا يعرف غير هذا؛ واحتجّوا لذلك بقول الشاعر يذكر قتل أمير المؤمنين «عثمان بن عفّان» رضي الله عنه: (بسيط)
ضحّوا بأشمط عنوان السّجود به
…
يقطّع الليل تسبيحا وقرآنا
وزعم بعضهم أن العنوان مأخوذ من قول العرب: عنت الأرض تعنو إذا أخرجت النبات، وأعناها المطر إذا أظهر نباتها. قال النحاس: فيكون عنوان على هذا فعلانا ينصرف في النّكرة ولا ينصرف في المعرفة. وقيل هو مأخوذ من عنّ يعنّ، إذا عرض وبدا. قال النحاس: فعلى هذا ينصرف في النّكرة والمعرفة لأنه فعلال.
ومن قال: علوان، أبدل من النون لاما، كما في صيدلانيّ وصيدنانيّ؛
فيكون الاشتقاق واحدا. وقيل علوان مشتقّ من العلانية؛ لأنه خطّ ظاهر على الكتاب.
ومن قال: عنيان وعنيان، جعله من عنيت فلانا بكذا إذا قصدته. قال في «موادّ البيان» : والعنوان كالعلامة، وهو دالّ على مرتبة المكتوب إليه من المكتوب عنه. والأصل «1» فيه الإخبار عن اسمهما حتّى لا يكون الكتاب مجهولا، والمراد أنه يكتب فيه «من فلان إلى فلان» أو «لفلان من فلان» قال:
ولم يزالوا يكاتبون بأسمائهم إلى أن ولي عمر بن الخطّاب، رضي الله عنه، الخلافة ولقّب بأمير المؤمنين، فكتب:«من عبد الله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب» . ثم وقع الاصطلاح على العنونة للرّؤساء والنّظراء والمرؤوسين والأتباع بالأسماء؛ ثم تغيّر هذا الرسم أيضا.
وكان المأمون يكتب في أوّل عنوانات كتبه: بسم الله الرحمن الرحيم، فكانت تكتب قبل اسم المكتوب إليه والمكتوب عنه. وقد ذكر أبو جعفر النحاس أن ذلك بقي إلى زمانه، وكان بعد الثلاثمائة. قال في «موادّ البيان» : ثم بطل بعد ذلك. قال: والأصل فيه أن يبتدأ باسم المكتوب عنه ثم باسم المكتوب إليه وهو الترتيب الذي تشهد به العقول؛ لأن نفوذ الكتاب من المكتوب عنه إلى المكتوب إليه كنشء الشيء وخروجه من ابتداء إلى نهاية. فابتداؤه من المكتوب عنه، وانتهاؤه إلى المكتوب إليه؛ ولفظ «من» يتقدّم لفظ «إلى» بالطبع؛ لأن حرف «من» ينبيء عن منشإ الشيء، و «إلى» حرف يخبر عن النهاية التي عندها قرار الشيء، والابتداآت في الأشياء قبل النّهايات.
قال: وعلى هذا كانت كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن سلف من الأمم الماضية؛ ثم عرض للناس رأي في تغيير هذا الرّسم إلى غيره، ففرّقوا بين مراتب المكاتبين من الرؤساء والعظماء والخدم والأتباع بتقديم اسم المكتوب
إليه إذا قصدوا إعظامه وإجلاله وتأخير اسم المكتوب عنه، ورأوا أنه الصواب الصحيح. على أن كتّاب زماننا يقتصرون في أكثر عنواناتهم على ذكر المكتوب إليه دون المكتوب عنه ولا يذكرون المكتوب عنه إلا في مكاتبات خاصّة قليلة.
قال في «صناعة الكتّاب» : ولا يتكنّى المكتوب عنه على نظيره، بل يتسمّى له ولمن فوقه، ثم يقول: المعروف بأبي فلان. وإن كانت كنيته أشهر من اسمه واسم أبيه، جاز أن يكتب كنيته «1» بغير ألف ويجريها مجرى الأسم. قال النحاس: وإن كان الكتاب إلى اثنين أحدهما أكبر من الآخر، فيقدّم الأكبر، وكذلك لو كان لى ثلاثة. قال أبو جعفر النحاس: وقد استحسن جماعة أن يصغّر اسم المكتوب عنه على عنوانات الكتب، ورأوا أن ذلك تواضع. وما ذكره هو المستعمل في المكاتبات الجاري عليه حكم الدواوين إلى زماننا. والأصل في ذلك ما ذكره النحاس أن الحجاج بن يوسف، كتب إلى عبد الملك بن مروان وهو خليفة، في طومار «2» :«لعبد الله عبد الملك أمير المؤمنين» ثم كتب في طرّته بقلم ضئيل: من الحجّاج بن يوسف، فجرى الكتّاب على أسلوبه فيما بعد.
قال في «معالم الكتابة» : ولا يكثر النعوت ولا الدّعاء على العنوان للسلطان ولا للكبراء، أما من الأعلى «3» إلى الأدنى فحسن. وقد تقدم في مقدّمة الكتاب أن صاحب ديوان الإنشاء هو الذي يعنون الكتب السلطانية، وأنها كانت لا تعنون قبل كتابة السلطان عليها علامته. والذي استقرّ عليه الحال في كتب السلطان وما في معناها من المشتملة على الألقاب أن تكتب الألقاب في العنوان، ويدعى فيها بدعوة واحدة وهي المفتتح بها المكاتبة.